صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

نحو نشر الثقافة القانونية في العراق
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

على نحو كل يوم تقريبا تنشر وسائل الاعلام العراقية اخبار عن جرائم لا تجد لها مثيل حتى في  كتب الشيطان ولم تخطر ببال كاتب قصص الرعب الأمريكي ستيفن كنك . في العشرة أيام الماضية نشرت الصحف الالكترونية قصة الزوجة وعشيقها التي قتلت زوجها بطريقة بشعة , وقصة المرأتين اللتان طالبتا  من ربة بيت الاستراحة في بيتها بعد "سفر متعب" , واذا تنهال احداهما فتضرب راس ربة البيت وسرقة  ما لديها من أموال ومجوهرات , وقصة الاب الذي حرق أولاده الأربعة , ويموت احدهم متأثرا من الحروق في المستشفى بعد يوم.

الجرائم الجنائية ليست بدعة هذا الزمن , وانما ظهرت الجريمة منذ ان خلق الله البشر , وقد حدثنا القران الكريم عن اول جريمة وقعت على الأرض عندما قتل ابن ادم أخيه ظلما وعدوانا . ولكن الذي يختلف الان من السابق هو وفرة وسائل الاعلام واستخدام التكنلوجيا الحديثة لنقل الخبر , حتى اصبح المواطن في نيويورك او لندن او موسكو يعلم بجريمة تقع في أي بقعة من الأرض حتى قبل ان ينقل المجنى عليه الى المستشفى . في العراق كانت هناك جرائم متنوعة ولكن لا يسمع عنها حتى القريب من مكانها وذلك بسبب التعتيم الإعلامي , ليقولوا ان العراق يعيش بأمن وسلام وان الجريمة هي صفر في شوارع مدنه .

بعد التغيير , تنفس الاعلام برئة صحية واخذ يكشف كل ما يجري في الشارع العراقي , واصبح الحديث عن الجرائم التي كثرت  يأخذ حيز كبير من مساحته . لقد كشف الاعلام العراقي ان هناك عصابات للجريمة المنظمة والتي وظيفتها ابتزاز المواطن عن طريق سرقة الدور, سرقة السيارات , احتجاز رهائن , واختطاف من اجل المال. وظهرت  عصابات المتاجرة بالأعضاء البشرية وذلك عن طريق أغراء المحتاجين الى الأموال لبيع احد أعضاء اجسادهم. وظهرت عصابات تهريب المخدرات والتي بدأت تزحف الى قطاع النساء وطلاب المدارس الإعدادية . والتحايل على المواطن بأساليب مختلفة منها ان يدعي شخص انه ضابط في الاستخبارات او عضو بارز في الحشد الشعبي . مثل هذه الجرائم يجب ان تكشف وتعلن تفاصيلها في الاعلام  بكثافة على الجمهور العراقي , ولا ان تمر مر الكرام من على الشاشة الصغيرة .

كل جريمة من هذا النوع مهمة ويجب ان يتعرف عليها المواطن العراقي ويعرف أيضا عقوبتها القانونية للأسباب التالية:

1. ان التحدث عن الجريمة وبصورة متكررة على وسائل الاعلام العراقية يعتبر درسا للمواطن عن تأثيرات الجريمة الاجتماعية والاقتصادية . التحدث عن جريمة المتاجرة بالمخدرات يعتبر درسا للمستمع عن تأثير المخدرات على جسم المتعاطين لها, اداءه في البيت والمدرسة والعمل , تأثيراتها السالبة على المجتمع , على العائلة  وسمعتها , وأخيرا التعرف على طرق محاربتها.

2. ان التحدث عن الجريمة وبصورة متكررة على وسائل الاعلام تعتبر طريقة تحذير للمواطن العراقي عن وجود مثل هذه الجرائم و احتمالية ان يكون هو الضحية الثانية . ان حادثة دخول امرأتين الى احدى الدور السكنية بحجة "التعب" و الاعتداء عليها وسرقة أموالها , هو درس بليغ لربات البيوت وتحذيرهن من هكذا جرائم.

3. ان التحدث عن الجريمة وتأثيرها الاجتماعي وعلى المواطن يشجع المواطنين على التعاون مع الأجهزة الأمنية والقاء القبض على المشتبه بهم.

4. التحدث عن الجريمة وعقابها القانوني يقوي هيبة القوى الأمنية , المحاكم , والدولة العراقية. ان ملاحقة المجرمين وايداعهم السجن يرسل رسائل اطمئنان  لبقية أبناء الوطن ان هناك قوات امنية ساهرة على فرض الامن , وان هناك قوانين عقابية لكل من يخالف القانون والنظام العام .

5. ان التحدث عن الجريمة والعقاب سيكون درسا يمنع من تسول له نفسه من الاخرين لمخالفة القانون . كما وان طرح الجريمة للمناقشة من ناحية تأثيرها على المجتمع , على عائلة الجاني والمجنى عليه, تأثيرها المستقبلي على الجاني يمثل درسا رادعا , و يصبح ان من يريد ان يخالف قوانين الدولة التفكير عشرة مرات قبل القيام باي شيء يعاقب عليه القانون .

ان كثرة الجرائم التي تقع في العراق و وحشيتها تفرض على الاعلام الوطني الشريف بالمشاركة من اجل محاربتها والقضاء عليها , واحد وسائل أدوات المحاربة هو اخراج برنامج اسبوعي يتعامل مع " الجريمة والعقاب". البرنامج يحتاج الى سرد قصة جريمة او جريمتين بشكل مهني محترف , قرار الحكم على الجريمة  , وفي القسم الثالث استضافة اهل الخبرة بالتحدث عن الجريمة وتأثيرها على عائلة الجاني والمجنى عليه , تأثيراتها على مستقبل الجاني , سمعة عائلة الجاني , وتأثيرها على المجتمع , وطرق محاربتها .

جميع الدول المتقدمة لديها اكثر من برنامج لمحاربة الجريمة , يتحدث فيها خبراء أمنيين و محاميين وحكام و مختصين . في بعض الأوقات تنقل هذه البرامج الى صفوف المدارس الإعدادية والكليات . لا ادعي ان بسبب هذه البرامج انتهت الجريمة في الدول المتحضرة , ولكن استطيع ان اجزم ان المواطن اصبح يعرف العقوبة القانونية , يحترم القوانين بما يستطيع , ويحترم وجود رجل الامن (الشرطي) وهو يتجول في شوارع المدينة .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/03/19



كتابة تعليق لموضوع : نحو نشر الثقافة القانونية في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net