صفحة الكاتب : يحيى غازي الاميري

رُهَــابُ المَطَـرُ
يحيى غازي الاميري

اِنتَصَفَ اللَّيْلُ

جَدَدتُ كأساً مِنْ النبيذِ الأحمَرِ

أَجْلِسُ وَحِيداً فِي صَالَةِ شَقَّتِنَا

عَيْنَايَ مُتَسَمِّرَتَانِ

  لِلنَّافِذَةِ الْوَاسِعَةِ

تَرْنُو بِوَجَلٍ لمَنظَرِ

 إِنْهِمَار المَطَرِ

خَلفَ لَّوْحُها الزُجاجِي الشَفّافْ

وأَنا مُنهَمكٌ أستمعُ إلى أغنيّةٍ

شَجيّةٍ :

(بَيّنْ عليه الكبر... والحَيل راح الحَيل

 بالغربة ضاع العمر... وامساهر أويه الليل)

يُخَالِطَها صَوْتُ زَمجَرة المَطَر

وهَزِيْزُ الرِّيحِ

يُطيحُ بأوراقِ الشَجَرِ

ويَعْصِفُ بشباكِ نافذتِي

ويُخفِي ضَوْءُ القَمَر.

 سُحُبٌ رمادِيةٌ غامقةٌ

تَجرِي مُسرعةً

محملةً بمياهِ البَحَر.

يَومٌ مَطِر

ها قَدْ

مَضَتْ ثمانيّة ساعاتٍ متتاليةٍ

وَلَمْ يَنْقَطِعْ صَوْتُ الرَّعْدِ

 وَوَمِيضَ الْبَرْقِ

 وَخَرِيرِ الْمَطَرِ

أَيَّتُهَا السَّحْبُ الْغَاضِبَةُ

مُهِمّا تُبْرِقِينَ وَ تَسْكُبِينَ مِنْ الأمَطارِ

لَنْ أَخَافَكْ

إِنَّ الْبَيْتَ هُنا حَصِينْ،

والطُرقاتُ والشَوَارِعُ

والحَدائِقُ

فِرْدَوْسٌ أَمينْ.

رَحلتُ بَعيداً..بعيداً

بِذاكرَتِي

أَستذكرُ أشياءً مِنْ لَيالِي الخَوفِ

 الحَزينةِ.

 رُعْبٌ مُزْمِنٌ

مُسْتَقٌر

فِي أعماقِ صَدرِي

مِنْ أَشْيَاءٍ عَدِيدَةٍ 

أَوْرَثَتْنِي الْخَوْف وَالْهَلَع

مِنْهَا هُطُولِ

المَطَر

تَذَكَّرَت القَلَقَ الّذِي يُرَافِقُ 

أُمِّي

وهيَّ تُغَالِبُ الحُزْنَ وَالدُّمُوعَ

الَّتي تَكَورَتْ خَلفَ رمُوش

عَينَيها

وَهِيَ تَرتَعِدُ

تَوجساً

أنْ ينهارَ الجِدَارُ أو سقَّف الدَّار

أو يَتَهاوَى التَنُورُ

أو قُنُّ الدَّجاج

المُسْتَكِين فِي أَخَّرِ المَمَرّ

أو أنْ تغمرَ

المِياه

مَوضَعَ حَرز غلة الحُبوب

مِنْ كثرةِ تَساقُطِ المَطَرِ.

وكُلَّما اِشْتَدَّ المَطَر

ونَحْنُ نَجلسُ القُرْفُصاءَ

عَلَى ضَوءِ سِّراجٍ خافتٍ

حَولَ مَوْقِدُ الجَمرِ

تَتَحَدثُ أُمِّي

 بِصَوتٍ خَفيضٍ

عَنْ مأساةِ

بِرَكِ الماءِ

فِي شَوارعِ المَدِينَةِ

وتَخَبط ِ

 الأطفالِ فِي الأَوحالِ

 الَّتي سَوفَ يخلفها المَطَر.

خَلَّفَ بَابُ غُرْفَتِنَا الْمُغْلَقِ

 وَشُبَّاكِهَا الْمُوصَدِ

ظَلَامٌ دَامِسٌ

وَرِيَاحٌ عَاصِفَةٌ  تَزْأرُ

وكِلابٌ تَعْوي

مَعَ كُلٍّ

  وَمْضَة بَرْقٍ

وَصَوتِ رَعدٍ

أَبي يَبتَسِمُ ضاحكاً

 وَهوَ يُدَاعِبُ خَرَزَاتِ مَسبَحَتِهِ

وَ يُرَدِّدُ

بِصَوْتِهِ الوَقُورِ

- إِنَّ أَفْضَلَ أنْوَاعِ الخَيَرِ

 هوَ خَيْرُ المَطَر.

أَيُّهَا الْمَطَرُ، أَيُّهَا الْقَادِمُ مِنْ السَّمَاءِ

كَمْ أَرْعَبَتْنِي فِي لَيَالِي الصِّغَرِ

وَأنتَ تَحجِّبُ عَنْ عينيَّ

لَمَعانِ تَلألؤِ النجُومِ

ووَجهِ القَمَر.

يَا أيُّهَا المَطَر

يَا مانح المياهَ

 للحَياةِ

ومُدِيمِ عُنْفُوانِ الشَجَر 

كمْ أحُبّكَ

رَغمَ الذُعْر

المُستَتَر.

هَذَيَانٌ  مَعَ الْفَجْرِ ، مالمو فِي  20-11-2017

الرُهَابُ: وهوَ الخَوفُ مِنْ مُسَبِّباتِ الهَلَعِ المُختلفة

بَيّنْ عليه الكبر: أغنية عراقية غناها المطرب حسين نعمة من كلمات الشاعر الشعبي فاضل لفته ، والحان الفنان عباس ضاري

هَزِيْزُ : صَوْت حادّ يُشبه الصَّفير، هَزِيْزُ الرِّيحِ: دَويُّهُا

عٌنْفُوان: زهْوه وغَطْرَسَته


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غازي الاميري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/11/20



كتابة تعليق لموضوع : رُهَــابُ المَطَـرُ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net