صفحة الكاتب : عباس الكتبي

إنما الفاسدون نجس فلا تنتخبوهم حتى يتطهروا
عباس الكتبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 قسم علماء الفقه، النجاسة إلى نوعين: مادية ومعنوية, ويصطلح عليها فقهيا بالحدث والخبث. 

الأشياء المتنجسة تحتاج إلى مطهر، يطهرها من التلوث بالنجاسة الطارئة عليها، والمطهرات ذكرت في الفقه، وفصّل علماء الفقه أحكامها في رسائلهم الفقهية. 

لا شك أن النجاسة المعنوية أشد من المادية، ولها أثر سيء وسلبي جدا على الإنسان، فإذا ما توسعنا في مفهوم النجاسة إلى بعدها الأخلاقي والروحي، نجد أن الشرك والإلحاد، والذنوب والمعاصي، من مصاديقها، فالذي يتلوث عقله بنجاسة الأفكار المنحرفة، وقلبه بالرذائل، ليس كمّن تلوث بدنه وثيابه بالنجاسة! 

مثلما هناك مطهرات للنجاسة المادية، كذلك توجد مطهرات للمعنوية، فالإسلام طهارة من الكفر والشرك، والتوبة والإستغفار طهارة من الذنب والمعصية، بل ذهب الفقهاء إلى القول: بأستحباب الوضوء أو الغسل لكل ذنب يرتكبه العبد! 

السياسة حاضنة من حواضن النجاسة، وبيت من بيوتها، وملجأ من ملاجئ النفس الأمارة بالسوء، ومكمن من مكامن الشيطان، الذي يلعب فيها أبليس دور الإغواء بورق المال والسلطة والجاه، ولكسب هذه الأوراق بطرق غير مشروعة، يقوم السياسي من جند أبليس بأعمال: الشيطنة والحيلة والخديعة، والمكر والدجل والكذب، والغش والرشا، وإستغلال المنصب، وسرقة المال العام والتلاعب به، وتسقيط المنافسين سياسيا، وهلّم جرا، ولا ينجو من السياسة إلاّ من تحصّن بدرع الورع والتقوى، وقليل ما هم. 

هل هناك مطهر لسياسي مارس هذه الأعمال الشنيعة؟ بالتأكيد الجواب: نعم، فباب الاٍستغفار، والإنابة إلى الله عز وجل، مفتوح للعباد، إذا كان مصحوب بالإخلاص والصدق من العبد، ولكن هل يكفي في الاٍستغفار مجرد اللفظ؟ الجواب: كلا. 

قال الإمام علي "عليه السلام" لقائل بحضرته:( أستغفر الله): ثكلتك أُمُّك، أّتدري ما الاٍستغفار؟ الاٍستغفار درجة العلّييّن، وهو اسم واقع على ستة معان: أوّلها الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود إليه أبدا، والثالث أنّ تؤدّي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة، ...)، إلى أن يكمل الإمام المعاني الستة. {نهج البلاغة}

في كتبنا محادثة ينقلها العلماء، فيها دلالة واضحة عن كيفية التطهير من نجاسة الفساد إذا تلوث بها مسؤول أو صاحب منصب في الدولة. 

عن عبدالله بن حماد عن علي بن أبي حمزة قال: كان لي صديق من كتّاب بني أمية فقال لي: استأذن لي على أبي عبدالله "الإمام الصادق" عليه السلام، فأستأذنت له عليه، فأذن له، فلما أن دخل سلّم وجلس ثم قال: جُعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصابت من دنياهم مالا كثيرا وأغمضت في مطالبه. 

فقال أبو عبدالله عليه السلام:( لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويجبي لهم الفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم). 

قال: فقال الفتى: جُعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال:(إن قلت لك تفعل؟). 

قال:أفعل.

قال له:( فاخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت به، وأنا أضمن لك على الله الجنة).{حلية الصالحين، ص٣٦} 

لولا أن الناس لم ينتخبوا الفاسدين في كل دورة إنتخابية لما سلبت حقوقنا! 

رسالتنا لأنفسنا ولأخوتنا في الوطن: صندوق الإنتخابات طاهر ونظيف فلا تنجسوه بأسماء الفاسدين حتى يتطهروا. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس الكتبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/04



كتابة تعليق لموضوع : إنما الفاسدون نجس فلا تنتخبوهم حتى يتطهروا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net