صفحة الكاتب : ابو فاطمة العذاري

وقفة بين يدي جواد الائمة ( ع ) في ذكرى استشهاده القسم الثاني
ابو فاطمة العذاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 نعيش هذه الايام ذكرى شهادة الإمام محمد الجواد سلام الله عليه وهو شمس من شموس الإيمان وبدر من بدور التقى تألق في سماء العصمة وورث عن جده الرسول وجدته فاطمة وأجداده الائمة كل صفات الكمال والرفعة حتى دان له بالفضل العدو قبل الصديق .
عندما نتحدث عن جواد الأئمة نشعر بالتصاغر امام شخصه الكريم فلا قيمة لخطابنا ولا لأقلامنا أمام تلك الروح الكبيرة فهو كالبحر من اين جئت اليه تغترف هديا وعلما وجهادا هذا مع قلة عمره الشريف حيث أنه الإمام الوحيد الذي قبض عن عمر لا يناهز الخامسة والعشرين عاما.
وهو كما اشتهر على المشهور التاريخي انه الابن الوحيد للإمام الرضا ( ع ) وأمه السيدة سبيكة وسماها الإمام الرضا (ع) الخيزران وكانت من أهل بيت ينحدرون إلى ماريه القبطية أم إبراهيم ابن الرسول (ص) وهي من أفضل نساء زمانها وقد أشار إليها النبي (ص) بقوله : 
( بأبي ابن خيرة الإماء النوبية الطيِّبة )
لقد استشهد الإمام الجواد عليه السلام ببغداد مسموماً بأمر الخليفة العباسي المعتصم الذي تأمر مع زوجه الإمام ( ع ) أم الفضل بنت المأمون .
ولنكمل مع القارئ ما ابتدئ من الوقفات :
الوقفة السابعة : عاش الإمام المحن والصعوبات منذ نعومة اضافره فعندما استدعى المأمون الإمام الرضا ( ع ) إلى ( خراسان ) ودع الرضا ( ع ) ولده محمد الجواد ( ع ) الذي كان عمره عندها قرابة الأربع سنوات حينها أحس الجواد بعقله العظيم وروحه الطاهرة لوعة الفراق ومرارة البعد عن أبيه وأدرك أن لا لقاء بعدها بينهما.
ثم واجه الصعوبات مع من استنكر إمامته صغيراً من الجهلة والمشككين وأزلام السلطة الظالمة بل حتى بعض الموالين المتحيرين فقد روي مثلا :
أن علي بن حسان قال لأبي جعفر (ع) يا سيدي إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك ، فقال: (( وما ينكرون من ذلك ؟ فوالله لقد قال الله لنبيه (ص) ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) فو الله ما تبعه إلا علي (ع) وله تسع سنين وأنا ابن تسع سنين )) .
ثم واجه الإمام ( ع ) مؤامرة المأمون في قضية تزويجه من ابنته أم الفضل ولم يكن القبول قراراً سهلا في تلك الفترة خصوصا وان المأمون أراد إزالة عن نفسه تهمة اغتيال الإمام الرضا (ع) فأقدم المأمون على هذه الخطوة كي يسكت الأصوات ويقطع الإشاعات ليبرهن أنه لم يقتل الرضا (ع) فبادر إلى تزويج ابنته من ابن الرضا (ع) وهو إمامنا الجواد عليه السلام إضافة إلى انه أراد إن يجعل الإمام الجواد تحت المراقبة الدائمة لكي يرصد كافة تحركاته ونشاطاته .
واستمرت الصعوبات حتى في عصر المعتصم الذي استقدم الجواد ( ع ) الى العاصمة بغداد ومن ثم عمد الى اغتيال الإمام بالسم .
 
