صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

مقدمات التعرف على القرآن الكريم عند الشيخ مرتضى مطهري
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال تعالى (( انّ هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات انّ لهم اجرا كبيرا )) 9 ، الاسراء
انزل الله تعالى القرآن الكريم كتاب هداية للانسان ، من يقرأ القرآن او يستمع له لا بد وان يفهم شيئا منه  ،  فهو  ليس كتاب الغاز او مبهمات  ، انه كتاب هداية يمكن فهمه  ولكن بنسب مختلفة ، مع مراعاة مستوى الفهم ودرجته حسب الزمان والمكان، فهمنا للقرآن اليوم ليس بالضرورة ان يكون نفس فهم من سبقنا بعشرات  السنين  او  مئات السنين  ،  وهذه ميزة في القرآن يمكن اعتبارها من معاجز كتاب  الله الكثيرة  ،  لان الفهم  بشري ، لكن النص القرآني آلهي  ،  فالانسان الامي يفهم من القرآن شيئا يعينه على حياته في الدنيا  ،  لكن هذا الفهم يختلف عن فهم انسان اخر متعلم متنور ، وهذا يختلف عن فهم  انسان  عالم في  العلوم  الدينية  ،  كذلك  فهم عالم في علوم المعرفة الاخرى انسانية اوعلمية قد يختلف عن فهم عالم الدين ممن لا يملك  معرفة  في  هذه العلوم ، وليس  بالضرورة  ان يكون الاختلاف  في عموم  الايات  القرانية  ،  بل  قد يقتصر على بعض الايات التي فيها اشارات علمية او انسانية يفهم منها المختص  في هذه العلوم غير ما يفهمه غير المختص  ،  وهذه  حالة طبيعية خاضعة  لسلم  التطور البشري الذي هو سنة آلهية ، وفي رأينا ان اعلى نسب الفهم  لكتاب الله العزيز  تكون عند النبي محمد (ص)  ، ومن بعده الائمة المعصومون  المكلفون برعاية  الدين  من بعد الرسول(ص)  ، لانهم ورثة علم النبوة ، ومن بعدهم الصحابة الاجلاء  ، وعندما يتحدث الرسول او الامام الى الناس في زمانه عن  القرآن  انما  يتحدث  بعقول  ذلك الزمان ، رغم احاطة الرسول او الامام بالمعاني الكلية التي تستوعب جميع  الازمنة والاماكن،لكن ضرورات التبليغ تستوجب حديث النبي (ص) بمستوى  عقلية  وثقافة ذلك الزمان  ،  ولو قدر للرسول  ان يتحدث  لنا  عن معاني القرآن اليوم لسمعنا  من الاحاديث  ما  لم يسمعه الاولون ،  بسبب  اختلاف المستوى  العلمي  والثقافي  اليوم  ولفهمنا  الايات التي فيها اشارات معرفية  علمية  او انسانية بغير  ما فهمت  الاجيال السابقة ، اذن فهم القرآن الكريم  يختلف  حسب  المستوى  الثقافي  والمعرفي  ،  لكل زمان ومكان ، وهذه سمة من سمات  المعجزة  القرآنية  الآلهية  ،  ان لا يكون  الفهم منغلقا او محصورا بزمان معين او  مكان  معين  ،  فهناك من الايات نفهم منها اليوم غير ما كان يفهمه الاولون  ، وليس بالضرورة ان يكون الفهم الخاص  بزمان  معين ان يسري على من بعده من  ازمنة  ،  فالفهم  المتنوع  للقرآن  هو  المعجزة  القرآنية  والمسلمون غير ملزمين بأن يقلدوا في فهمهم للقرآن فهم الاخرين عنه  ،  لان  العقل والفكر والقلب كلها  تفهم  بمعطيات الزمن الذي  تعيش فيه  ،  واذكر القلب  لان  من الناس من يفهم بقلبه فيخشع قبل ان يفهم بعقله  ،  وقد يكون الفهم العقلي بابا  للدخول الى القلب  ،  وقد يكون حجر عثرة امام الخشوع والفهم القلبي ، ولفهم القرآن شروط ومقدمات ، فصّلها بعض العلماء والباحثين  ، ومنهم الشيخ الاستاذ مطهري  ،  حيث حدد اربعة شروط او مقدمات كما اسماها هو رحمه الله تعالى   لفهم القرآن  ،  اولها معرفة اللغة العربية ، لان القرآن نزل وكتب بها ، وهي لغة الفصاحة والبلاغة ، فمن دون التعرف على اللغة العربية  ،  نحوها وصرفها  ،  وبلاغتها يصعب فهم  القرآن  ويتحدد الفهم حينئذ في مساحة ضيقة للغاية  ،  بل قد يسوء الفهم ويصل الجاهل باللغة الى مفاهيم غير التي يريدها الله تعالى في القرآن الكريم .
