صفحة الكاتب : د . يوسف السعيدي

العراقيون..وقهقهة الاحزاب
د . يوسف السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يبدو إن جبهاتنا الوطنية والائتلافات تتكاثر بالانشطار مثل (الامبيا) ولعل أصعب سؤال يمكن ان يوجه للمشارك في برنامج تلفزيوني مثل (اربح المليون) هو كم عدد الأحزاب السياسية في العراق وكم هو عدد الجبهات ؟ ولا أظن إن أحدا سيكون قادراً على الإجابة... ولذلك طالما ان دائرة الإحصاء في وزارة التخطيط جالسة بدون عمل هذه الأيام فاقترح عليها إجراء مسح لمعرفة عدد الأحزاب والجبهات وتصنيفها إلى أحزاب ذات السيارات المفخخة والأحزاب التي لا شأن لها بالتفخيخ ثم ما هو عدد المنتمين لكل حزب؟ والحقل الأهم في هذه العملية الإحصائية سيكون مصدر تمويل الحزب... وكم كانت ملكية رئيسه قبل تأسيس الحزب وكم هي ألان ؟ وهل إن جماهير الحزب تؤيد (مانشستر ستي) أم ( بايرميونخ) أم (ريال مدريد) وهل رئيس الحزب يمارس رياضة السلاسل ( الزناجيل) أم ( البسبول) ؟ هذا من الناحية الإحصائية التي قد تساعد الباحثين والدارسين ومعدي الرسائل والأطروحات كما انه نافع للحكومات المساندة لتعرف حجم التخصيصات التي نضعها في ميزانيتها للأحزاب والجبهات العراقية...
أما نحن المواطنين العراقيين (الغلابة) كما يقول اخواننا المصريون فنريد ان نعرف... لماذا اختلف فلان مع فلان ؟ ولماذا انشق هذا الحزب إلى حزبين ثم تناثر إلى شظايا كالاتحاد السوفيتي السابق؟ وهل ان الخلاف فكري، أم سياسي، أم اقتصادي؟ ونظن، وان كان بعض الظن إثم، ان خلاف البعض ربما كان ماليا حول (المحصول) ؟ ، وإلا ما هي أهداف الجبهات الجديدة ولحركات التي تولد عن حركات أخرى كل يوم ؟ ثم بماذا سينفعنا الخلاف أو الاتفاق ؟ هل سيعيد الكهرباء مثلاً؟ أم يعطي الماء الصالح للشرب؟ ام يقضي على البطالة ؟ ام يزيد الرواتب ؟ ام يخفض الأسعار ؟ ام يوقف عمليات الاغتيال والخطف؟.
والحق نحن ( الغلابة) نقول إذا كانت هذه الخلافات والاتفاقات خالية من هذه الأمور فلا شأن لنا بها وعندما تولد أي جبهة أو ان حزب أو ان يحدث انشقاق بينهما فحسبنا ان نردد...
مازاد حنون في الإسلام خردلة ولا النصارى لهم شغل بحنون...
ففي زمن مضى كانت الخلافات بين الاحزاب تدور حول المبادئ التي يقوم عليها النظام السياسي والاجتماعي، وحول النظام الاقتصادي الواجب التطبيق، وحول التنمية واساليبها الى غير ذلك من الاسس التي تقوم عليها الحياة الاجتماعية... ولم تكن الاحزاب لتختلف حول عدد الوزارات التي يريد كل حزب اشغالها، ولم تكن تختلف حول من تكون لهم الصدارة ممثلو هذه الطائفة ام تلك.... وما هي حصة كل عنصر أو كل محافظة في عوائد النفط...
لم تكن الاحزاب تختلف حول الاتاوات وطريقة توزيعها، ولا حول فدية الخطف، التي تؤخذ من أهالي المخطوفين ولمن مآلها، ولم تكن الاحزاب تختلف حول توزيع عقود الدولة والمقاولات... فهذه كلها موضع استهجان لو ظهرت على السطح بل ان استهجانها حتى لو لم يعلن عنه فهو تحصيل حاصل باعتبار ان النزاهة طبيعة وليس تطبعاً، وان التشدق بها مذموم بحد ذاته.
ولكن منذ اربعين عاما خلت نسي ( الاشتراكيون) اشتراكيتهم وتغافل ( اللبراليون ) عن لبراليتهم، وصار الامر سباقا حول حيازة المال في اقصر الطرق واكثرها أمنا...
واليون فاننا نسمع بالصراعات الحزبية الضروس، وبالاتفاقات الحزبية التي تتم على حين غرة حول الموائد العامرة ( بالايمان) و (الفسنجون) ولا احد يجود علينا ولو بعلومة بسيطة عن منهجه لو جاء الى الحكم، لا قدر الله، ولا برؤيته للمأسي الراهنة من حيث اسبابها وعلى من تقع مسؤوليتها وطريقة الخروج منها....
وليس، هناك من حزب يتكرم علينا بالافادة لماذا يشارك في الحكم أو لماذا يجمد نشاطه فيه نصف تجميد ربما خمسة درجات فوق الصفر المئوي، ولماذا يقرر الانسحاب، وماذا يريد على وجه التحديد، والدقة، واليقين.
الكل ينتقد ولكن ليس هناك من يقدم البديل.
والكل متشبث بموقفه لا يتزحزح شبراً ولا يقم التبرير....
والكل يقول ولكن لا أحد يسمع...
المهم عند الحكم ان يبقى اما حل مشاكل الناس ومعاناتهم اليومية فهذا ليس من اختصاصه ولا من اهتماماته.
والمهم، عند الطرف الاخر هو المعارضة أما الحلول الجدية الناجعة فما برحت في ضمير الغيب.... والحوار بين الاحزاب حوار طرشان...
قال اطرش لاطرش وقد شاهده يحمل رزمة ملابس
- هاي وين رايح للحمام ؟
واجاب الاخر :
- لا والله رايح للحمام
- ها.، عبالي رايح للحمام.
ان العبد لله، كاتب هذه السطور ظل دائما يعتقد، وربما يكون مخطئا ان ليس هنالك من مشكلة غير قابلة للحل مهما كانت درجة تعقيدها..
وان ليس هنالك من خلاف يمكن ان يكون كقضية دم (كليب) ...
لكن الشرط الضروري الوحيد للخروج من اية ازمة، ومن اية حلقة مفرغة، هو الاخلاص....
الاخلاص في الضمير وفي الفكر وفي القول وفي العمل...

تالله لن يختلف مخلص مع مخلص قط ولئن اختلفا فأن واحدا منهما او كليهما غير مخلصين
ابعدنا الله تعالى عن احزاب العميان......وحوار الطرشان ..!!

الدكتور
يوسف السعيدي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . يوسف السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/26



كتابة تعليق لموضوع : العراقيون..وقهقهة الاحزاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net