الوقفة الثامنة : إن من أشهر المواقف المنقولة عن الإمام الجواد (ع) هي مناظراته مع كبار العلماء والفقهاء فلطالما أفحم الإمام علماء زمانه المشهورين وأجاب عن أسئلتهم دون تردد وخصوصا مناظراته مع اكبر قاضي في الدولة  آنذاك وهو يحيى بن أكثم .
فقد ورد في تذكرة الخواص أن يحيى بن أكثم اراد اختبار الامام ( ع ) فقال: ما تقول في محرم قتل صيداً ؟
فقال له الإمام (ع) : قتله في حل أو حرم ؟ عالماً كان المحرم أم جاهلاً ؟ قتله عمدا أم خطأ ؟ حرا كان أم عبدا ؟ صغيراً كان أو كبيراً ؟ مبتدئاً بالقتل أم معيدا ؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها ؟ من صغار الصيد كان أم من كباره ؟ مصراً على ما فعل أم نادماً ؟ في الليل كان قتله للصيد أم نهاراً؟ محرماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحج كان محرماً؟ فتحير يحيى بن أكثم وبان في وجهه العجز والانقطاع وتلجلج حتى عرف أهل المجلس أمره .
 
الوقفة التاسعة : كان الإمام الجواد ( عليه السلام ) خير الخلق في زمانه وأشدّهم خوفاً من الله تعالى ، وأخلصهم في طاعته وعبادته فقد كان الإمام الجواد ( عليه السلام ) كثير النوافل فمثلا يقول الرواة : كان يصلّي ركعتين يقرأ في كلّ ركعة سورة الفاتحة ، وسورة الإخلاص سبعين مرّة . وتميّز الجواد كإبائه وأبنائه المعصومين ( عليهم السلام ) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى واشتهرت عنه معاجزٌ وكرامَاتٌ كثيرةٌ سجَّلَتْها كتبُ التاريخ  ونذكر هنا كرامتين أظن ان أغلبكم لم يسمع بها :
الأولى ...
عن محمّد بن علي الهاشمي قال : دخلت على أبي جعفر صبيحة عرسه بأم الفضل بنت المأمون ، وكنت تناولت من الليل دواء فقعدت إليه ، فأصابني العطش ، فكرهت أن أدعو بالماء ، فنظر أبو جعفر في وجهي وقال : ( أراك عطشان ) ، قلت : أجل ، قال : ( يا غلام اسقنا ماء ) .
قلت في نفسي : الساعة يأتون بماء مسموم ، واغتممت لذلك ، فأقبل الغلام ومعه الماء ، فتبسّم أبو جعفر في وجهي ، ثمّ قال للغلام : ( ناولني الماء ) ، فتناوله فشرب ظاهراً ، ثمّ ناولني فشربت وأطلت المقام والجلوس عنده ، فعطشت فدعا بالماء ، ففعل كما فعل في الأوّل ، فشرب ثمّ ناولني وتبسّم . 
قال محمّد بن حمزة : قال لي محمّد بن علي الهاشمي : والله إنّي أظن أنّ أبا جعفر يعلم ما في النفوس كما تقول الرافضة . 
وكرامة أخرى .. 
عن محمّد بن فضيل الصيرفي ، قال : كتبت إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) كتاباً ، وفي آخره هل عندك سلاح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ ونسيت أن أبعث بالكتاب ، فكتب إليّ بحوائج له ، وفي آخر كتابه : ( عندي سلاح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل ، يدور معنا حيث درنا ، وهو مع كل إمام ) . 
وقد سطر الإمام الجواد درسا رائعا في سجل التاريخ عندما أعرض وهو في ريعان الشباب عن حياة الترف والبذخ رغم الأموال الطائلة التي كان يبعثها إليه المأمون فينفقها على الفقراء والمحرومين . 
فقد روي انه قد رآه الحسين المكاري في بغداد وكان الإمام محاطا بالتعظيم والتكريم من قبل الأوساط الرسمية والشعبية، فحدث نفسه أنه لا يرجع إلى وطنه بل يقيم عند الإمام في هذه النعم، فعرف الإمام قصده فانعطف عليه وقال: يا حسين خبز الشعير وملح الجريش في حرم جدي رسول الله أحب إلي مما تراني فيه. 
 
سلام الله عليك يا جواد الأئمة منا أبدا ما بقي الليل والنهار وجعلنا الله ممن يستحقون شفاعتك يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من اتى الله بقلب سليم عامر بحبكم اهل البيت 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو فاطمة العذاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/11/02



كتابة تعليق لموضوع : وقفة بين يدي جواد الائمة ( ع ) في ذكرى استشهاده القسم الثاني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net