والمقدمة الثانية لفهم القرآن عند الشيخ مطهري هي  (( الالمام بتأريخ الاسلام  ، لان القرآن ليس مثل التوراة والانجيل اذ عُرض كل منهما وبلّغ الى الناس مرة واحدة من قبل  النبي  موسى وعيسى  ،  بل ان القرآن نزل طوال   23 سنة  من  حياة الرسول الاعظم (ص) من البعثة حتى الوفاة  ،  وخلال  الاوضاع  المختلفة  لتأريخ  الاسلام المملوء حركة وثورة  ،  ولهذا نلاحظ  هناك  اسباب  لنزول  آيات  القرآن  ،  وسبب النزول لا يحدد معنى الاية  ، بل وبالعكس فأن معرفة  سبب النزول  ،  يرشد  ويؤثر تأثيرا كثيرا في توضيح مضمون الايات )) معرفة القران ، مطهري .
اما المقدمة الثالثة فهو ضرورة التعرف على الحديث النبوي الشريف ،  لان  الحديث النبوي الصحيح هو خير معين لفهم القرآن ، والرسول الاكرم (ص) هو  خير  مفسر للقرآن الكريم بتصريح القرآن نفسه ، قال تعالى : (( وانزلنا اليك الذكر لتبين  للناس ما نزّل اليهم )) النحل ،44  ، في رأينا ان الرسول الاكرم (ص) يمتلك اعلى  صور ودرجات الفهم للقرآن  الكريم  ،  وهو  مستوعب  لجميع صور الفهم ومستوياته  في الزمان والمكان ، وهو اذ فسر القرآن في زمان وجوده ، انما فسره بفهم  وثقافة  ذلك الزمان من اجل ان يفهمه الناس كل حسب مستواه وثقافته ، رغم ادراكه لجميع صور الفهم ودرجاته في سلم التطور الزماني والمكاني ،  لكن مهمته  الرسالية  تتطلب  ان يفسر القران بفهم وثقافة ذلك الزمان ، والمستوى  العلمي  والثقافي  والقدرة  الفهمية لاناس ذلك الزمان ، ولو ان الرسول (ص) موجود في زماننا هذا على سبيل الفرض فسيفسر القرآن بفهم وصورة تتناسب والعصرالذي نعيشه من حيث  التطور  العلمي والتقني والثقافي ، وعلاقة ذلك بالعلوم الاخرى  ، وهكذا في كل زمان ومكان  ،  ولو اراد الله تعالى ان يظهر منقذ الانسانية الامام المهدي المنتظر (عج ) في  زماننا  هذا  فالعقل يقول ان الامام المنقذ سيكون خطابه الى الناس يتناسب  والعصر الذي  نعيشه من حيث المستوى العلمي والثفافي  ،  ودرجة  فهم الناس التي  اختلفت  بالتاكيد  عن درجة فهم الناس في عصر الرسول الاعظم (ص) ، اذن الفهم البشري للقرآن الكريم على الاقل لكثير من آيات القران ، لابد وان يتأثر بحالة العصر ومعطياته  من  حيث التقدم  العلمي  والثقافي  ومستوى التطور في العلوم  الانسانية  ، ومجالات  المعرفة الاخرى ، هذه هي المعجزة القرآنية التي تستوعب  جميع  الافهام  مهما  تطور العلم وتقدم  ،  قال تعالى ))  : هو الذي بعث في الاميين  رسولا  منهم  يتلو  عليهم  آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين )) الجمعة ، 2
