صفحة الكاتب : حسين فرحان

الشعب العراقي وبوادر الرأسمالية
حسين فرحان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

رغم أن بدايات الاقتصاد العراقي في تاريخه السياسي الحديث كانت بدايات رأسمالية معززة بعلاقات وثيقة مع الجانب البريطاني إبان الحكم الملكي للعراق ، الا أن هذا التوجه الاقتصادي سرعان ما تلاشى مع تغير المنظومة السياسية وأخذ طابعا آخرا يكاد ينتمي بشكل من أشكاله الى الفكر الاقتصادي الاشتراكي عبر الانظمة التي تلت فترة الحكم الملكي حتى استقر في خاتمة المطاف عليه رغم أن المال العام لم يكن مالا عاما في حقيقة الامر مع وجود سلطة البعث عموما وسلطة العائلة التكريتية خصوصا كمتصرف حر في هذه الاموال يوجه ريعها ونفعها الى الغرض السياسي والفكري الحزبي والشخصي ( الاحمق ) الذي ضيع معه كل شيء ، لذلك نتردد في اطلاق صفة النظام الاقتصادي الاشتراكي على اقتصاد تلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق .
اعتاد الشعب العراقي في تلك الفترة على نمط حياتي يعتمد بالدرجة الاساس على الدعم الحكومي لاحتياجاته اليومية واعتمد وظيفيا على أن يمارس عمله ضمن دوائر القطاع العام المدعوم ايضا بعائدات الثروة النفطية ، ومع مراعاة اسعار النفط في حينها مع التعداد السكاني فمن الطبيعي أن يتحقق الرضا النسبي الشعبي بهذه الدراهم المعدودة التي كانت تسد الرمق نوعا ما ليصبح النمط بهذا الشكل وبهذه الصورة واستمر الدعم الحكومي لمواد البطاقة التموينية حتى في أحلك ظروف الحصار باستثناء الفترة التي سبقت اتفاقية النفط مقابل الغذاء والدواء في حينها .
بعد سقوط صنم العوجة ودخول قوات الاحتلال وخلو الساحة السياسية من من نظام حاكم تدهورت الاوضاع وقضى الشعب تلك الفترة المظلمة على مدخراته مما يملك يقتات بها يوما بيوم حتى تشكلت المنظومة السياسية الجديدة التي لم تمتلك بعد زمام تحديد النظام الاقتصادي الذي سيدار به البلد ، فنشأت بوادر سلطة المال على نحو متسارع لكنه لم يرتقي لمستوى يصدق معه أن يقال أن النظام الرأسمالي هو السائد إذ سرعان ما تداركت الدولة الناشئة الموقف معتمدة ايضا على المورد النفطي لتسخره بشكل شبه كامل للميزانية التشغيلية ، على حساب النهوض بالواقع الصناعي والزراعي وقد كان لظاهرة الفساد الاداري والمالي والخلافات السياسية والتدخلات الاقليمية  الدور الاكبر في هذا الامر .
لذلك سنرى الرأسمالية المقيتة حاكمة وغالبة وقد كشرت عن أنيابها مع ما يعلن عن خصخصة القطاعات الحكومية التي تحولت الى دور للرعاية الاجتماعية تمنح الموظفين فيها رواتب بلا عمل وقد أعان على ذلك تلك المؤسسات والهيئات والاوقاف  التي استحدثت بعد 2003 والتي تتماشى وتتعاطى مع حالات خاصة وتترك باقي أبناء الشعب يواجهون نظاما أقتصاديا شرسا أقل ما يقال عنه أنه سيجعلهم كالعبيد يقضون أوقات عمل طويلة وشاقة وبأجور لا تتلائم وجهودهم وستنقضي أعمارهم في تسديد الديون وفوائدها وتسديد فواتير الحياة .
كيف سيتعامل الشعب العراقي مع هذا الوضع وكيف سيعتاد عليه ؟ 
هل ستتخذ الحكومة القادمة والبرلمان القادم إجراء لمواجهة هذا الغول ؟ أم أن شركات الاستثمار والبنوك الربوية ستكون لهما الكلمة الفصل ؟ .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسين فرحان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/01



كتابة تعليق لموضوع : الشعب العراقي وبوادر الرأسمالية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net