صفحة الكاتب : اسعد عبدالله عبدعلي

مهزلة طبع الكتب في العراق
اسعد عبدالله عبدعلي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 زارني صديقي عماد بعد إصابتي بوعكة صحية, وبيده كتاب كهدية, فسألته ما هذا التغيير عماد بيده كتاب؟ قال إن أحد رواد مقهى عمه قد نشر إبداعاته في أهم دار للطباعة في بغداد! وقدم له نسخة كهدية , وعماد يعلم ولعي بالكتب والقراءة فأهداه لي, الحقيقة كان الغلاف مبهر ونوعية الورق ساحرة, وهذا يدلل على ثلاث أشياء: إما إن الكتاب عليه طلب شديد! مما دعا الدار للاهتمام بغلافه وأوراقه, لاعتباره كنز يدر إيرادات كبيرة على الدار, أو إن المؤلف ميسور الحال وطبعه على نفقته, أو انه صاحب منصب حكومي كبير.

أخذت الكتاب معي للبيت وتصفحته بعناية, فإذا بالمقدمة الركيكة جدا تفضح المؤلف! ثم نصوص غريبة لا تنتمي لأي جنس أدبي! بل هو اقرب شيء لمنشورات فيسبوكية, وهمسات مراهقة متأخرة, الحقيقة إن الكتاب يمكن تصنيفه بالرديء, والذي لا انصح بقراءته بتاتا, لأنه لا يكسب الإنسان الا الضجر وخلق دوافع لشتم وسب المؤلف, وهذا كتاب بين مئات المطبوعات سنويا في بغداد.

مع شديد الأسف يمكن عد هذا الأمر حالة عامة, انتشار الكتب المخجلة التي تنشر التفاهة طبعت فقط لان المال متوفر وليس لأنها فيها أفكار وإبداع.

وإذا أردت إن تكتشف فضيحة الكتب المطبوعة حديثا, تجدها في تلال الكتب وبسطيات الطريق المؤدي لشارع المتنبي, فتجد العناوين الغريبة والكبيرة, مع صور للكاتب بأوضاع متنوعة كي تبرز عبقريته, بضحكات غبية أو بغموض المجانين أو بابتسامة أبله, هكذا يعتقدون ستتفجر العبقرية, وتصبح كتبهم تدلل على أن أصحابها قد حققوا فتحا معرفيا أو أدبيا, مع إن المطروح في صفحات هذه الكتب مجرد تفاهات وأوهام ومغالطات!

ولو فكرت أن تذهب لظهر الغلاف في أغلب الكتب جديدة, تجد العجب العجاب, صورة للعبقري! ونبذة عن الكاتب على أساس إن الناشر هو من كتبها, لكن الحقيقة إن المؤلف هو من كتبها, فيكيل لنفسه الألقاب الغريبة, ويتبجح بالمديح لنفسه, ويتحدث بزهو عن نتاجه الخالد وإبداعه الرفيع! والذي لا مثيل له, ويوجب على كل الناس اقتناء هذا الكنز! فيشمئز القارئ وتنطلق شتائمه بحق دار النشر, بسبب الظن أنها هي من كتبت النبذة التعريفية بالمؤلف, ويفلت الكاتب بفعلته!

الأغرب إن تجد بعض الكتب من دون تاريخ النشر, فلا نعرف متى نشر المطبوع هل في عام 1900 أم في 2018! ولا يذكر عدد النسخ! ونحتمل أن بسببه الخجل, فأظن انه لم يطبع الا نسخة أو نسختين, فقط ليكتب بسيرته أن لديه كتاب مطبوع ومنشور! لا بل البعض يتوهم العبقرية وهو لا يصدر عنه الا التفاهات! بسبب الهوس الذي يتملك "البعض" باعتبار أنفسهم فلتت الزمن, وثالث يحسب كتابه من الشعر! لكن هو عبارة عن كلام رجل مخمور, لا ينتمي لأي بحر وليس فيه أي جانب أدبي, فقط هو الهذيان لا غير, ومن هذه الأنواع نجد الكثير, والتي نهايتها تكون في تلال الكتب التي تباع (بفلس ونص), ولا احد يهتم بها ويقلب صفحاتها.

قصص يتم تداولها في الوسط الثقافي, عن قيام البعض بالكاتبة لمن يدفع مقابل اجر, أي يكتب رواية مثلا, ويأتي الذي يدفع المال ويضع اسمه عليها, وقد تصل تلك الرواية لمنصات التتويج بالجوائز, مع أنها جهد كاتب يباع مقابل ثمن لشخص بليد يملك المال, أنها مصيبة كبيرة أن يسجل الإبداع باسم شخص غريب عن الإبداع, فقط الدولارات تمكنت من وضع اسمه بين المبدعين.

كل شيء أصبح ممكنا في العراق, فبعد إن فسدت مؤسسات الدولة وفسد الذوق, وحصل انقلاب في القيم, فلا تنتظر إن تسلم الكتب من هذه الآفة, أنها المأساة التي يكتب فصولها من يسمون أنفسهم كتاب ومبدعين, وهم أصل الهذيان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسعد عبدالله عبدعلي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/19



كتابة تعليق لموضوع : مهزلة طبع الكتب في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net