ويضيف المسلمون الشيعة  احاديث  الائمة  المعصومين  (ع)  الى  الحديث  النبوي كمصدر او مقدمة للتعرف على القرآن الكريم وفهمه كونهم ورثة علم  النبوة  ،  لكن يجب توثيق الاحاديث سواء منها احاديث الرسول الاكرم (ص)  ، او احاديث الائمة الاطهار (ع) ، لان معيار صحة الحديث هو تطابق معناه مع  القران الكريم  ،  وهذا المعيار ماصرح به الائمة الاطهار  حيث دعوا بضرب الحديث  عرض  الحائط  ان اختلف او تقاطع معناه مع القران الكريم ، كذلك فأن الوضع في الحديث قد انتشر في عهد مبكر من حياة المسلمين ، وهذا ما حذر منه الرسول بقوله  :  (( من كذب  عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )) ، يقول الشهيد مطهري  (( الاحاديث  المعتبرة  التي وصلتنا من الائمة لها نفس اعتبار الاحاديث المعتبرة الواصلة من رسول الله ، ولذلك فأن الروايات الموثقة من الائمة تساعدنا كثيرا في معرفة القرآن )) .
اما المقدمة الرابعة للتعرف على القرآن  عند الشيخ  مطهري  فهو القرآن نفسه  ، أي نستعين بالقرآن نفسه على فهم  القران  ، (( اننا اذا اخذنا اية واحدة  من آيات  القرآن  وقلنا اننا نريد فهم هذه الاية فقط ، يعتبر  هذا  اسلوب خاطئ  ،  وبالطبع  يحتمل  ان يكون فهمنا لتلك الاية صحيحا، ولكن هذا عمل مخالف للاحتياط ، فآيات القرآن تفسر بعضها بعضا ، وكما قال بعض المفسرين الكبار فأن الائمة الاطهار ايدوا هذا )) .
ويضيف الشيخ مطهري  :  (( القران له  اسلوب  خاص  بنفسه  في  توضيح  وبيان المسائل ففي موارد كثيرة اذا اخذت اية واحدة من القرآن ، دون عرضها على الايات المشابهة فأنها تأخذ مفهوما  يختلف  كليا عن مفهوم  نفس  الاية اذا  وضعت  بجانب الايات التي تشابهها في المضمون )) .
 وهذا الفهم الذي يشير اليه الشيخ  مطهري  يعتبر  معجزة  من المعاجز الكثيرة  التي يزخر بها كتاب الله تعالى  ، حيث  يستوعب  جميع  انواع  الفهم في  الزمان  الواحد  والمكان الواحد ، والازمنة  المتعددة  وكذلك  الاماكن  المتعددة  ،  وهذا الفهم  للقران الكريم فيه دعوة للتفسير الموضوعي ،  الذي يجمع  عدة آيات من سور عدة  ،  لكنها جميعا تتحدث عن موضوع واحد من جوانبه المتعددة ، ويستوحي الباحث  او المفسر افكارا جديدة من مجمل معاني الايات  ،  وهذا الاسلوب في التفسير هو  ما دعا  اليه ايضا السيد محمد باقرالصدر رحمه الله تعالى،وهو احد العلماء المجددين والمتنورين في عصرنا،حيث كان السيد محمد باقرالصدر من انصار الدعوة للتفسير الموضوعي للقرآن الكريم ، اذ استنبط نظرياته الاسلامية في  الفلسفة  والاجتماع  والاقتصاد  من خلال منهجه في  التفسير الموضوعي للقران، فكان كتابه فلسفتنا واقتصادنا ، وآراءه الاخرى  في الاجتماع   والعلوم  الدينية المختلفة  وفي رأينا ان  التفسير الموضوعي للقران هو الانسب للعصر الذي نعيش فيه ، على عكس التفسير التجزيئي الذي  يفسر كل اية على حدة  وهذا المنهج في التفسير اقصد التجزيئي  سار عليه اغلب المفسرين  وارى ان السيد محمد باقرالصدر هو من  اوائل  المفسرين الذين طبقوا بالفعل  منهج التفسير الموضوعي للقران الكريم  ،  اما الشيخ مطهري فقد كان من اوائل من دعى الى تبني