صفحة الكاتب : هشام حيدر

المدرسة السنية ....والصف الشيعي
هشام حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

حاولت (المدرسة السنية) دعم الحكام الذين تعاقبوا على حكم الدولة الاسلامية -او الولايات في حالات التشرذم - بكل الوسائل المتاحة ومنها تجيير النصوص الدينية او تحريفها او حتى اختلاقها !
وقد نزعت هذه (المدرسة ) نزعة قومية في الغالب مع بعض الاستثناءات في المنهج, ولكن بالاستعانة في الغالب برموز اثبتوا حضورهم وفاعليتهم وان لم يكونوا عربا ولكن حيث كانت المصلحة السياسية تقتضي ذلك فان الدولة القومية لم تتوان عن الاستعانة بهم ولعل ابرز الامثلة على ذلك ائمة المذاهب وكتاب الصحاح والمساند المعروفة !
وخلاصة القول انها (المدرسة) تبنت شعار (الغاية) تبرر الوسيلة للحفاظ على (السلطة) لاعلى شيء اخر وقد خلعت على ساساتها ارفع الالقاب الدينية وان عرفوا بالفسق والمجون والتهتك فالخليفة ( ولي الامر ورافع راية الاسلام ) وان مزق القران وجعله هدفا لسهامه !
ومع نصوص صريحة تفيد بان لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ظهرت نصوص اخرى تفيد بان على الرعية ان تسمع وتطيع وتنفذ صامتة... عليه فان (البعث) لم يات بجديد حين تبنى شعار (نفذ ولاتناقش)....وان ادعى ان شعاره هو (نفذ ثم ناقش)!!
واخذ كتاب التاريخ في هذه المدرسة يخلد قادتها ويلهج بالثناء عليهم لخصلة هنا او هناك وقد يبتدع هذه الخصلة حتى ان لم يجدها فيه ثم يغض الطرف عن كل مساوئه والتبريرات جاهزة عند من تصدوا للدفاع عن صفحات كتاب التاريخ المظلم هذا من قبيل الحفاظ على وحدة الامة من التفكك ولاجل قوتها ومنعتها ولئلا تكسر شوكة السلطان  وان جاعت الامة وهزلت وان ادمن السلطان الفتك على الشك والشبهة  !
وتتبارى منابر المدرسة في شن الحملات على من يرفع السيف بوجه اعتى الطواغيت الذين تعاقبوا على التسلط على رقاب الامة .....الا ان ذات المنابر تستدير بزاوية 180درجة لتمجد حامل السيف ان انتصر وجلس هو على الكرسي واصبح هو ولي الامر الذي يحرم حمل السيف بوجهه !
رغم ان المدرسة تفتخر بان احدهم قد قال يوما للخليفة (لو ملت عدلناك بقوائم سيوفنا) !!
ولاضير...فالمدرسة تمجد من ورث الحكم لولده  ....كما تمجد من جعلها شورى ....ولكلتا الحالتين مزاياها التي تستحق التمجيد ولاتناقض بينهما!
وهي تمجد خليفة اوفى بعهده او قد تمجد عربيا اوفى بعهده لان الوفاء بالعهد من (شيم العرب)...وذات المدرسة تمجد قائدا(عربيا) لم يف بعهده لقائد الاعداء وغدر به وقتله او لانه قتل رسول عاصمة الخلافة الذي اخبره بموت الخليفة بعد ان تاكد انه لم يخبر احدا غيره (لئلا يسمع الجيش وتضعف عزيمته)....وذات المدرسة تمجد قائدا سمع بمرض قائد جيش العدو فارسل له طبيبه ليعالجه رغم ان ذات القائد قد ارتكب ابشع المجازر بحق ابناء امته لمجرد اختلافه معهم في المذهب !
