صفحة الكاتب : علاء الخطيب

الصائغ و الحلاج يصعدان برج بغداد
علاء الخطيب

أمام ساحة الطرف الأغر في لندن وعلى قاعة المعرض الوطني البريطاني (ناشنال بورتريه كاليري), وقفنا يملؤنا الزهو وطالت أعناقنا فخراً ونحن ننصت لمبدع عراقي في أمسيةٍ رائعة للشاعر العراقي  الكبير عدنان الصايغ يوم 18-11-2011 , نقلنا الصائغ في تلك الأمسية الى عوالمه الممزوجة بالحب بالألم والغربة, هي الوجع العراقي الذي لا يبارح الروح, فتجدها في الشعر واللحن واللوحة وكل عمل إبداعي, ربما كانت تجربته الشخصية, لكنها تجربتنا جميعاً لأننا مررنا بجزءٍ من محطاتها. امسية كان العراق هو الحاضر الأكثر هيبةً فيها توسطنا... جلس بيننا... رأيناه ولكنه راح يبتعد بخطواته عنا, العراق هم الصائغ وألمنا, شدا بحروفه شاعرنا ولكنها خرجت كالجمر من فيه,  فهو يتحرق شوقاً وألماً على وطنه الذي تركه منذ العام 1993, وراح يحترق لأجله حيثما حل وارتحل في المنافي البعيدة فهو يستنشقه من خلال نوافذ روحه لكن زفيره لم يكن سوى آه.. خارجة ٌ من أعماقه الحرى.                                                          
                                                           
                                                                      
                                                   العراق الذي يبتعد
كلما أتسعت في المنافي خطاه
والعراق الذي يتئد
كلما أنفتحت نافذةٌ ....
قلت  آه
والعراق الذي يرتعد
كلما مر ظل ٌ
تخيلت فوهة تترصدني , أو متاه
والعراق الذي نفتقد
نصف تاريخه أغانٍ وكحلٌ
ونصف طغاة.

 من لندن إنطلق  عدنان الصائغ مرافقاً  الحسين الحلاج في رحلته الى أعلى برج بغداد ,لا ليرى بغداد رؤيا العين فهو الذي عشقها ولم تبارح روحه, بل ليتحسس وجعها وليستمع أنين ثكالاها ودعوات مؤمنيها, فيصف صعوده هذا فيقول :                                      
                                                   
                                                                 
                                                                                
أصعدني الحلاج إلى
اعلى طابق في بغداد
واراني كلَّ مآذنها
معابدها
وكنائسها ذات الأجراس
وأشار إلي :
أحصِ
كم دعوات حرى تتصاعد يومياً من أعماق الناسْ
لكن لا أحدً 
حاول أن يصعد
في معناه الى رؤياه
كي يوقظه
... ويريه
 ما عاث طغاةُ الأرض
وما أشتط الفقهاء
وما فعل الحراس
 فحكاية الصائغ مع الحلاج هي حكاية وجع المثقف السرمدي مع الإستبداد والسلطة على مر العصور,لكن هذه الحكاية فتحت جرحاً كاد ان يتوقف عن النزف هو جرح الشوق والاحتراق رباعي الحروف, توهمت أنني نسيته, كان مجرد وهم , والوهم لا يغني عن الحق شيئأ, فجرح الحلاج والصائغ مازال يوخزني في كل لحظة, فهو ذات الجرح الأبدي الذي يطارد الكلمة والقلم.

 مرةً أخرى يرجع الماضي في ذاكرة شاعرنا المبدع  فيسافر في عوالمه الخاصة ولكنه ليس بعيداً عن وطنه فيقول في مقطوعة رائعة اطلق عليها ( شيزو فرينيا) وهي حقاً كذلك تصف حال المثقف تحت سلطة أنظمة الغلبة والإستبداد فيقول:
في وطني
يجمعني الخوفُ ويقسمني:
رجلاً يكتبُ
والآخرَ خلفَ ستائرِ نافذتي،
يرقبني
لم نكن وحدنا الذين استمتعنا بألق شعر الصائغ بل كان البريطانيون يصغون وينصتون لأداءه المميز ولشعره المترجم بأداء رائع من الشاعر الأنكليزي الجميل ستيفن واتس Stephen Watts.  أنتهت الأمسية ولكن مذاقها ظل يراود الذين حضروها متمنين ان تتكررفلقد كانت فرصة جميلة وتجربة من طراز آخر أتاحها المعرض الوطني لأول   شاعر عراقي وعربي في مكان كهذا.


 علاء الخطيب  /
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علاء الخطيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/25



كتابة تعليق لموضوع : الصائغ و الحلاج يصعدان برج بغداد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net