صفحة الكاتب : د . حازم عبودي

ثقافة الحرف ثقافة التعبير الجمالي  في الخط العربي حسين النصراوي انموذجا ً
د . حازم عبودي

لعل مايشغلنا التساؤل القائم في الغالب (لماذا كتبت او رسمت اللوحة الخطية والتشكيلية على هذا النحو دون غيره؟)

فهل ان الفنان سواء اكان رساما ً؟ أم خطاطا ً هو معني بتلك الصياغة ليس الا , والاجابة هنا لاتتحدد في طرف او فئة او نوع او تعبير , وان ماظهر من الفكرة سيكون الدليل الى هدف وحصوله لايكون واجبا ً او اجباريا ً؟ لدى هذا او ذاك من فئة الفنانيين , اذ ان حركة الذهن بعد الادراك هي من تسهم في اخراج الانموذج الفني والواقع في التعبير وما يجب ان يكون عليه من انشاء او تكوين , فالعديد من الضالعين في محور بحثنا في فن الخط العربي هم قد بدءوأ مستنسخون تكراريون ومقلدون في حياتهم ثم انتقلوا الى مرحلة من الابداع وهنا لايكون الاتجاه اوحد وبنتيجة واحدة بل باتجاهين الاول يسوقنا الى الخطاط في تساؤلنا الاول لماذا عبر بهذه الطريقة والثانية لماذا تم التعبير الفني بهذه الطريقة , أي ان التحليل الفني سيكون (للخطاط حسين النصراوي ) في معنى الابداع وفي انفعالات الخطاط ثم مادة وشكل المخطوطة , فمن الممكن ان تشير عملية الخلق الفني الى ظهور العمل والى سماته الكامنة ويتم البحث في (ماهو وشكل العمل) حيث ان وحدة المنطق التاريخي لعمر الخطاط كـ(النصراوي) لتؤكد اهليته في ارساء المبادىء العلمية لمنهج فن الخط العربي والزخرفة الاسلامية وبمقتضى توافق ابداعه وتاريخه نحصل على تأرخة ظاهرة كتابة الصورة الفنية لاعماله التي تفاوتت في تناولها لاصعب الخطوط العربية في مجال رسم الحرف العربي وهو (خط الثلث)  حيث تشكلت الصورة الخطية لديه منذ زمن بعيد تجلت في ماأكدته اللحظة الجمالية حينما ظهر بتوثيق منتجه في ديمومة تلاقي الثقافة والتعلم فكانت بحق رافدا ً جارٍ قامت على أساسه الصلة الروحية بين معارفه من ذوي الخبرة والاختصاص وان الصلة لم تكن عابرة بل هو ماجاء بها في الانتماء الى جمعية الخطاطين بكربلاء المقدسة واعلن انتمائه في (16/4/2011) ليثبت حقيقة التبادل الفني في الاشتراك بمعرض ربيع الرسالة في 10/2/2012 ومعرض الاحتفاء بجامعة كربلاء في (5/3/2012) واشتراكه في معرض تأسيس جمعية الخطاطين العراقيين فرع كربلاء في (16/4/2012) عليه ان الصلة الفنية بين الاشياء والافكار تتميز بطابعها في ظن منا نحن مجمع القراء ان منشأ المخطوطة شىء والمخطوطة شىء أخر ذلك اننا لانهتم بكيفية صيرورة المخطوطة لدى (النصراوي) وانما نحن معنيون بما قدم الينا من ابداع تكويني يتضح ضمن التلقي وانه يتضح بأكثر مما لو نظاما ً دالا ً ووفقا ً لهذا يصبح العمل الفني (المخطوطة) بنية ذات مرجعيات فيما سبقها مستوعبة في كيانها الجوهري ذاته , أي ان ماقدمه (النصراوي) من نماذج خطية هي امتداد لمن سبقوه على الساحة الفنية في كربلاء المقدسة امثال (الخطاط عبد الكريم الشمري , والخطاط محمد داعي الحق , والخطاط سالم والخطاط محفوظ والخطاط ياسين القرعاوي وجودت الاسدي كأعلام ريادين في مجال الخط العربي , حتى لنجد ان بنية الخط العربي لديه ليست مستقلة عن التاريخ الفني للخط بهذه المحافظة او مايجاورها في النجف الاشرف وبغداد والقادسية , وانها بذلك بنية قد اتحدت وتشكلت من خلال انساق متعاقبة في الزمان وانها بذات الوقت ليست محدودة في مدياتها فشغلت اليات تشكيلها بنية ثقافة التعبير لتكن ثقافة جمالية من حيث انها علامات مركبة تتوسط بين الخطاط والمتلقي بعيدة في الوقت نفسه عما يدور حول احالة العمل الخطي الى الحالة النفسية او الاجتماعية .