اخر تناقضات هذه المدرسة –القومية- والتي ادمنت اشهار كرت القومية بوجه مخالفيها ..خضوعها لحكام من قومية اخرى بل ومن قوميات مختلفة جيء بهم عن طريق غزو بلغاريا واليونان ودول البلقان ودول مايسمى (الجمهوريات السوفيتية) السابقة ....نعم كان اخر التناقضات هو الخضوع لهؤلاء الحكام مجهولي الاصل والمعادين في الغالب للقومية العربية وذلك ابان مايسمى (الخلافة العثمانية) التي تعتمد اللغة التركية في دواوينها ومدارسها حتى اذا مااعلن موتها كان معظم ساسة العراق لايجيدون القراءة والكتابة الا بالتركية !
ومن الخدمة تحت العلم العثماني وطاعة اوامر الولاة الارمن والشركس والترك والقتال تحت امرتهم انتقلوا الى طاعة وخدمة المنتصر الانكليزي !
ورغم منزلة وكبر سن (النقيب)...(الكيلاني)... الا انه كان خاضعا خانعا امام (المس بيل) و غيرها من رموز الاحتلال البريطاني لالشيء سوى الاحتفاظ بالمنصب و...............اقصاء الشيعة عن الحكم وادارة الدولة وهو من سبق له الافتاء بالجهاد ضد الانكليز !
لكن النقيب لايختلف عن الزهاوي او الرصافي ونوري السعيد وغيرهم في سرعة (نقل الخدمات) مقابل الحفاظ على الوجاهة والمكاسب وابعاد (الروافض) ..بل ان الامر وصل بمثل (النقيب الكيلاني) ان يلوم (المس بيل) على الاستفتاء الصوري الذي تنوي حكومة الاحتلال البريطاني تنظيمه في العراق للوقوف على راي العراقيين في شكل الحكم الذي يطمحون اليه....كما لام الحكومة البريطانية على نقل (بيرسي كوكس) الى طهران كسفير قائلا(خاتون!هناك الف ومائة رجل في انكلترا بوسعهم شغل منصب السفارة في ايران لكنه ليس هناك من يليق للعراق سوى السر برسي كوكس فهو معروف ومحبوب وموضع ثقة اهالي العراق ....وسيكون محامينا المتكلم باسمنا..) !!
وهو يرى ان الانكليز قد اريقت دمائهم على ارض العراق فلابد لهم من التمتع بما فازوا به كما يتمتع الاخرون ويتمنى ان يدوم حكم الانكليز ولخص الامر بقوله (وعندما اسئل عن رايي في استمرار الحكم البريطاني اجيب اني من رعايا المنتصر )!!
-لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ,الجزء الخامس ص 89 ومابعدها).
وكان النقيب كاذبا مخادعا فهو لايؤمن بان يكون من رعايا المنتصر بل هو يؤمن بان يكون في ركاب المنتصر شريطة ان لايكون منافسه وخصمه ,ولو ان خطة بريطانيا بالاستعانة بالشيعة قد نجحت ولم يرفضها الشيعة لكان النقيب واحدا من قادة الجهاد ضد (المحتل الصليبي الكافر)!
ثم شرع النقيب الكيلاني في الطعن بمعارضي الانكليز وراى انهم (لاسمعة لهم ولاشرف)...(ثم تطرق الى الشيعة واخذ يذمهم ذما قبيحا – فهم انفسهم الذين قتلوا الحسين الذي يعبدونه الان كما يعبدون الله , فالتقلب والوثنية تجتمعان فيهم فاياك ان تعتمدي عليهم)!!!
لم يعترض على اعتماد كوكس او المس بيل اليهود او المسيحيين او غيرهم.......مشكلة الرجل مع الشيعة تحديدا!
وهكذا سارت الامور ابان الحقبة الملكية ....وبهذا النفس تعاملوا مع عبد الكريم قاسم وصبوا نقمتهم على امه (كيفية) التي سببت هذا الخرق في المؤسسة العسكرية فنشا ابن (جاسم البكر)......نشأة وسطا لاتحمل بين جنباتها النفس الطائفي المعتاد!
