وثائق (ويكيليكس) ورأي الموطن العراقي
علي المالكي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 
أثارت وثائق (وكيليكس) المنشورة بشان حرب العراق ضجة إعلامية وسياسية كبيرة على المستويين الداخلي والدولي بشان الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الأجنبية والعراقية بحسب ماجاء في هذه الوثائق .
وبغض النظر عن المعني والمسؤول في هذا الأمر ، ألا إن الجهات السياسية والحكومية في العراق سارعت ومنذ اللحظات الأولى لنشر هذه الوثائق إلى النفي والتأكيد والتبرير ...  بحسب اتجاه وتوجه كل جهة وبمايتناسب مع مصالحها في هذا الوقت بالتحديد ، وتناسى الجميع خطورة هذه الوثائق ومغزى نشرها في هذا الظرف العصيب الذي يمر به العراق .
وفي الوقت الذي تمر فيه الحكومة بحرج شديد بسبب الاتهامات التي وجهتها الوثائق لرئيس الوزراء الحالي ومرشح التحالف الوطني للدورة الثانية (السيد نوري المالكي) استغلت القائمة العراقية هذا الموضوع ودعت إلى عقد جلسة استثنائية للبرلمان العراقي لمحاسبة السيد المالكي كما ادعى بعض أعضاء القائمة ، فيما تشير اغلب الدلائل إن الهدف من هذه المناورة هو عرقلة المالكي ووضع الصعوبات أمام توجهه لتشكيل الحكومة الجديدة التي لم تولد ملامحها بعد .
واللافت للنظر في هذا الأمر أي من القوائم السياسية لم يتطرق إلى الانتهاك التي حدثت للأبرياء كما تشير الوثائق ... ولم يذكر احد عدد الأبرياء الذين قتلوا منذ بداية الحرب حتى الآن ... ولم تكلف أي جهة سياسية نفسها في التحري ومعرفة المسؤول عن عمليات القتل التي جرت في العراق سواء كانت الأعداد بحجم مانشرته هذه  الوثائق أو اقل من ذلك .
وبعيدا عن رأي السياسيين ومواقف الدول المجاورة ومنظمات حقوق الإنسان يبقى الشعب العراقي هو المعني بهذا الوثائق وهو المتضرر الوحيد في حالة صحة ماجاء فيها من معلومات تشير إلى انتهاكات وعمليات قتل مورست بحقه (أي الشعب العراقي) سواء كانت من القوات الأجنبية أو المنظمات الإرهابية أو بعض العصابات التي كانت متنفذة في البلد .
الشعب العراقي لم يعير لهذه الوثائق أي اهتمام بقدر الاهتمام الذي أعاره السياسيون ...  ولم تشغله كما شغلت بعض الدول الأجنبية والإقليمية ... كما لم تأخذ من وقته الكثير على الرغم من انه المعني والمتضرر الوحيد كما قلنا سلفا ، ومرت عليه مرور الكرام ولم يكن لها ذلك الصدى الذي كان متوقعا .
وربما موضوع تأخير الحكومة وانعدام الخدمات والفراغ السياسي الذي يعيشه العراق لم يترك فراغ في ذهن المواطن العراقي الذي أدرك جيدا وبحنكة سياسية فاقت حنكة السياسيين المفترضة ، خطورة هذه الوثائق ومغزى نشرها في هذه الأيام ... والهدف من وراء هذا النشر الذي جاء متأخرا ، وربما لم يكن في حساب ناشريه أن يتعامل الشعب العراق مع هذه الوثائق بهذه الطريقة ... على الرغم من تهديد الموقع بنشر وثائق وأدلة أخرى تضاف إلى الوثائق المنشورة والتي تقدر بحوالى (400) ألف وثيقة .
ويدرك الشعب العراقي جيدا لاجدوى حتى من المطالبة بحقوقه من قبيل رفع دعاوى قضائية سواء كانت على القوات الأجنبية أو القوات الحكومية المتهمة بارتكابها عمليات قتل وتعذيب لعدد من العراقيين ... فالقوات الأجنبية محمية بحصانات قانونية تمنعها من المثول أمام المحاكم العراقية ... وشاهدنا في السابق الكثير من الانتهاكات التي جرت في العراق ولم يتخذ بحقها أي إجراء قانوني عادل ، أما القوات العراقية يبدو إن الأمر مشابه تماما لوضع القوات الأجنبية ... فمن الصعوبة بمكان التحري ومعرفة الجناة ، بسبب التكتم والنفوذ الحكومي وسيطرته على مفاصل أجهزة القضاء في العراق ، يضاف إلى ذلك قانون (4) إرهاب والذي أصبح السيف المسلط على رقاب العراقيين لاسيما الأبرياء منهم بدلا من الإرهابيين... فهذه التهمة أصبحت جاهزة على أي شخص يطالب بحقه خصوصا إذا كان هذا الحق يسبب إحراج للحكومة ... والدليل على ذلك ماجرى بعد أحداث مظاهرات البصرة المطالبة بتحسين التيار الكهربائي .
لكن يبقى السؤال المهم هل ستؤثر وثائق (ويكيليكس) على قرار المواطن العراقي وتغيير من موقفه تجاه الحكومة ؟ وهل سيسحب المواطن تأييده للحكومة ويفكر ببدائل ناجحة تغيير مشهد العراق السياسي القادم ؟ أسئلة كثيرة لازالت تدور في ذهن المواطن وربما لانجد لها جوابا في الوقت القريب.

علي المالكي
ali.almaleky@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي المالكي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/10/31



كتابة تعليق لموضوع : وثائق (ويكيليكس) ورأي الموطن العراقي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net