التفسير الموضوعي للقران  ،  اذ اعتبر القران  نفسه  من مقدمات  التعرف عليه ، ويعرض الشيخ مطهري نموذجا من اسلوب القران الخاص في التفسير ، وهو ما يتعلق بالايات المحكمة والايات المتشابهة، نرى  انه من المناسب ان نعرض  رأيه في هذا الموضوع  ((  يعتقد البعض  بان  الايات  المحكمة  هي  التي  عرضت  فيها المواضيع بصورة عادية وصريحة والايات المتشابهة بعكس ذلك ، فأن الموضوعات فيها على صورة الغاز ورموز ، وبمقتضى هذا التعريف يحق للناس  ان يتدبروا  في الايات المحكمة والصريحة فقط ، واما الايات المتشابهة فلا يمكن معرفتها  ،  ويمنع التفكر فيها . )) وهنا بالطبع يطرح هذا  السؤال  نفسه  ،  ما هي  اذن  فلسفة  الايات المتشابهة ؟ 
لماذا يعرض القران آيات غير قابلة للمعرفة ؟
يجيب الاستاذ مطهري ان الآيات المحكمة ليس معناها الآيات الصريحة  والواضحة وليست الالغاز والرموز معاني للمتشابهات ،  اللغز لفظ مبهم  ، لا يفهم معناه مباشرة والآن لننظر هل توجد في القرآن الكريم آيات مبهمة ؟يقول الشيخ مطهري هذا القول ينافي نص القران الذي يقول بان القران كتاب  مبين  في آياته  ،  وان آياته  واضحة ومفهومة وجاءت لتكون نورا وهدى  للناس . ( ولا زلنا  مستمرين  في عرض  آراء الاستاذ مطهري ) ، الا ان سرّ الموضوع يكمن في بعض المواضيع  المعروضة في القران خاصة ، عندما يأتي الكلام  عن ما  وراء الطبيعة  والامور الغيبية  فأنها غير قابلة للبيان والتوضيح اساسا مع الالفاظ ، ولكن بما ان لغة القران هي اللغة المتداولة بين البشر ،فأن هذه المواضيع المعنوية اللطيفة وردت بنفس العبارات  والالفاظ  التي يستخدمها البشر  في الموضوعات  المادية  ،  ولكن لتجنب  سوء  الفهم فأن  المسائل الواردة في بعض الايات لا بد ان تفسر بمعونة الايات الاخرى ، ولا يوجد سبيل غير هذا السبيل .وهذ ارأي الشيخ مطهري في المحكم والمتشابه وكيفية التعامل مع آياتهما  فيقول يريد القران ان يذكر حقيقة ادعاء رؤية الله بالقلب مثلا ، ورد هذا  المعنى  في قالب العبارات (( وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة )) القيامة ، 22 ، 23 استخدم القران لفظة (النظر) لانه لا توجد كلمة انسب من هذه الكلمة،لاداءالغرض والمقصود  ولتجنب الاشتباه  يوضح  القران  في مكان  اخر  ((  لا  تدركه الابصار وهو يدرك الابصار )) الانعام  ، 103
يلاحظ انه ( والكلام لمطهري) على الرغم من التشابه اللفظي  ، لا يوجد  تشابه  بين هذه الامور ،  ويختلف كل عن الاخر  اختلافا  كاملا  ،  والقران لتجنب  الخطأ  بين المعاني العالية والمعاني المادية ، يأمرنا بارجاع المتشابهات  الى  المحكمات  ،  قال تعالى (( نزل عليك آيات محكمات هنّ ام الكتاب )) آل عمران ، 7