وثبت ان (ابناء النقيب الكيلاني) لم يكونوا صادقين بالادعاء انهم من (رعايا المنتصر)...وهكذا جاء اعلان (الجهاد) من ماذن ومنابر الاعظمية صبيحة الرابع عشر من تموز (لاستعادة المجد السليب)....وبعدها ليكن مايكون حتى وان كان البديل هو البعث وحرسه اللاقومي ومجازره الشهيرة التي سكتت عنها ماذن الاعظمية وغيرها كما سكتت عن الاحتلال البريطاني لابل ان المندوبية البريطانية لم تجد اطيب من الاقامة في الاعظمية ذاتها كما ان عبد السلام عارف لم يجد منطلقا لمؤامراته على قاسم خيرا من الاعظمية كما ان البعث لم يجد مقرا لحرسه القومي .....خيرا من الاعظمية !
وتبارت الانظمة لاحقا في (رعاية) الاعظمية حتى صنع منها المقبور صدام دولة داخل الدولة فامر بـ(تعظيم)الاعظمية من خلال منع (غير الاعظمي)...من السكن في الاعظمية !
ورغم ان صدام قد امعن بالعراقيين عامة قتلا وتشريدا الا انه مع ذلك خص الشيعة والكرد بالنصيب الاوفر كما انه امعن في اقصائهم عن ادارة الدولة وجعلها حكرا على ابناء (المدرسة السنية) ومن يجيد ان يكون (من رعايا المنتصر)...من الشيعة والكرد !
وهكذا استقتل غالبية ابناء المدرسة السنية من مشايخهم الى اراذلهم في الدفاع عن نظام البعث العفلقي الماسوني مادام يصب في مصلحة....مدرستهم!
وكان هذا هو الاساس الذي جمع غالبية ساستهم سواء الذين دخلوا العملية السياسية او الذين عارضوا الغزو الامريكي وماترتب عليه باعتبار ان الاحتلال باطل (ومابني على باطل فهو باطل)..رغم ان (شرعيتهم)السابقة بنيت على ذات الباطل بدءا من الاحتلال البريطاني الى الانقلاب العارفي الى الانقلاب البعثي باختلاف ان القطار الذي اتى بهؤلاء كان قطارا امريكيا ولم يكن بريطانيا !
ولست ادري كم هو حجم الاختلاف بين الدبابة الامريكية والقطار الامريكي ؟.....اذ ان من اتى بالقطار بات يطعن بشرعية .... من اتى (على ظهر الدبابة الامريكية) رغم ان من صعد القطار صعد بحجز مسبق اما الاخر فقد دخل مع الدبابة لا على ظهرها وكان دخوله مجرد تحصيل حاصل!
ويبدو ان خوفنا من انتشار فايروس انفلونزا الخنازير كان مبالغا فيه بشكل كبير....اذ ان هناك فايروسا اخطر كان ينتشر منذ مدة طويلة ودون ان تظهر اية اعراض جانبية على المصابين به ....والفايروس هذه المرة لم يات من امريكا او بريطانيا ..بل ان العدوى انتقلت فيه من (المدرسة السنية)...لعدد من ابناء (الصف الشيعي)!
وكانت تجارب العقود المنصرمة لاسيما القريب منها الى الاذهان من تاريخ العراق السياسي الحديث قد اضعفت المناعة في الجسد الشيعي كما يبدو الامر الذي مهد لتقبل احتضان هذا الفايروس ....الطائفي !
تفتخر (المدرسة الشيعية) بفتوى للشيخ ابن طاووس يقول فيها ان (الكافر العادل خير من المسلم الجائر) ....كما تفتخر بمقارعة الحكام الظالمين وبتقريع وعاظ السلاطين وفقهاء البلاط .....لكن امرا غريبا طارئا على فقه هذه المدرسة نسمعه ونلمسه اليوم يقدم ذات المبررات التي قدمتها المدرسة الاخرى سابقا في دعم الطواغيت تصب خلاصتها اليوم بما يسمى ....(الصف الشيعي)!
