صفحة الكاتب : سلام محمد جعاز العامري

إيقاف تحديث الفساد
سلام محمد جعاز العامري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال  القاص والصحفي والفلسطيني غسان كنفاني: " يسرقون رغيفك, ثم يعطونك منه كسرة, ثم يأمرونك ان أن تشكرهم على كرمهم, يالوقاحتهم".

إن من أكثر الممارسات السلبية, التي انتشرت بين كالنار في الهشيم, هي آفة الفساد الفتاكة, تِلك السيئة الكبيرة, التي أفقدت المواطن العراقي, ثقته بمن كان يرجو منهم خيرا, بعد معاناة من الظلم والفقر, وسفك الدماء عبر عقود من الألم.

ما بين طاغية يسقط وطاغية يأتي, عاش العراق بين نار البؤس والحرمان, وشظف العيش الكريم, حتى أصبحت سمة من يريد الحياة, لا بد أن يُمَجد طاغية زمانه!, مع علمه بقناعة راسخة, أن الجديد هو الأسوأ, إلى أن رأى بصيصاً من نور, بسقوط الطاغية الصنم, الذي حسبه اليائسون إلهاً خالداً.

الديموقراطية التي أتاحت للمواطن العراقي, عن طريق ممثلين ينتخبهم المواطن, بصفاتٍ يراها المواطن ملائمة لخدمته, أمرٌ حديث لم يجربه الجيل الجديد, وهذه التجربة بحاجة لِوَعي مكثف, فقد توارث بعض الساسة المتسلقين, أفكاراً ترسخت في عقولهم, ومنها أن السياسي هو من يعرف,  كيفية صياغة شعارات براقة, كي يُقنِع الشَعب ليحكُمه, وليس أن يضع مشروعاً حَكيماً, ليَعدِلَ في خدمة شعبه!.

قاعدةٌ اعتمدها بعض أفراد الشعب, وقد تكون تلك هي الأغلبية, مفادها أن كُلَ سياسي ممن قاسى, الظلم والاضطهاد والتهجير, قادِرٌ على رفع الظُلم, دون النَظر لمشروع ذلك السياسي, فالمواطن العراقي يرى السياسي, من خلال معاناته الذاتية, لا من رؤية السياسي, المُنصَبة على تَسَنم عرش الحُكم, وِمن المؤَكد أعتقد أن السياسي, الذي لا يمتلك مشروعاً للخدمة, عبارة عن سياسي فاقدٍ لنظرية الحُكم العادل؛ فالحاكم العادل هو الحاكم الخادم, وليس يرتَجى الخِدمة من شعبة.

أضاع الفساد المالي والإداري, مُنذ سقوط نظام البعث, وعلى مدى عقد ثَروةً طائلة, لو استُغِلَت بمنهجية الخِدمة, لَتمكن العراق من النهوض, لمصاف الدول المتقدمة, بَدل ان يتصدر قوائم الفساد, حسب إحصائيات المُنظمات العالمية, المعنية بشؤون النزاهة ومكافحة الفساد, بسبب ضعف الجهاز الرقابي, ذلك الجهاز الذي سيطر على مفاصله, رموز من الساسة الفاسدين, الذين عملوا على إنهاء دوره, ليصل به الحال كمريض العناية المُركزة.

تكمن معرفة أسباب المرض, من خلال معرفة مكامن الجرثومة, المسببة لذلك المرض, غاية في الأهمية من اجل الشفاء, مع استحضار العلاج الناجع, الذي لا يسمح لعودة المرض مرة أخرى؛ وهذا ينطبق على عملية, استئصال الفساد السياسي من مصدره, وبما أن من الثابت, أن البرلمان العراقي, المسؤول الأول عن مرض الفساد, من خلال تشريعها الرواتب والامتيازات, للبرلمانيين والسادة المسؤولين في الحكومة, وتَناسي خدمة المواطن الذي انتخبهم.

آلياتٌ حديثة لكبح جماح الفاسدين, جاول بعض المساندين للفساد صدها, لتأجيل الانتخابات من خلال إعلام مدفوع الثمن؛ يبث السُم الزعاف, لقتل عملية الإصلاح, لاستفادته من حيتان الفساد, وأصحاب الشعارات البراقة, التي تريد وأدَ العملية السياسية, والحؤول دون بناء دولة العراق الحديث, الذي طالما راوَدَ أحلام الشرفاء, من الساسة وأفراد الشعب.

إنَّ من اوليات الوعي للمواطن, أن يعرف كيف يختار مَن يخدمه, ومن مبادئ الحاكم الساعي لخدمة لشعبه, أن يعرف كيف يخدم شعبه, وليس ما يَحصل عليه مِن أجر, فمكانة الحاكم فيما يقدمه, كي لا يُلعن كباقي من سبقه من الحُكام.

تَقاسم الكعكة كما يَصفها بعض الساسة, يجب أن تكون قسمة عادلة, بين الخادم والمخدوم, ومن يُفكر بغير العدل, فهو لا يعدو عَمَّن يحفر قبراً لنفسه, وسمعة السياسي هي حياته الحقيقة, إن تلوثت أمام ناخبيه, فليعلم أنه قَد مات.

ألفساد كُرة نار كادت أن تُحرق العراق, ولا يتم إطفائُها إلا بإخماد مركزها, ومعاقبة من أشعل جذوتها, ضمانٌ لعدم عودة الفاسدين.      


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سلام محمد جعاز العامري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/12/23



كتابة تعليق لموضوع : إيقاف تحديث الفساد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net