بعض الايات محكمة ، أي ان لها ذلك الاستحكام  الذي لا يمكن  فصلها  عن  معانيها  واتخاذ معان اخرى لها ، هذه الايات هي ام الكتاب ، أي انها الايات الام  ،  فكما  ان الطفل يرجع الى امه ، وامه تكون مرجعا له ، وان المدن الكبيرة ( ام القرى )  تكون مرجعا للمدن الاصغر ، فالايات المحكمةايضا تحسب مرجعا للايات المتشابهة . فدعوة الشيخ مطهري هنا دعوة للاستعانة بالقران لتفسير القران  ، وهي ايضا  دعوة للتفسير الموضوعي للقران  ،  أي  عندما نتحدث  عن موضوع ما ،  نستعين  بجميع الايات التي تتحدث عن هذا الموضوع  من  مختلف السور القرانية  ،  للاستعانة  بها على توضيح معطيات الموضوع الذي نتناوله  بالشرح والايضاح  ،  ويعتبر  معاني الايات المحكمة لا تحددها الفاظها  انما اللفظ  المستخدم هو الوسيلة  المتاحة  الوحيدة التي تتناسب واللغة التي يتحدث بها القران، ولا توجد ارقى من هذه الوسيلة التعبيرية حتى يمكن استخدامها في التعبير عن المعنى القراني الراقي الذي عبرنا عنه بالمحكم  فالاية المحكمة نزلت الى مستوى اللغة المستخدمة لغرض  ايصال  المعنى  المقصود  واللفظ وحده في الاية المحكمة لا يعطي المعنى المقصود من دون الاستعانة  بالايات الاخري لتوضيح المعنى المحكم والّاحصل اللبس والابهام ، الايات المتشابهة  للتفكر والتدبر ، ولكن لابد من الاستعانة بالايات المحكمة  لكي نتدبرفيها  وبدون  الاستعانة بالايات الام على رأي مطهري  فأن ما  يستنتج من  الايات  المتشابهة  غير  صحيح وليس له اعتبار . هذه هي المقدمات الاربعة للتعرف على القران عند الشيخ مطهري  وضرب مثلا بالعلاقة بين المحكم والمتشابه لتوضيح المقدمة الرابعة في  فهم  القران  وهي فهم القران بالاستعانة بالقران نفسه،ولم يتطرق الشيخ  مطهري  الى عامل اخر مهم للتعرف على القران ، واغلب المفسرين  والباحثين سابقا  اهملوا هذا العامل  الا بعض الباحثين والمفكرين والفلاسفة الاسلاميين المعاصرين مثل الدكتور عبد الكريم سروش ، رغم ان الشيخ الاستاذ مطهري يعد من العلماء المتنورين الذي استفاد من علوم العصر في تبليغ رسالته ، يقول سروش :( ما من شك ان مطهري اراد ان يأتي بفهم جديد لعدد من المعرف الاسلامية  ،  وهذا الفهم الجديد كان اكثر تلاؤما  مع علم المعرفة وعلم الطبيعة الجديدين ) . كما ان الشيخ مطهري دعى  الى ازالة  الخرافات من العلوم الدينية وتنقيتها استنادا الى علوم العصر ، لكنه لم يعد علوم العصر الحديثة (( كعلم الاناسة  وعلم  المعرفة وعلم الاجتماع ))  كمصدر او احد مقدمات  التعرف على القران الكريم لتساعد المفسر او الباحث في فهم جديد للقران وفق  معطيات هذه العلوم الجديدة ، بل ركز الشيخ مطهري على ضرورة احاطة المجتهد بالموضوعات المطلوب اصدار فتوى فيها ، وهذا يتطلب حسب قول الشيخ (( معرفة رجال الحديث الشيعة والسنة من ناحية ، والاطلاع على فتاوى سائر الفرق  الاسلامية  وفقهها  من ناحية اخرى )) فمعرفة الموضوعات ، أي موضوعات الفتوى  ، هي التي اشار اليها مطهري ولم يشر الى علوم العصر الحديثة في مختلف صنوف المعرفة ، من  خارج صنوف المعرفة الدينية  ،  الا انه اكد  على احد  معارف  العصر  وضرورة  اطلاع المجتهد او المفكر عليها او الباحث عليها ، وهي علوم  الكون الحديثة  ،  كي يستطيع الاسلامي  المختص فهم  الاشارات  الكونية  الموجودة في القران وفق  حقائق الكون الجديدة،كحركية الارض مثلا او الشمس او الكواكب الاخرى، وطبقات الجو وسرعة الضوء او الصوت ...