نزهة الصغار
محمد جواد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ذات يوم خرجتُ مع أطفال أختي نتنزهُ في الحديقة ونمتع أنظارنا بجمال الأشجار و أوراقها ورائحة الأزهار الزكية و العشبُ الأخضرُ المنسكبُ على الأرض , وجلسنا على المناضد المنتشرة في الحديقة  لنأخذ قسطاً من الراحة بعدَ جولةٍ طويلة , وإذا بصوتِ زامور بائع المثلجاتُ يمرُ من خلفنا , وبدأ صغار أختي  يهتفون نُريد المثلجات نُريد المثلجات , وقلت في سري تباً لهم يريدون المثلجات أولم يقولوا من الأحمق الذي سيدفع الحساب, قسماً لو كنتُ خارجاً مع صغاري وقالوا نريد المثلجات لانهالت قدمي ركلاً على مؤخراتهم, وما عساي أفعل بدأتُ أنادي لبائعِ المثلجات ليتوقف , وأقول في نفسي لا تتوقف أرجوك لا تتوقف., وربك رحيم لم يسمعني بائع المثلجات بسببِ صوت الزامور المرتفع , ولكن هؤلاء الأطفال المزعجون لن يستسلموا بهذه السهولة ,و بدأوا بالبكاءِ والنحيب ويطلبون مني أن اذهب وراء بائعِ لمثلجات لأشتري لهم , سخطاً لكم هل تريدون مني أن أهرولَ وراء ذلك الرجل الأحمق أمام هؤلاء الناس لأجلكم , و بدأوا يزدادون بكاءً ويرسلون تلك النظرات الطفولية البريئة, ولم يكن أمامي خيار فأنا وقعتُ في شباكهم منذ أن وافقت على أصاحبهم إلى المتنزه , وبدأت أجري وأهرول وراء بائع المثلجات وأنا أقول: توقف توقف أيها  البائع  , وبدأ التعبُ ينالُ مني والبائع لن يتوقف ,والتفتُ إلى صغار أختي لأبعثَ لهم نظرات المسكين التعب لعلي أستعطفهم ويرأفوا بحالي وأتوقف عن الجري وراء هذا البائع الأبله , لكنهم كانوا أسوء من هذا البائع وقالوا : استمر بالجري وراءهُ لا تعود إلا والمثلجات معك , سحقاً لكم أيُ نوعٍ من الصغار أنتم لا تبالون إلا للمثلجات , وأكملتُ هرولتي وراءهُ وأنا مصمم على الوصول إليه , ليسَ لأنني مهتم أن اشتري المثلجات  لهم بل لأجلِ أن أعطيهِ درساً بأن يلوحَ بناظريه إلى المرايا الجانبية لأنهُ ربما يكون هناك أحمق يركضُ وراءهُ , وأستمريت بالجري دونَ أن أنتبه إلى الطريق , وإذا بي أسقطُ في بركة ماء خاصة بالبجعِ والطيور, آه تباً ما هذا....

وابتلت ملابسي وتعطلَ هاتفي بسببِ الماء , وهذا من غيرِ هجوم الطيور عليه َلأني دخلتُ بركتهم وعلقت بيه بعض قطع الرغيف المتناثر في البركة , وخرجتُ من الماء وأنا أسبُ هؤلاء الصغار وأسبُ بائع المثلجات وكلَ من خطرَ على بالي.. وعزمتُ على الرجوع إلى الصغار وترك ذاك البائع الأحمق الذي ركضتُ وراءهُ نصف المتنزه , ورجعت إلى الصغار بشكلي المهين ذاك , وإذا بهم ينهالون عليه صفعاً و ركلاً لأني لم أحضر لهم المثلجات وتحملتُ ما بدرَ منهم 

