صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

كيف يقضي العجز المالي على الازدهار الاقتصادي؟
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يظهر العجز المالي عندما تكون المصاريف المالية  لدولة معينة اكبر من إيراداتها خلال العام الواحد . العجز المالي قد يظهر في كل اقتصاديات العالم , الغنية والفقيرة , الصغيرة والكبيرة , الصناعية والغير صناعية.

العجز المالي لا يعد كارثة اقتصادية اذا كان تحت السيطرة . بل في بعض المراحل الاقتصادية يعتبر العجز المالي مرغوبا بل ضروري في أوقات الركود الاقتصادي. وحتى أكون واضحا , فان من المرغوب به ان تقوم الدولة بالاقتراض من المصادر الداخلية والخارجية في حالة تعرض الاقتصاد الوطني الى الانكماش , لأنه من خلال هذه القروض تستطيع الدولة الصرف على المشاريع الكبيرة من اجل خلق فرص عمل للمواطنين وانتشال الاقتصاد الوطني من الركود .

ولكن العجز المالي سيشكل مشكلة كبيرة على الاقتصاد الوطني اذا اخذ العجز بالانتفاخ و معه تنتفخ الديون الحكومية . في مثل هذه الحالة فان العجز سيشكل حجر عثرة امام النمو الاقتصادي للبلد. ما علاقة العجز المالي بالديون الخارجية التي تتكدس على الدولة ؟ الجواب هو ان استمرار تغذية العجز المالي عن طريق الاقتراض الخارجي والداخلي سوف يؤدي الى انتفاخ حجم الديون ومن ثم انتفاخ في حجم الفوائد التي تدفعها الدولة على القروض والتي تؤدي بدورها الى تقليص قدرة الحكومة على تنفيذ مشاريع تخدم المواطن والاقتصاد الوطني .

ان تضخم الديون وتضخم الفوائد المدفوعة على القروض تقلص خيارات الدولة في أوقات التراجع الاقتصادي لأنها لا تستطيع رفع نسبة الضرائب على دخول المواطنين وعلى شركات الاعمال او زيادة مصاريفها على البنى التحتية وبذلك تخسر الدولة معركتها مع الركود الاقتصادي . هذا الفشل يقود الى فشل اخر وهو تراجع أرباح الشركات , زيادة نسبة العاطلين عن العمل , و تدهور في المستوى المعاشي للمواطن . ان هذه المؤشرات تعد راية حمراء او سوداء داعشية يهرب امامها راس المال الأجنبي . حيث لا يمكن لمستثمر اجنبي استثمار أمواله في بلد مثقل بالمشاكل الاقتصادية .

الاقتصاد العراقي ما زال بخير , حتى في ظل وجود عجز مالي يقارب 12 مليار دولار , ولسبب بسيط ان مبلغ 12 مليار دولار هو مبلغ صغير قياسا بحجم الميزانية العراقية , وان الديون الداخلية والخارجية المترتبة على العراق ليس بالمبلغ الكبير حيث لا تتجاوز 30% من الإنتاج المحلي , وهي قليلة جدا قياسا الى ما تعانيه الولايات المتحدة الامريكية , اليابان , وكثير من الدول الاوربية . كما وان عجز مالي بمبلغ 12 مليار دولار قد يختفي مع أي زيادة في أسعار النفط العالمية , لان زيادة 5 دولارات للبرميل النفط الواحد في أسعار النفط العالمية يضيف الى خزينة الدولة العراقية ما يقارب 20 مليون دولار يوما .

بالرغم من هذه النظرة المتفائلة , الا ان الاقتراض الحكومي المتزايد قد يضعف قدرتها على ازدهار البلد اقتصاديا و بوتائر كبيرة , لأنه لو افترضنا ان العراق يدفع مليارين دولار سنويا فوائد على القروض الخارجية , فان الاقتصاد الوطني سيحرم من مبلغ مليارين دولار . ولو حرم القطاع التعليمي من مبلغ مليارين دولار سنويا فان هذا القطاع سيحرم الكثير من أبناء العراق فرصة التعلم , البنايات المدرسية الحضارية , برنامج اطعام طلاب المدارس , برامج تدريب المعلمين والمدرسين , والبرامج التثقيفية للطلاب . وتقليص تخصيصات وزارة الصحة بمبلغ مليارين دولار يعني تقليص كمية ونوعية الادوية للمرضى , تعطيل بناء مستشفيات ومستوصفات جديدة , تجميد التعينات الجديدة في الدوائر الصحية , و حرمان المرضى من الأجهزة الطبية المختصة في كشف الامراض المستعصية . وتقليل حصة وزارة الإسكان والاعمار مبلغ مليارين دولار يعني حرمان الطبقة الفقيرة من دور سكنية لهم , تأخير في بناء الطرق والجسور , و تأخر في انجاز المشاريع القائمة لها.

ان تقليص ميزانية الدولة بمليارين دولار لا يمتد تأثيرها الاقتصادي السلبي على الوزارات  المعنية فقط,  وانما يمتد تأثيرها السلبي الى جميع المرافق الاقتصادية الأخرى . فلو افترضنا ان كل مليار دولار تخلق 50 الف فرصة عمل سنويا , فان مليارين دولار سيخسر من جراءها ما يقارب 100 الف فرصة عمل , وهو رقم كبير سيكون تأثيره على الحلاق , البقال , القصاب , باعة الألبسة , باعة الأحذية , الصاغة , باعة الحلويات والمعجنات , رياض الأطفال , أصحاب المكاتب العقارية , وعلى عشرات أخرى من المهن والخدمات . لقد فهم محافظ المثنى هذه المعادلة , حيث طالب وزارة النفط الاتحادية بتوسعة الطاقة الإنتاجية لمصفى المحافظة من 30 الف برميل يوميا الى 70 الف , واضافة مصفى جديد اخر بطاقة 70 الف برميل يوميا. المحافظ بطلبه هذا , ان استجابت  له وزارة النفط الاتحادية , فان التوسعات سوف تغطي حاجة البلد من استخدام المحروقات المتزايدة ويدعم اقتصاد المحافظة , لان خير هذا التوسع في مصافي المحافظة سيصل الى كل بيت في المحافظة .  

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/04/02



كتابة تعليق لموضوع : كيف يقضي العجز المالي على الازدهار الاقتصادي؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net