"البترويوان".. تطور تاريخي، يهم العراق امره
د . عادل عبد المهدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عادل عبد المهدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
واخيراً افتتحت الصين امكانية تداول النفط مقابل "اليوان"، بموافقة "مجلس الدولة الصيني".. فبدأ التبادل في سوق "شنغهاي" )الاثنين( المنصرم لتداولات العقود المستقبلية، تسليم ستة اشهر وعام، من ايلول القادم وحتى اذار 2019. وحددت الاسعار القياسية بـ416 يوان/برميل (اي 65.8 دولار/برميل) و388 يوان و375 يوان للبرميل (الدولار=6.29 يوان) بحسب المدة وانواع النفوط. وبعد الافتتاح بـ20 دقيقة اجريت 14 الف عملية.. وللامر مداليل عديدة تخص العراق اقتصادياً ومالياً وسياسياً.
1- كانت استيرادات الصين في 2010 اقل من 5 مليون/برميل/يوم، وامريكا حوالي 10 مليون.. وبلغت في 2017 لحوالي 9 مليون، وامريكا حوالي 8 مليون، مما يظهر تقدم وزن الصين وتأثيراتها النفطية.
2- بدأت مرحلة "البترويوان" كمنافس للـ"بترودولار".. مما سيضعف الدولار اكثر، وهو الذي شهد تراجعاً خلال العقود الماضية، بسبب ازمات الاقتصاد الامريكي، الذي كان يلجأ لـ"البترودولار" لتخفيف العجز والمديونية. فتجاوز الدين الامريكي للمرة الاولى 20 ترليون دولار (110% من الناتج الوطني الاجمالي 2016-2017). فالاقتصاديات الاسيوية خصوصاً في الصين والهند تستمر في تقدمها.. وعبرت حاجز 50% من التعاملات التجارية الدولية، للمرة الاولى منذ سيطرة البلدان الكولونيالية.. مما سيفرض "اليوان" كعملة عالمية، الذي بات منذ بداية 2016، جزءاً من سلة العملات الخاصة بـ"حقوق السحب الخاصة" لصندوق النقد الدولي.
3- بدأت ملامح التحول منذ اعوام. ففي 2015 قررت "كازبروم" الروسية (المنتج الثالث للنفط عالمياً) الانتقال لـ"اليوان" وبقية العملات الاسيوية. ولحقت بها ايران لتخفيف اثار الحصار عليها، ولكونها سادس مصدر نفط للصين. وابدت السعودية اهتمامها بـ"البترويوان" لبيع جزء من صادراتها للصين، وابدت الاخيرة اهتمامها بشراء اسهم في "ارامكو".. وتتوقع الصين ان مشروعها الضخم لاحياء "طريق الحرير" وتنامي العلاقات "الايرواسيوية"، وصعود الرئيس "شي جين بينغ"، ستكون كلها عوامل استقطاب لـ"البترويوان". ويتوقع الخبراء ان يسحب "اليوان" 600-800 مليار دولار من صفقات النفط الذي يُقدر بـ1.7 ترليون دولار سنوياً. وستقتني الدول "اليوان" لتستطيع الشراء عند الحاجة، لهذا ارتفع سعره مع بدء التعاملات 1.2% امام الدولار.
4- تقوم تعاقدات النفط الاساسية بتحديد سعر آني، وموعد تسليم آجل.. فيحمي المشترون انفسهم من ارتفاع الاسعار.. والبائعون من انخفاضها، ليستفاد المضاربون من تقلباتها. وتتحدد اسعار النفوط –اساساً- من "سعري اشارة" "غرب تكساس WTI" لسوق نيويورك، و"برنت" لسوق لندن. وسيعتمد مستقبل الـ"بترويوان" على الثقة التي ستولدها المعاملات، ودخول الوسطاء العالميين، وتسهيل الصين لحركة الاموال، والاطمئنان من التقلبات (volatility).
5- تعقد "سومو" العراقية اجتماعاً لخبرائها في العشرة الاولى من كل شهر -برئاسة وزير النفط- لتحديد ما يسمىOSP (سعر البيع الرسمي Official Selling Price). وبعد دراسة مفصلة لاوضاع الاسواق واحتمالاتها، ويتحدد السعر الذي سيساوي او يزيد او يقل عن "سعر الاشارة" لكل من انواع النفوط (بصرة خفيف، بصرة ثقيل، كركوك.. الخ). اختارت سوق "شنغهاي" 7 انواع نفط كسلة من جملتها "خام دبي"، و"بصرة خفيف". وما كان بالامكان ادراج "بصرة خفيف" ضمن السلة لولا استعادة الاسواق الثقة به، ولولا العملية التي قامت بها الوزارة في 2015 بتمييز وطرح "بصرة ثقيل"، فاستعاد "بصرة خفيف" مكانته ونوعيته المعروفة (API)، بعد ان رُفعت دعاوى وشكاوى عديدة من تردي نوعيته، انذاك.
6- كانت الزيارة الرسمية للصين مع السيد رئيس الوزراء فرصة لتأكيد اهتمامات العراق.. ووقعنا مذكرات تفاهم لتطوير علاقات البلدين.. فالعراق احتل مرتبة خامس مصدر نفطي للصين في 2016 بصادرات قيمتها 10.7 مليار دولار، وتصل صادراته احياناً مليون/برميل/يوم كما حصل في نهاية 2017. وكتبت في 12/12/2017 افتتاحية بعنوان "تحرير الدينار ملاحظات في السياسة النقدية" جاء في مقطع منها: "ومع تحرير الاقتصاد، يمكن تحرير الدينار ولو جزئياً. فالصين تطرح شراء النفط بـ"اليوان".. وان 22% من صادرات العراق النفطية هي للصين، ويبلغ التبادل التجاري بين البلدين 20-30 مليار دولار حسب السنوات، مما سيسمح بتنويع سلة عملاتنا، ويدخلنا في علاقة مباشرة بين الدينار و"اليوان" دون كلف وتحويلات اضافية.."
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat