هذه فاجعة تحتاج ألم وليس قلم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

رجل ضرير "جابر الانصاري" وخادمه " عطية العوفي"يتبادلان مجالسة القبور، قبور يفوح منها عطر الشهادة في ارض امتزجت فيها اشلاء الاجساد قبل دمائها، كانت رائحة ذلك العبد الاسود "الحر الرياحي"تطوف فوق سماء كربلاء، وهناك على مقربة ليلة وضحاها قافلة تسير، فحواها نياق هزل ونساء قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوهن، بعد ان حدى بهم الاعداء بعيدا عن اهليهم والديار، فعادوا لنقطة البداية، واي بداية؟ صبيحة يوم عاشوراء.

 

من هناك كانت بداية المسير، وبمقياس الزمن بعد يومين سيُلم شملهم، بعد رحلة السبي الطويلة ستقف "الرباب" وترضع طفلها فقد در حليب صدر الام بعد جفافه في يوم العاشر من محرم، ستنادي " ليلى" ولدها "علي الاكبر" فقد اشتاقت لرؤية رسولها الكريم، "سكينة" ستذهب بعيدا عن القبور وتنحدر في الوادي تبحث عن قبر عمها "العباس" تشكي له ظلم الاعداء، وجور الايام، وسياط الشمر لايزال اثرها على ظهرها العفيف، بين اصوات البكاء والعويل سيعلوا صوت تلك المرأة مرتفعا بالهلاهل والتباشير وبيدها اناء وضعت فيها الحناء والشموع وتوقض عزيزها " القاسم" فمراسيم الزفاف لم تكمل بعد، "ورملة" مازالت تترقب ليلة زواج ولدها.

 

لكل امرىء منهم تلك الساعة شأن يغنيه، وشاغل يشغل تلك النساء الثكالى اللاتي ارهقهن زجر السياط، وحرقة الفراق، سيقف " السجاد" يشكي لجابر الانصاري وكيف فُرق بين اجساد القوم ورؤسهم، كيف ذبح الرضيع ونحر، سيحدث جابر عن لوعة عطش ابيه الحسين وعن السهم الذي اعمى عمه العباس، سيصف لجابر كيف احرقت الخيام وسلبت النساء، و اخذهن سبايا من بلد الى بلد، يتصحف وجوهن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي.

 

حر قلبي، وعجزت كلماتي، وتوارت عن القلم مفرداتي، جلست اتوسل بمخليتي، استجدي الصور والاحداث، اقلب بين صفحات كتبي، فلا " ابو الاسود الدوئلي" ولا "سيبويه" ولا حتى اعظم الشعراء واكثرهم من تغنى وراقص المعاني العربية والمرادفات النحوية قادر على وصف ذلك اللقاء بين ادم وحواء، لا بل من هو اكبر، عذرا ياربي، مازلت اعجز وسأظل كذلك امام ذلك الملتقى، حين يجالس جبل الصبر الفداء، وحين يحاور العز الاباء، حين مرج البحرين يلتقيان بينهم مصائب "فاطمة" و "علي" يتبادلان، اي لقاء؟ واي حديث؟ واي عتاب واعذار؟

 

ستحط رحالها، وتخرج من تحت عبائتها رأس أخيها، تتوسد "زينب" التراب، فحبيب لا يجيب حبيبه ياحسين، تناديه بتلك الكلمات فأنى لك بالجواب وقد فصل بين رأسك وجسدك، تحطم زينب عليها السلام سلاسل صبرها وتبث شكواها وحزنها لاخيها الحسين، شاكية له جور الدهر، ومافعل الاعداء، وكيف كان "يزيد" جذلانا مسرورا، ينكث ثنايا الرأس الشريف بمخصرته، كثيرة هي تلك الآلام في قلب الحوراء، وكأني بجسد الحسين واقفا يتفحص العائدين، نحره الطاهر، وجسده المقطع الاشلاء، حوافر الخيول، وسهم ذو ثلاث شعب، وحجر "ابو الحتوف"، الحسين بتلك الحال سيسأل الحوراء، فتلك سكينة بقرب العباس، وليلى جنب الاكبر و رملة عند القاسم، والرضيع في حضن الرباب، والسجاد يحادث جابر، ورقية؟ مالي لا أرى رقية؟ ستخبره زينب وسيكون الرأس شاهدا انها فارقت الحياة بين جدران خريبة الشام، ماتت وهي تحتضن الرأس الشريف.

 

في مدينة الرسول الاعظم، امرأة هرمة طاعنة في السن، على يدها رضيع وفي اليد الاخرى قارورة مليئة بالرمال، وفي صحن دارها فتاة مريضة تركها الاهل وهي تنتظر رجوعهم، تواسي احداهما الاخرى ويصبران بعضهما، وهن ينتظرن "بشر بن حمبل" فصوت وقع فرسه بات قريبا، وقلوبهم مشتاقة لخبر الحسين، فهل ياترى يطمئن قلب "ام البنين" ويطيب خاطر تلك الفتاة "فاطمة العليلة" بعودة المسافرين القادمين من كربلاء، ربما نجد الجواب في ابيات "ام كلثوم" ؛

 

مدينة جدنا لا تقبلينا

فالبحسرات والاحزان جئنا

وقد ذبحوا الحسين ولم يراعوا

جنابك يارسول الله فينا

ذهبنا عنك بالاهلين جمعا

فعدنا لا رجال ولا بنينا


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/10



كتابة تعليق لموضوع : هذه فاجعة تحتاج ألم وليس قلم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net