صفحة الكاتب : كفاح محمود كريم

عقدة الأجنبي والتمنيات المرة؟
كفاح محمود كريم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في موروثاتنا الشعبية وبالذات فيما يتعلق بالعادات والتقاليد والأعراف، وخاصة في الصراعات العشائرية والقبلية، نعتمد دوما على طرف ( أجنبي ) لحل تلك الصراعات والتذابحات، وقد شهدنا كل حسب ذاكرته وبيئته ودائرة معارفه الكثير من صراعات العشائر فيما بينها أو حتى ضمن العشيرة أو الأسرة الواحدة، تصل في ذروتها الى الاقتتال المميت الذي يخلف الكثير الكثير من القتلى والجرحى، لخلافات تتعلق بالأرض أو المال أو الحكم أو النساء أو الإرث أحيانا؟

    وفي معظم تلك الصراعات الحادة التي تنتهي بالصلح بعد أن يخسر الكثير أرواحهم وأموالهم يخرج ( الأجنبي ) منتصرا مزهوا بنجاحه في إجراء الصلح ومن ثم تحقيق هيمنته!

    والأجنبي هنا ( الطرف الثالث ) مفردة تستخدم للشخص من غير الأسرة أو العشيرة وتلفظ هكذا ( الأجناب ) كناية عن الجمع وتعريفه بأنه ليس من الأهل والعشير، الذي يقوم بوظيفة إصلاح ذات البين وفرض شروطه على المتخاصمين؟

    إذن هي أعراف متكلسة في سلوك كثير من مجتمعاتنا وهي تتطور بأشكال كثيرة وأنماط اجتماعية وسياسية مختلفة، أخذت أبعادا ومشاهدا أدت في نهاية المطاف الى تدخل هذا ( الأجنبي ) بأي شكل من الأشكال، وقبوله كواقع حال بعد فشل الأطراف المتصارعة في قبول بعضها للبعض، والارتكان الى حلول متحضرة بعيدة عن الحرب والصراع الدموي، مستخدمة دوما تلك المقولة التي أدمناها في موروثنا النفسي والاجتماعي:

آخر العلاج الكي!

    ورغم أن ( لو ) زرعت ولم تنبت كما يقول الكثير، الا انها احيانا تبقى في دائرة التمني المستحيل، وهي تدغدغ مشاعر مليئة بالندم تارة والأسى تارة أخرى، فقد تمنى كثير من العراقيين في ظروف قاتمة ويأس شديد وإحباط كلي، ان تحكم البلاد أي قوة استعمارية غير ذلك النظام المستبد، وكذا الحال لدى الكثير من الليبيين والسوريين واليمنيين وقبلهم أهل تونس والكثير من شعوب العالم الرازحة تحت نير وظلم الأنظمة الدكتاتورية، نتيجة لتسلطها واستبدادها وفاشيتها في التعامل مع شعوبها، والتي فاقت في ظلمها وتنكيلها أي قوة استعمارية في التاريخ، فما فعله صدام حسين ونظامه بشعب العراق جنوبا وشمالا، شرقا وغربا لم تفعله القوات البريطانية أو العثمانية ابان احتلالها للبلاد، بل ان ما حصل منذ احتلال العراق في نيسان 2003م وحتى يومنا هذا لا يرتقي في كل خسائره الى شغل عام واحد من ماكينة الموت لنظام صدام حسين، وكذا الحال في ليبيا واليمن وسوريا وما يحصل من عملية تدمير كلي لهذه البلاد سواء على أيدي أنظمتها الحاكمة أو من خلال الأذرع الأجنبية.

    واليوم والبلاد على أبواب انسحاب الجيش الأجنبي بعد سنوات طويلة من الاحتلال وفك الاصطراع، هل سينجح العراقيون هذه المرة في إدارة الحياة بشكل راق وسلمي ومتحضر، دونما الرجوع ثانية لأي طرف ثالث تحت أي عنوان أو مسمى، ومهما كان هذا الطرف أمريكيا أو أوربيا أو عربيا أو إسلاميا، غير ما يحتاجه في العلم والثقافة والاعمار والبناء!؟

وستبقى الإجابة مرة حتى نثبت جميعا العكس!؟

kmkinfo@gmail.com  

   


 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كفاح محمود كريم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/10



كتابة تعليق لموضوع : عقدة الأجنبي والتمنيات المرة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net