صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

ياعَمْ : بكَمْ أشتَرَيْتَ هذا القَوسْ ؟
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يروى ان رجلاً طاعناً في السن كان يسير في الطريق مقوس الظهر بسبب تقادم الزمن ، فرآهُ شاباً وأرادَ أنْ يسخرَ منه فقال له : ياعمْ بكمْ أشتريتَ هذا القوس ؟ أي انه كان يهزأ من ظهر الرجل ، فأجابهُ الرجل بحكمة بالغة قائلا له : يابُني : أصبرْ سَوفَ يأتيكَ مجاناً !!!

منذ فترة طويلة والولايات المتحدة ألأميركية تنصّب نفسها محاميا ومدافعا عن حقوق العالم المظلوم ، وتسيطر على كل قرارات مجلس ألأمن الدولي بذريعة الدفاع عن حقوق الانسان تارة ، ومن أجل اشاعة الديمقراطية في أرجاء المعمورة تارة أخرى ، لكن مايبدو على أرض الواقع غير ذلك .

الولايات المتحدة ألأميركية وبفضل ماتمتلكه من آلة عسكرية حديثة وفتّاكة راحت تسخر من العالم كما سخرَ الشاب من الرجل الطاعن في السن !

العالم تشكيل متمييز من حضارات مختلفة لها جذورها عبر التاريخ ، غير أن أميركا لاتمتلك حضارة وليست لها جذور متأصلة في التاريخ فكان ديدنها وهمها ألأول أن تسود من خلال القوة التي تمتلكها .

لقد خلق الله سبحانه وتعالى ألأنسان ووهبه نعمة العقل ، وخلق الحيوان ومنحه القوة ، وأميركا هي حيوان هذا الزمان .

مع بدء اقتراب موعد سحب قواتها راحت اميركا تفتعل ألأزمات في العراق ، ومضت تدعم من يقفون ضد وحدته ، والهدف من ذلك يبدو واضحا جدا ، وهو وضع العصا في عجلة العملية السياسية كي تظهر  ضعيفة وواهنة وبحاجة الى من يقدم لها النصح والمشورة ، عند ذلك ستقول اميركا انا موجودة ومستعدة لتقديم كل ماتحتاجون اليه .

نعم أميركا ساعدت في اسقاط صدام عام 2003 ، لكن علينا ان لا نتصور انها اطاحت بصدام من اجلنا كعراقيين ، ولو كان ألأمر كذلك وكما تزعم اميركا لكانت اطاحت به في عام 1991 عندما اصبحت قاب قوسين او أدنى من مكان اختبائه ، أميركا وبطلب من دول الخليج العربي وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية تركت صدام يفتك بأبناء جنوب العراق الذين هبوا في واحدة من اروع الانتفاضات التي عرفها تاريخ العراق المعاصر من اجل اسقاط الدكتاتور ، أميركا راحت تقصف بطائراتها القوات العراقية المنسحبة من الكويت عام 1991 والتي راحت تشارك ابناء الجنوب انتفاضتهم المباركة ، أميركا ومن خلال ذلك القصف مهدت لصدام الاجهاز على الجموع المشاركة بالانتفاضة من خلال استخدام الاسلحة المختلفة بضمنها المحرمة دوليا ، اميركا تركت صدام يفعل بعباد الله مايشاء ويقتل كيف ما اراد ، هل تعلم أميركا كم شاب في ربيع العمر قطعت اوصاله بأسلحة صدام في عام 1991 ؟ وكم امرأة قتلت وطفلها الرضيع يغفو على ثديها ؟ وكم رجل طاعن في السن قتل دون ما ذنب اقترفه ؟ كل تلك ألأمور تجعلنا لانصدق أن أميركا جاءت لتحريرنا من صدام في عام 2003 كما هو معلن ، بل أتت ، لغاية في نفس يعقوب .

ألان وبعد أن مضت الحكومة العراقية قدما من اجل الاسراع في انسحاب القوات الاميركية واكمال ذلك قبل نهاية عام 2011 ، صار اللعب على المكشوف من قبل أميركا ، وقبل ايام صدر تصريح من البيت الابيض مفاده أن العراقيين غير قادرين على مكافحة الارهاب وان الجهد ألأستخباري للقوات العراقية سيكون ضعيفا بعد انسحاب القوات الاميركية من العراق .

علينا ان نثبت للعالم اننا ألأجدر بحماية بلدنا واننا ألأفضل في مكافحة الارهاب ، علينا أن نتعاون جميعا في هذه المرحلة المهمة جدا كي لانعطي الفرصة لأميركا ومجلس ألأمن الدولي وألأمم المتحدة في التدخل بالشؤون الداخلية لبلادنا العزيزة .

علينا ان نتكاتف كي تبقى أميركا تلهث خلف احلامها المريضة المتمثلة بالبقاء في العراق لاسمح الله في ذلك ، وبهذا نكون اوفياءا مع وطننا وتاريخه العريق .

لنتحد جميعا كي نجعل أميركا تحتار في أمرها ، لنبتعد عن فكرة اعلان الاقاليم ، كي يندحر المشروع الاميركي اللعين الذي نادى به سيء الصيت جوزيف بايدن حين طرح فكرة تقسيم العراق الى اقاليم في عام 2007 ومازال يتحيّن الفرص من اجل احياء ذلك المشروع التدميري بكل معانيه ، لأنه ينطوي على سياسة فرق تسد .

أميركا سترحل ان شاء الله ، والعراق سيبقى وستندمل جراحه التي نزفت في فترات طوال ، لذا يتوجب أن نعمل كخلية النحل ونكون يدا واحدة وصوتا واحدا .

أميركا سترحل دون ان تحقق مبتغاها في تقسيم العراق وهذا لايحصل الا من خلال التعاون بين الجميع ، التعاون سيجعل أميركا ترحل مقوسة الظهر وعند ذلك سنقول لها بكل سخرية ياعم بكم اشتريت هذا القوس ؟ وسخريتنا ستكون مشروعة ، لأنها جاءت في محلها ووقتها المناسب وهي رد اعتبار على سخرية أميركا منا في اوقات مختلفة .

أميركا تمتلك السلاح ، ونحن نمتلك الغيرة على وطننا ، أميركا جاءت بالمرتزقة من كل انحاء العالم لتدميرنا ، لكننا سنعمل من خلال الانتماء الحقيقي للوطن الغالي وسيعلوا البناء ، وحتما ان الغيرة والوطنية هي التي ستنتصر في النهاية وسيشهد التاريخ على نصرنا كما سيشهد على هزيمة اميركا .

سترحل اميركا مقوسة الظهر فأستعدوا اخوتي كي نسخر منها وننادي بأعلى صوتنا ، ياعم بكم أشتريت هذا القوس ؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/07



كتابة تعليق لموضوع : ياعَمْ : بكَمْ أشتَرَيْتَ هذا القَوسْ ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net