صفحة الكاتب : عدوية الهلالي

شباب ..وشباب
عدوية الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يقول ماركيز ان الانسان يحق له أن ينظر من فوق الى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف ، ونحن لدينا نوعان من البشر ..نوع ينظر من فوق الى الآخر ليساعده على الوقوف كما يقول ماركيز ، ونوع ينظر الى الآخر من فوق تعاليا وتكبرا وغرورا فلايراه ولايشعر به بل يرى نفسه فقط ..وقد رأيت هذا الفرق بوضوح خلال الايام الفائتة حين التقيت اصغر ناشطة عراقية في احدى الاحتفاليات .. فتاة في السابعة عشر من عمرها اسمها ( روان سالم) تتدفق طاقة واحساسا وحيوية ، وتملؤها الثقة بنفسها والايمان بما تقدمه ، فقد وجدت الصغيرة روان في دخول النازحين من المدن التي احتلتها داعش الى مدينتها بابل فرصة لمساعدة اطفالهم على الوقوف ..جعلت منهم قضيتها فمنحتهم وقتها ومواهبها لتقدم لهم المتعة والفائدة عبر انشطة فنية وثقافية وانسانية ، ولم يثنها حرق منزلها بعد انتقادها لبعض السلبيات في المحافظة عن مواصلة انشطتها الانسانية ..وفي نفس الاحتفالية ، التقيت شابا اسمه ( محمد ديلان) من محافظة الانبار يقود فريقا طوعيا للاغاثة والتنمية اطلق عليه اسم ( وصل تصل) قام بمهمة توزيع المساعدات والمؤن على اللاجئين كما شارك بانقاذ الجرحى في عمليات تحرير الموصل ولازال يواصل انشطته الانسانية ..لقد عكس هذان الشابان صورة ايجابية للشباب الفاعل الذي يمكنه بناء وطن بمعزل عن مفاهيم الطائفية والانانية والانتهازية ويمكن من خلالهما ان نلمح بصيصا من الأمل بالمستقبل ..

في نفس الاسبوع ، سمعنا عن حادثة نجل محافظ النجف الذي قبض عليه ضمن عصابة تعمل في تجارة المخدرات وتبين انه يحمل عدة هويات وصفات رسمية تؤهله لدخول أية منطقة محظورة في الدولة ، وعلى الرغم من القبض عليه متلبسا فقد وجد من يبرر له سلوكياته ويحاول ايجاد مخرج له ، ولن نستغرب أبدا ان تنتهي القضية ويخرج منها بريئا ويتحمل غيره وزرها فقد تعود هذا الشاب أن ينظر الى الآخرين من فوق ولايرى أمامه الا مصلحته الخاصة، وقد تربى على ذلك ومثله شريحة واسعة من أبناء المسؤولين الذين لم يجربوا الوجع العراقي وتعلموا في مدارس أهاليهم الانانية والبحث عن المنافع الشخصية والاستخفاف بمن هوأقل منهم والوصول الى أهدافهم بأبسط الطرق وتحقيق امنياتهم بجرة قلم ..وهذه الشريحة من الشباب تعكس الصورة السلبية لمن تربى على الفساد والالتواء وبالتالي فهم من سيسهم في هدم الوطن وبهم سيكون المستقبل معتما ومخيفا ..

وبين هاتين الشريحتين من الشباب يتلوى الوطن متوجعا بانتظار جرعة دواء تعيد اليه عافيته ولن يتحقق ذلك الا بأن تمنح الفرص كاملة لبناة الوطن وتفتح اماهم السبل لانجاز مايطمحون اليه من مشاريع انسانية وفاعلة ، بينما يحاسب الجيل الواعد من المفسدين الصغار ويتم تقليم أظافره قبل أن تتحول الى مخالب تنبش في قلب الوطن لتجهز على ماتبقى فيه من نبض حي ...فهل سيكون القانون فيصلا هذه المرة ليصبح نجل المحافظ عبرة لغيره أم أداة في أيدي من يشكلونه حسب اهوائهم ..ربما تتكرر تجاربنا المريرة معه فقد برأ متهمين وادان أبرياء من قبل فهل سيسهم في زيادة عتمة المستقبل ؟...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدوية الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/29



كتابة تعليق لموضوع : شباب ..وشباب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net