صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

الطريق الأسرع للتنمية الاقتصادية في العراق
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

العراق لا يستطع منافسة الولايات المتحدة الامريكية في صناعة طائرات نقل الركاب, ولا يستطيع منافسة اليابان في صناعة الأجهزة الدقيقة, ولا منافسة المانيا بصناعة السيارات , ولا منافسة بريطانيا بصناعة الغزل والنسيج. هذه الدول لها  خبرات طويلة في صناعاتها , إضافة الى وجود البنى التحتية والفوقية التي تسهل انتاج وتسويق وتوزيع هذه المنتجات. على سبيل المثال , هناك ثلاثة ملايين مواطن امريكي يعتمدون على صناعة السيارات بصورة مباشرة وغير مباشرة , وعليه فان منافسة الولايات المتحدة في سوق السيارات من دولة خارجية سيكون صعبا جدا ان لم يكن مستحيلا .

إضافة الى ذلك , انه ليس من الضروري ان يبدئ البلد بالتنمية الاقتصادية عن طريق الصناعات الثقيلة او الدقيقة . التنمية الاقتصادية الصادقة تأخذ في نظر الاعتبار الموارد الطبيعية والبشرية المتوفرة . الصين اختارت المنافسة في انتاج السلع الاستهلاكية , لان في الصين ايدي عاملة كبيرة جدا , واختارت اليابان الصناعات الدقيقة , كون ان البلد لا يملك  موارد طبيعية وانما يملك الموارد البشرية المحملة بالخبرات التقنية , واختارت سويسرا صناعة الاجبان بسبب توفر الثروة الحيوانية  والأراضي الخضراء ,  و أصبحت فرنسا متميزة بصناعة النبيذ لان التضاريس في فرنسا تساعد على الإنتاج الغزير من الاعناب المخصصة لصناعة النبيذ. تماما مثل , العراق , حيث ان تضاريسه تساعد على زراعة " امنا " النخلة.

ما هو الطريق السهل , السريع , والقليل الكلفة للتنمية الاقتصادية في العراق؟ الجواب هو طريق الزراعة والبناء . بينما الطريق نحو التنمية الاقتصادية عن طريق الزراعة قد يأخذ بعض الوقت ( شجرة البرتقال تحتاج الى سبعة سنوات لتكون منتجة , والنخلة عشرة سنوات , وإنتاج لحوم الحيوانات ربما يحتاج فترة أطول من اجل تحضير المراعي لها) , فان البدء بالتنمية الاقتصادية عن طريق البناء لا يحتاج الى وقت طويل , خاصة وان في العراق خبرات واسعة في هذا المجال , إضافة الى توفر اغلب المواد الأولية للبناء .

العراق يحتاج الى ما يقارب ثلاثة ملايين وحدة سكنية , ولو استطاع انشاء 400 الف وحدة سكنية في السنة الواحدة لاستطاع القضاء على البطالة لجميع اعمار المواطنين , لجميع اختصاصاتهم , ولجميع المتعلمين وغير المتعلمين. بناء 400 الف وحدة سكنية في العام الواحد يحتاج الى ايدي عاملة (عمال المساطر), تحتاج الى خبرة مهندسي البناء , الكهرباء, مجاري المياه, نقل الماء الصالح للشرب, ومهندسي الطرق والجسور. بناء 400 الف وحدة سكنية يفتح فرص عمل للنجارين , صناعة الطابوق , السمنت, الرمل والحصى, الحدادة , سواق الشاحنات , الصباغين , وعمال توصيل المياه  . بناء الوحدات السكنية يتطلب خدمات ما لا يقل عن 60 اختصاص , يبدئ بعمال المساطر وينتهي بشراء السجاد والاثاث المنزلي.

الشيء الجميل لهذا النموذج من التنمية الاقتصادية هي قلة كلفتها للبلد وذلك بسبب توفر اغلب مواد البناء فيه. العراق لا يحتاج ان يستورد الاسمنت او الحصى او الرمل او الجص او حتى التراب . هل تعلم ان دولة الامارات العربية استوردت التراب من ايران من اجل زراعة أراضيها. العراق لا يحتاج من المواد المستوردة لبناء 400 الف وحدة سكنية الا الحديد والأجهزة الكهربائية. بل , العراق يستطيع صناعة هذه المواد داخليا مع مرور الزمن , لان عملية بناء الوحدات السكنية سوف لن يتوقف قبل ان تمضي خمسين   عام. بكلام اخر , ان بناء 400 الف وحدة سكنية في العام الواحد سيوفر العمل لشباب اليوم حتى يوم تقاعدهم , لان البيت الحديث سيكون قديم بعد عشرين عام , ونمو سكاني بنسبة 3% يعني حاجة البلد الى زيادة في عدد الوحدات السكنية بنسبة 3% في العام الواحد.

هناك اعمال أخرى تنتعش وتموت مع انتعاش وموت قطاع البناء , مثل تجارة السجاد , الأثاث البيتي, الأجهزة الكهربائية بكافة أنواعها, أدوات الطبخ, ومستلزمات الضيافة. بملخص شديد ان البدء ببرنامج القضاء على مشكلة السكن في العراق سيكون يوم البدء الحقيقي للقضاء على اغلب المشاكل الاجتماعية التي يعيشها المجتمع العراقي. القضاء على ازمة السكن سوف ينهي الشجار السائد بين "الجنة وامرأة العم ", الشجار بين الاخوة على غرف النوم , يبعد احتكاك زوجات الأولاد في مطبخ واحد , ينهي شجار الأطفال في الطرق والشوارع , الزوجة ستكون لها مطلق الحرية في إدارة بيتها, تقليل النزاعات العشائرية والتي أصبحت تشب كالحريق في كومة التبن لأسباب تافه , شجار أطفال, خسارة فريق رياضي, او مشاجرة طالب مع معلمه. البدء ببرنامج البناء سوف يلغي البطالة ( الاجبارية ) في العراق , سيوفر دخول للشباب وسوف يحفزهم على الزواج وبذلك سوف يقلل العزوبية بين الرجال والنساء, يقلل من نسبة الرذيلة و المخالفات القانونية , ويوفر اعمال جديدة لقطاعات جديدة مثل قطاع السياحة الداخلية والخارجية, قطاع الفن بكل اشكاله, و التوسع في المشاريع الثقافية ( دور سينما ومسرح , متاحف, و دور نشر).

هل ننسى الزراعة في خضم انشغالنا في البناء؟ الجواب هو بكل تأكيد لا. يجب العمل على هذا القطاع بنفس الحماس والإصرار , لان الأرض هي مصدر الخيرات والثروات , وحتى نبني يجب ان ناكل , ومن اجل ان ناكل يجب ان نزرع . الامة التي تستورد طعامها , ستكون عرضة الى الجوع في أي وقت يقرر اعدائها.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/01/30



كتابة تعليق لموضوع : الطريق الأسرع للتنمية الاقتصادية في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net