صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

محنتي مع وزارة الداخلية
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ووزارة الداخلية هنا هي حرمي المصون ، فهي تتحكم في رقبتي ورقاب من يلوذ بي اكثر من وزير داخلية البلد الذي اعيش فيه منذ عقد ونصف ، وما زلت اجهل اسمه ومقر عمله . اما المحنة وهي فكرية بحتة أو فلنقل اعتقادية ، ومنشؤها ان هذه الوزارة لم تجدد اثاثها ولا ديكورها ولا حتى تسريحة شعرها منذ ما يقرب العقدين من الزمان وهو عُمرُ اقتراننا ببعض. طبعا ما اقصد به هنا من الديكور والاثاث وحتى تسريحة الشعر هو المتبنيات الفكرية التي نشأت عليها صاحبتنا التي تنحدر من اسرة كربلائية عريقة تضوع تاريخها بأريج تربة الامام الحسين الطاهرة. فالطريقة التي تؤمن بها بالقضايا الثانوية التي لا تمس العقيدة في الصميم هيَ هي َ، ولم تتغير قيد انملة ، وهي تخشى ان تُجريَ ادنى تغيير على هذه المتبنيات تجنبا للعنة الله وملائكته ورسله والناس اجمعين من الان الى قيام يوم الدين ، وشعارها الازلي ان "هذه المعتقداتُ نشأت عليها ولا اريدُ خوض اي مجازفة غير محسوبة العواقب خاصة وان العمر لم يبق فيه شىء يستحق المجخاطرة بالعقائد". وعندما اذكرها بالحديث الخالد " المغبون من تساوى يوماه" فأنني اعرفُ جوابها مسبقا ، وهو ان هذا الحديث لا يمت للامور الفكرية والاعتقادية بصلة وانما قيل في الاستزادة بطلب الرزق والتزود بالثقافة العامة ، حتى اني كففت عن تذكيرها بهذا الحديث الجميل. ولعل منشأ نزاعاتنا شبه اليومية هو رأيي بمسالة العصمة عند الانبياء والائمة ، واضفاء القداسة لاناس لا يختلفون عنا في شيء سوى انهم نزوا هذه الايام على منبر رسول الله في غفلة من الزمن او تصدوا لشؤون المرجعية وهم لا يستحقون ان يكونوا طلبة مقدمات في الدراسات الحوزوية . هي تؤمن ايمانا لا يتزعزع بان ائمتنا نحن الشيعة يختلفون كل الاختلاف عن سائر البشر العاديين الذين خلقهم الله ، فالغيب مكشوف لهم وهم يعلمون في كل الامور طارفها والتليد ولو كانوا بين ظهرانينا اليوم لتصدوا لجميع أسئلة المقلدين حتى لو كانت عن سعة معالج السوبر كومبيتر الذي يدير عمليات وزارة الدفاع في تنجانيقا ، وهم متعففون عن الذنوب التي نقترفها بموهبة الهية وليست ذاتية ،وتوارثوا علومهم عن اجدادهم الكرام كابرا عن كابر ، لكني اعتقد - برايي المتواضع -  انهم بشر عاديون من لحمنا ودمنا وهذا سر عظمتهم، وهم غاية في التواضع والترابية لا يمسهم شيء من غرور وهذا سر آخر من اسرار عظمتهم، وهذا التواضع ليس تكلفا وتطبعا انما طبع نشأوا عليه فاصبح جزءا من شخصياتهم العظيمة ،بدليل ان كتب التاريخ جميعها لم تذكر لهم مثلبة صغيرة ولا كبيرة . هي تصغي لحديثي هذا بترقب وحذر شديدين، لانها دأبت على ان تسمع مني استدراكا سيُجهـِز - من وجهة نظرها -  على كل ما اسّستـُه ، لانها تعلم باني ساقول لها بعد ذلك بان هؤلاء الائمة العظام ليس في بُنيانهم البدني ولا العقلي شيء يختلف عنكِ او عني اطلاقا ، فهم كانوا ينامون كما ننام وياكلون كما ناكل ويتخلصون من زوائد اجسامهم كما نتخلص نحن، وتناسلوا كما نتناسل الان . وهنا طبعا يبدأ الافتراقُ الفاحش في الرؤى وتُشعل الحرائقُ في النقاش ، وتروح هي تستشهد لي بامثلة بالية لا تقنع طفلا ، وتعزز امثلتها باسماء بعض السادة الذين يشاركونها في جمود الراي وجَرِّعامة الناس الى مهاوي التحجر . واني اذ استعرض ذلك ، اتذكر حديثا لفقيد المنبر الحسيني الخالد الشيخ الوائلي "رحمه الله" الذي سمعته ذات مرة يحكيه بمرارة ، حيث يقول انه في احدى المرات انتبذ مكانا قصيا عن الناس لقضاء حاجته في العراء ، وكان كلما ابتعد باتجاه الهدف كان يشعر باقدام تلاحقه الى ان بلغ به السيل الزبى . يضيف الشيخ : عندما التفتُّ وجدتُ امرأةً تبعد عني خطوات ، توقفتْ حين توقفتُ عن المضي في طريقي . وعندما اخبرتها باني احتاج لان اختليَ مع نفسي لقضاء حاجة ،ردت علي قائلة : ادري ، بس اريد اشوف اللي يطلع منك مثل اللي يطلع من عِدنه !!!! تصور اذا كان هذا الظن بشيخنا الوائلي وقد عاصرناه وعايشناه ايضا، فكيف سيكون الظن بامامنا الصادق "ع" مثلا . باختصار شديد، بلغتُ مرحلة اليأٍس من اِحداثِ اي تغيير في جمجمة وزارة الداخلية، وحتى انني بدأت اخاف على ما تبقى من مخي منها . فهي ان نهضت من مكانها ندبت : يا علي ، طبعا المقصود امامنا ابو الحسن "ع". وان لجأتْ الى فراش النوم ادت التحية لاربعة عشر معصوما، واذا شربتْ الماءَ سلّمت على الامام الحسين "ع" ولعنت اجدادَ اجداد قاتليه ، واذا انهتْ وجبة الافطار الصباحي سلمت على الامام الحجة المنتظر ، واذا فرغت من تناول الغداء تلت اي شيء ما عدا آي من القرآن الكريم ، واذا تناولت العشاء لعنتْ داسّي السم للامام الحسن "ع" ، واذا تحركت بنا السيارة ولو الى مشوار قصير فان لطميات الملّه باسم تعتم على صوت عطلات المحرك ، وبالنتيجة فان رب الكون وكتابه المبين آخر شيئين يذكران ، لو ذكرا طبعا. اقولها بمرارة ، ان الشيعة عموما - ووزارة الداخلية وأمثالها في مقدمهم طبعا -  تركوا القران وراءهم ظهريا . ويكفي ان تقارن بين حسن تلاوة وحفظ اي شيخ وهابي أعور، بقراءة وحفظ اي رجل دين شيعي ، لتكتشف بنفسك الفارق الفاحش الذي يحز في نفس كل غيور على هذا المذهب الذي أسسه عظماء كأبي ذر والمقداد ، وضيعه متصدون للدفاع عنه وهم لا يصلحون للدفاع عن انفسهم امام غزوة ذبابة ضعيفة    


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/25



كتابة تعليق لموضوع : محنتي مع وزارة الداخلية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net