فلأجل الحفاظ على (الصف الشيعي) ينظر هؤلاء لوجوب طاعة (ولي الامر) والامتناع عن (كسر شوكته)...وان غرز اشواكه وخناجره في اجساد الجميع وسرق قوتهم ونهب اموالهم وادمن شراء الذمم والاقلام والاصوات وكذب على هذا وخدع ذاك واستخف بالدستور والقانون وحمل بنو حزبه على رقاب الناس يقضمون مال الشعب قضمة الابل نبتة الربيع يتبارون في رفع الارصدة في بنوك الدول حتى جعلوا البلد في مقدمة البلدان بالفساد لابالبناء والنمو الاقتصادي ولم يجدوا له فضيلة الا مازعموه من (تحقيق الامن) رغم ان قندهار وليست كابل حتى....اكثر امنا من بغداد !
مريب مانسمعه ونقرأه مؤخرا حول (وجوب دعم فلان حفاظا على وحدة ......الصف الشيعي) !!!
ولست ادري كيف نقبل لانفسنا ماعبناه على غيرنا بالامس ؟؟!!
وكيف نقبل لانفسنا ان نقع في خطأ اخوتنا الذين دعموا صداما وغيره حفاظا على .....(الصف السني)..؟؟؟!!!
والحقيقة هي ان لا اولئك كان هدفهم وحدة صفهم ولاهؤلاء........انما هي اباطيل واحابيل الساسة في تمتين عروشهم وخداع البسطاء والمغفلين بشعارات طائفية او قومية او عرقية بحسب الظروف والمصالح !
فقد اطلعنا التاريخ ان من حاربوا الموالي وحطوا من منزلتهم لم يانفوا من تملقهم ان صاروا ائمة في الفقه او الحديث يخلعون على عروشهم صفات القدسية ويوجبون على الرعية فروض الطاعة والولاء !
كما اطلعنا التاريخ ان من ادعوا الحرص على (الخلافة الاسلامية) واوجبوا طاعتها كانوا اول من يطعنها في ظهرها كي يكون من ....(رعايا المنتصر)!
لذا اقول لمن ادمنوا مهاجمتي مؤخرا بصنوف السب والشتم واللوم بدعوى (وقوفي ضد وحدة الصف ...الشيعي).....اقول:
ياقوم ان كنتم تعبدون طوائفكم فاني بريء مما تعبدون من دون الله!
وما اريد ان اخالفكم فيما انهاكم عنه !
ماسخطت على صدام لانه من تكريت ولن امجد احدا لمجرد انه من كربلاء او من النجف!
وما ابغضت صدام لانه (من ابوين سنيين).....ولن امجد المالكي لانه ........(من ابوين شيعيين)!
يدعون اتفاق (الصف الشيعي) على طاغوت ولو صدقوا لقالوا انه نجح في شراء ذمم ساسة عرفوا برخص اثمانهم وان علت قيمتها وحاشا للصف الشيعي ان تتفق كلمته على دعم طاغية !
 وان اتفقت كلمة (الصف الشيعي) على السير خلف طاغية ..........وهو محال ....ولكن فرض المحال ليس بمحال ..فلتسجلوا عني اني ابرأ الى الله منه وممن اتفقت كلمتهم عليه !
فلن اعبد صدام..........سنيا كان ام شيعيا !
مع ان صدام لم يكن يعرف السنة.............كما لم يعرف التشيع......... صدامنا الجديد!
 
 
هشام حيدر
الناصرية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هشام حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/10/31



كتابة تعليق لموضوع : المدرسة السنية ....والصف الشيعي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net