الخ من العلوم الكونية الحديثة الاخرى  كي  يستطيع  المختص اعطاء فهم  جديد  للايات  القرانية  التي  فيها اشارات  كونية  وفق  معطيات  العلوم العصرية الحديثة المستندة  الى الحقائق  العلمية  الجديدة ، لا استنادا  الى   معلومات الكون القديمة التي تتعارض مع العلم الكوني  الحديث  ،  يقول الشيخ  مطهري  بهذا الخصوص  ( عمل  الفقيه  والمجتهد  استنباط  الاحكام  واستخراجها  واطلاعه على الموضوعات واحاطته بها ، ونمط تفكيره ونظرته  الى  الكون تؤثر في  فتواه  تأثيرا كبيرا ) هنا يؤكد الشيخ لاجل الاحاطة بموضوعات الفتوى لابد وان يكون المجتهد ذا علم بهذه الموضوعات ، أي يعرف المعلومات المتعلقة بموضوعات الفتوى فقط ،في حين  ان  العصر الحديث  تقدم  كثيرا  في  مختلف  المجالات  والعلوم ،  وليس  فقط بموضوعات  الفتوى  ،  عليه  يفترض  الاحاطة  بكل  هذه  العلوم  ومعرفة  نتائجها ومسلماتها ، كي يتكمن المجتهد اوالمفكر او الباحث من ان يعطي فهما  لا يتقاطع  او يتناقض مع مسلمات هذه العلوم  ، علما ان القران  الكريم  يستوعب  أي  فهم  علمي صحيح ، وهذه احدى معاجز كتاب الله تعالى ، حيث انه يتناسب مع الزمان في الفهم  اذ يمكن اعطاء فهم جديد للقران يتناسب ودرجات التطور العلمي لان القران يخاطب جميع العقول كل حسب مستواها لانه  كتاب  هداية  للانسانية  ،  ان  الحقيقة  الالهية واحدة كونها الهية ، لكن فهمها هو المتغير حسب المستوى العلمي  والثقافي  ،  يعلق عبد الكريم سروش على كلام الشيخ مطهري  (  ليس  العلم  بالموضوعات  فقط  بل امتلاك المعارف الاساسية الاخرى في علم الاناسة أي علم الانسان  وعلم المعرفة وعلم الاجتماع هي التي تغير نظرة علماء الاسلام، وتبعا لذلك نظرة الفقهاء وتعطيهم فهما  جديدا  للشريعة  والفقه )  اذن  وعلى  ضوء  هذه  المعطيات  لابد  وان  تدخل المكتشفات العلمية الحديثة في مختلف العلوم  ،  وخاصة الحقائق المكتشفة  والقوانين العلمية ومسلماتها ، لا بد وان تدخل كمقدمة خامسة مع المقدمات الاربعة التي ذكرها الشيخ مطهري لاجل اعطاء فهما حديثا للقران الكريم لا يتقاطع  مع الحقائق  العلمية المكتشفة .
 
      علي جابر الفتلاوي
      A_fatlawy@yahoo.com   


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/05



كتابة تعليق لموضوع : مقدمات التعرف على القرآن الكريم عند الشيخ مرتضى مطهري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net