وقلت هيا فلتنسوا أمرَ ذلك البائع ونكمل جولتنا في المتنزه , لكنهم بغيضون ورفضوا أن يعدي ألأمرُ هكذا فطلبوا مني أن أشتري لهم الذرة المشوية  بدلاً من المثلجات , آه سحقاً  لكم  أليسَ  من الممكن أن نخرجَ من المتنزهِ من دون أن أنفقَ شيئاً من أموالي ,  وقلت هيا أيها الحمقى فلنذهب لشراء الذرة ( الشامية) , وتوجهتُ لبائع الفشار وألقيتُ عليهِ السلام وطلبت منهُ أن يُعطِينيِ ثلاثة عُلب وأنا أقول في سري تباً لهؤلاء الصغار لا يستطيعون اللهو بدون شراءِ شئ , وربي كان رحيماً معي هذه المرة ايضاً فقد قالَ البائع أن آلة الشواء معطلة , الحمدُ لله الذي جعلَ لي من أمريَ مخرجاً وقلت للصغار:

 هل سمعتم ماذا قال ؟ إذن هيا بنا لنذهبَ ألان إلى الأرجوحة ونستمتع بوقتنا...

ويا ليتني لم أتكلم فقد اضطررت ُبعدَها إلى زيارة الطبيبِ بسببِ أرجحة أولئك البغيضين البدينين, وبعدما أكملوا العبَ على الأرجوحة طلبوا مني أن العبَ معهم كرة القدم 

ومع أني كنت محرجاً من اللعب بكرة القدم مع الصغار فعلى كُلِ حال ذلك أفضل من شراء الذرة أو المثلجات لهم , واختاروا هؤلاء الصغار مكاناً رطباً للعب بهِ ومعَ إني لم أوافق في بادئ الأمر خوفاً من أن أتزحلق وأقع أمام كل هؤلاء الناس فقد أصروا على اللعب في هذا المكان وتوكلتُ على الله وبدأت اللعبة وفي أولِ خطوةٍ لي في أرضِ الملعب تزحلقتُ ووقعتُ في الطين , ولك يا عزيزي أن تتخيلَ مظهري مبتلاً من ماء البركة مع قليلٍ من الطين عليَ, مع أني أتصورُ أن حفنة من التراب القذر والطين دخلت في فمي , فأوقفتُ اللعب وقلت بصوت جهوري سخطاً لكم ماذا فعلتم هل يروق لكم أن تروا خالكم في هذه الحالة المزرية تباً لكم هيا فلنعد إلى البيت , و كالعادة ما من احدٍ يسمع كلامي أو يصغي ألي , وطلبوا مني أن أركبهم في دَولابِ الهواء ومن ثم يعودون إلى البيت , فقلت لهم : ماذا ؟ هل تريدون مني أن أركبَ 

في دَولابِ الهواء وأنا بهذه الحالةِ التي يرثى لها فقالوا وماذا نعملُ بك أنت أبقى في الأسفل ونحنُ نركبُ دَولابِ الهواء , آه يالهم من أذكياء بغيضين لا يخدعون بسهولة , وبالفعل أركبتهم دَولابِ الهواء وظهرت تلكَ الابتسامات الماكرة على وجوههم البلهاء . وبعدما أكملوا جولتهم قلت لهم وألان ركبتم دَولابِ الهواء وحان وقت الرجوع إلى البيت فوافقوا على الذهاب,

وفي طريقنا إلى الخروجِ من المتنزهِ التقينا ببائع الذرة وهو يقول لقد أصلحنا آلة الشواء إذا رغبت في الشراء تفضل بالدخول فقلت في نفسي تباً لك من أينَ ظهرت ألان,

وبدأوا الصغار بالهتاف من جديد نريد الفشار ,   سحقاً لكم ألا تستطيعون الخروج من دونِ شراء فشار تباً هيا أيها الحمقى تفضلوا بالدخول واشتريت لهم الفشار وخرجنا منَ المتنزهِ واستأجرنا سيارةَ وانطلقنا عائدين إلى المنزل وأنا مغطى بالطين والوحل وعندما دخلنا المنزل ذهبَ الصغار مهرولين إلى أمهم وقالوا لها :  أمي أن خالنا بخيل وقد رفضَ أن نلعب بأية لعبة وبالإضافة إلا ذلك فقد رفضَ أن يشتري لنا اي شيء .. تباً لخالنا لم نرى أحداً بهذا البخل فليخرج من منزلنا قالوها وهم يملؤون الدار بالضحك ..

 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/28



كتابة تعليق لموضوع : نزهة الصغار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net