إتقوا الله في الميناء

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في ظل التقاطعات والتجاذبات التي تكاد تغرق ساحتنا الرياضية كنتيجة طبيعية لغياب المرجعيات القانونية والتعكز المزمن على أنظمة وتشريعات عفا عليها الزمن، وأكتسب معظمها درجة عدم الصلاحية لأيقاع الزمن الراهن وتطورات العصر ومتغيراته التي تدفع أكبر وأهم المؤسسات والهيئات الرياضية العالمية ومنها منظومة الأتحاد الدولي لكرة القدم (على سبيل المثال ليس إلا)، عبر تغيير نظامه الداخلي لدزينة كاملة من المرات وأستحداثه عشرات القوانين التي تلبي متطلبات الأيقاع العصري لكرة القدم, لا تزال رياضتنا وخصوصا الأندية التي تشكل العصب الحيوي لدورة حياة رياضة البلد تدفع أثمان فواتير باهظة نتيجة غياب التشريعات القانونية العصرية التي تنظم دورة الحياة هذه، وتنهي حالة الفوضى والتداخلات والخلافات التي تضرب مختلف مفاصل العمل الرياضي, ولعل قضية نادي الميناء البصري الكبير والعريق هي دليل صارخ على عمق المأساة المتجذرة في رياضتنا، حيث صارت المشاكل والخلافات في الميناء مثل كرة الثلج وحذرنا منذ أكثر من ثلاثة أعوام المعنيين بأمور النادي من حكومة محلية ووزارة النقل وشركة الموانيء العراقية التي هي الجهة الراعية لنادي الميناء من مغبة ترك الأمور سائبة ومعالجة أصل المشكلة بأجراءات بدائية لا تخلو من أنحياز لطرف ضد طرف اخر، في الوقت الذي يستمر جرح الرياضة وكرة القدم بشكل خاص نازفا بقوة يوما بعد اخر, وهنا أسترجعت مقالة كنت قد كتبتها بحق الميناء قبل ثلاثة شهور بعنوان (عاصفة في الميناء )، لم أجد سوى إعادة أهم مضامينها لأنها منسجمة مع واقع الحال المرير الذي يعيشه النادي البصري العريق، ومما جاء في تلك المقالة: 
*لا أدري لماذا وأنا أسترجع تطورات الأحداث في الأيام القريبة الماضية في نادي الميناء الرياضي تذكري للثائر الفرنسي الشهير جورج جاك دانتون عندما قال وهو أمام مقصلة الإعدام (أن الثورة تأكل أبناءها)، مستكملا المثل الفرنسي القائل (من السهل أن تبتدئ الثورات ولكن من الصعب أن تنهيها بسلام). وبطبيعة الحال لا علاقة هنا بالثائر الفرنسي والثورة الفرنسية وحكاية المثل الفرنسي بالبصرة وناديها الأثير العريق نادي الميناء, لكني أستذكرت هذه المعلومات المبتسرة من بطون كتب التاريخ عندما أضع صورة المشهد الذي لا يخلو من دراماتيكية في هذا النادي الكبير الذي كأنه يعيش بين حين واخر ما يشبه الثورة, والثورة المينائية هنا بالطبع ليست أستثناء في تاريخ الثورات الرياضية التي شهدها التاريخ الرياضي الحديث، فهي كما كل الثورات التي مرت عبر التاريخ لم تخل من القسوة والفوضى والخلاف ما بين ثوار الأمس وأخوة التاريخ والمجد الذي صار أطلالا للأسف، لأن نجوما ساطعة في سماء الكرة العراقية من طراز الشقيقين عبدالرزاق وهادي احمد وجليل حنون وعلاء احمد ورحيم كريم وغيرهم تناوبوا بشكل أو باخرعلى صنع الأزمات وكل حسب طريقته, والأزمة الحالية ما هي إلا نتاج هذا الأرث الحزين في العلاقات التي نسفت في ما بين رفاق ثورة التغيير والقيادة لهذا النادي، وهم أخوة الأمس في صناعة أمجاد الميناء وصاروا بنسب متفاوتة ودرجات مختلفة بالتأكيد أشبه بالأخوة الأعداء، وسط تجاذبات ومتناقضات إذا لم تجد حلولا واقعية حاسمة وسريعة فربما تؤدي الى منزلقات خطيرة، قد تترتب عليها تداعيات لا تحمد عقباها في ظل تعنت أبناء النادي الكبار، وأصرارهم على رفع رايات التسقيط بحق بعضهم على حساب سمعة الرياضة البصرية والمكانة الأثيرة للميناء، الذي لا يفكر أحد بالتضحية بالمناصب والمنافع والأمتيازات من أجل صموده وأستمرارية دوران عجلة الرياضة فيه، وفي مقدمتها كرة القدم، حيث صار حال الفريق الكروي في موقف لا يحسد عليه على الأطلاق. والأمر المحزن بل والمؤسف هو أن يلجأ الأخوة - الأعداء من الأسماء التاريخية الكبيرة الى طريقة الضرب تحت الحزام، وتغذية نار الخلافات المستعرة في ما بينهم من قبل شخوص وجهات طامعة بالنادي، ويريد كل منها الركوب على موجة الأزمة تحقيقا لمبتعاه من دون أن يعي الكبار من أبناء الميناء خطورة الحال وأنعكاساته المؤذية، ليس على واقع النادي الكبير بل وعلى مكانتهم وسمعتهم الرياضية، التي كنت أتمنى على أهل الحكمة والعقل في الرياضة البصرية، بل وحتى في المؤسسات الرياضية المركزية التحرك في مبادرة حقيقية وفاعلة من أجل جمع الفرقاء المختلفين من أبناء النادي حول طاولة الحوار الموضوعي والصراحة المبدئية، من أجل تجاوز الخلافات ونبذ الفرقة والعمل بروح رياضية متجردة عن الأنا والمصالح والمناصب، والتوصل الى مقاربات وقواسم مشتركة عنوانها العريض مصلحة الميناء قبل مصلحة هذا وذاك، لأن من شأن ذلك قطع الطريق على المتربصين والطامعين من خارج أسوار الميناء، وفي الوقت ذاته تقوية مركزية القرار في النادي أمام الوزارة المعنية وشركة الموانئ كي تتمكن الأخيرة من تأدية ألتزاماتها المادية والأعتبارية تجاه النادي ورياضييه وليس وضعها في المنطقة الرمادية الوسطى التي يدفع النادي فواتيرها بشكل باهظ يوما بعد اخر، خصوصا أن بقاء الحال على ما هو عليه قد ينذر بتطورات تخرج عن السيطرة ولا يمكن التنبؤ بنتائجها المؤذية في مطلق الأحوال.

الكاتب خالد جاسم


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/23



كتابة تعليق لموضوع : إتقوا الله في الميناء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net