ان مايقدمه (حسين النصراوي) من تشكيل خطي في لوحة الانموذج التي لاتخلو من نقل فني وتناص خطي في الشكل لكنها انفردت في استبدال مضمونها ذو المستويات الاربع أولها بسملة(بسم الله الرحمن الرحيم ) بخط الثلث مشقها في رأسية أفقية شغلت حدود اللوحة من اليمين وحتى اليسار واعقبها مستوى ثان لرباعية أسماء الله الحسنى المنفذة بخط الثلث (احمد في أعلى الزاوية اليمنى ومحمود في أعلى الزاوية اليسرى وحامد في اسفل الزاوية اليمنى وحميد في اسفل الزاوية اليسرى وقد شكل الاسماء الاربع بتباعد متساوٍ في طرفي اللوحة وكأنه شكلت ضمن مربع ربما وهو مايشير اليه الخطاط المسلم في مربع (بيت الله الحرام /مكة)وانه وهمي اذا ما أوصلنا بين اركان الاسماء الاربعة ذات القياس الواحد , فجاءت الاسماء متوافقة ومنسجمة بتشكيلها ضمن زاوية خمس واربعون درجة وبأتجاه دوراني موفق فجاء الاسم الاول (أحمد) ضمن مربعه بقراءة تميل الى زاوية (45 درجة) رأسها الى زاوية الشمال الشمال الشرقي الجغرافي في حين جاء الاسم محمود في زاوية اليسار والى الشمال الغربي الجغرافي كما جاء الاسم حميد الى زاوية الجنوب الغربي وانتهى بالاسم حامد الى الجنوب الشرقي , علما ً بأن الاسماء وضعت لتحد الزوايا الاربع واحاطت بها دائرة نفذت بخط النسخ العربي وزع الخطاط مفرداتها الخطية بشكل سطور افقية وبعدد (9) ضمنها مقولة عن الامام علي عليه السلام "كان اذا وصف النبي صلى الله عليه واله لم يكن بالطويل الممغط ولابالقصير المتردد ,كان ربعة من القوم , ولم يكن بالجعد القطط ولا بالسبط كان جعدا ً رجلا ً ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم وكان ي الوجه تدوير ابيض مشرب ادعج العينين اهدب الاشفار جليل المشاش والكتد اجرد ذو مسربة شثن الكفين والقدمين ,اذا مشى يتقلع كأنما يمشي في صبب واذا التفت التفت معا ً"حيث ان الدائرة في الاسلام تعني الاستمرار والديمومة واللانهائي , ومن خلال التكوير الدائري واقتصار اطوال السطور التسع بتناقص موحد استطاع الخطاط ان يصل بنا الى تمويه بصري جعلنا نتابع منتجه بسطح مجسم لا مسطح ليتفق العمل مع مايراد به من تعبير فهي ليست افكارا ً تثير الادراك بل لتشرنا باختلافها واختلاف الخطاط في سياقاته وعلاماته فتؤدي بنا الى الاستدلال والشعور التأملي ومن ثم توجه الادراك نحو اقامة العلاقة بين العمل ومايراد التعبير عنه كالعلاقة بين العلامة وماترمز اليه .واذا ان التشكيل الذي وضعنا به (النصراوي ) ليس جديدا لكنه يبقى في منطقة الجدة باستخدامه المتغير من الشكل (القديم الحديث)اسوة بغيره من الرواد والاعلام الخطاطون (هاشم البغدادي ونبيل الشريفي وحجي مهدي ).

وفي المستوى الثالث الاية القرأنية (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين ) نفذت بخط التحقيق /الثلث افقية , في حين جاء المستوى الرابع لثلاثة سطور منفذة بخط النسخ اشتملت على "بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين اجود الناس صدرا ً واصدقهم لهجة والينهم عريكة واكرمهم عشيرة من رأه بديهة هابه "عليه ان ظهور الصورة الخطية بألية هو ظهور للصورة الداخلية وانعكاسها المتبادل , فنجد ان دراسة اللوحة الخطية قد الزمنا بتتبع بنائها العلمي الرياضي وفق ماقدمته من نسب ذهبية وابعاد قياسية حررت بجمالية افادتنا مصحوبة بتبريرها المعرفي وقدمت ثقافة حرف جمالي رياضي احداث صعقة الافكار وحلول الكينونات لتكتب حقيقة المظهر بين الدال الصرف والدال الرياضي في هيمنة للانموذج الحروفي المعرفي والعلمي وهو ماشكل بالتالي امكانات التعرف اليها التي تقع خارج نطاق العرف الجمالي الاسلامي , ومن هنا ان علم الخط ومهنته لترجع الى بدايات القرن الهجري الاول ومع انبثاق الرسالة الألهية في شخص الرسول الاعظم محمد (ص)وطرحها لميتافيزيقيا /فوق الطبيعة الفكر الديني الاسلامي للعصر انذاك وديمومتها لعصور قادمة تسجلها الاجيال وتحفظها القراطيس .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حازم عبودي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/04/02



كتابة تعليق لموضوع : ثقافة الحرف ثقافة التعبير الجمالي  في الخط العربي حسين النصراوي انموذجا ً
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net