صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (١٠)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.
   فانَّ أَمراً ليس لَكَ بهِ معرفةٌ ولا تعرف عَنْهُ شيئاً ولا تسمع بهِ إِلَّا من طرفٍ واحدٍ، تجهل أَوَّليَّاتهُ ولا تفهم بخلفيَّاتهِ لماذا تحشر نفسكَ فِيهِ؟! تتناقلهُ وكأَنَّهُ شُغلُك الشَّاغل! فتتحمَّل وِزرهُ ولا تنتفعَ بآخرهِ؟!.
   هل نسيتَ قولَ الله تعالى مُحذِّراً {وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}.
   لماذا لا تنشغِل بنفسِكَ عن الآخرينَ وانتَ أَعرفُ بنفسِكَ ومشاكلِكَ ورُبما فضائحكَ التي منَّ الله عليكَ بسترِها حتَّى حين؟!.
   تجنَّب الخَوضَ فيما تجهلهُ، وتذكَّر قولَ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) {مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ قَالُوا فِيهِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ}.
   إِحبس لسانكَ عمَّا ليسَ لَكَ بهِ عِلمٌ، ولا تتَّبع عثرات النَّاس بلسانِكَ الذي يصفهُ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) بقولهِ {اللِّسَانُ سَبُعٌ إِنْ خُلِّيَ عَنْهُ عَقَرَ} فقد يصدُق عليكَ قولَ الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} وانتَ لا تدري!.
   يجب أَن نتعلَّم كيفَ نتعاملُ مع الخبرِ بالطريقةِ التي قال عنها أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) {اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ لَا عَقْلَ رِوَايَةٍ فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ}.
   وإِذا كانَ أَحدُنا يظنُّ أَنَّ كثرةَ الكلامِ وتناقُلِ الأَخبارِ والأَسرارِ تكسبهُ هيبةً فهو على خطأ، فأَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) يدلُّنا على طريق الهَيبةِ بقولهِ {بِكَثْرَةِ الصَّمْتِ تَكُونُ الْهَيْبَةُ}. 
   والبائسُ هو الذي يتدخَّل فيما لا يعنيهِ وهو يظنُّ أَنَّهُ يُحسنُ صُنعاً كما يصفهُم القرآن الكريم {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} وقولهُ تعالى {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}.
   إِنّْها الصِّفات النفسيَّة السيِّئة والبذيئة التي تقلِب الحقائق فتضلِّل صاحبَها!.
   وأَنَّ الذين يصدِّقُون كلَّ ما يسمعُون أَو يقرأُون هم أَحدُ أَربعةِ أَنواعٍ من النَّاسِ؛
   ١/ فإِمَّا أَن يكونُوا جاهلينَ لا يقدِرونَ على تمييز الصَّحيح من السَّقيمِ من الكلامِ.
   ٢/ أَو أَنَّهم ممَّن يتهرَّبُونَ من المسؤُوليَّة فيصدِّقُونَ الغِثَّ والسَّمين على طريقة [يقُولونَ].
   ٣/ أَو أَنَّهم من المُغرضِينَ الذين يتصيَّدونَ في الماءِ العكِرِ لإِشاعةِ الفاحِشة في المُجتمعِ ليختلطَ على النَّاسِ الصَّحيحَ مع السَّقيمِ من الأَخبارِ فتضيعَ الحقائقَ عليهِم! هؤلاء الذين يعترفونَ على أَنفسهِم بالوصفِ {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ}.
   ٤/ أَو أَنَّهم ممَّن لا يُحبُّون إِذا سُئِلُوا أَن يقولُوا لا ندري فمِن أَجلِ أَن يُجيبُوا إِذا سُئِلوا يتتبَّعونَ كلَّ غثٍّ وسمينٍ من الأَخبارِ! وهذا النَّوعُ من النَّاسِ هُم أَراذل المُجتمع الذين يتناقلُون الأَخبارَ بِلا رويَّةٍ! ولذلكَ وصفهُم أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) بقولهِ {مَنْ تَرَكَ قَوْلَ (لاَ أَدْري) أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ}.
   إِنَّهم يتناقلُون [أَوضع] العلمِ وأَتفههُ على حدِّ وصفِ أَميرِ الْمُؤْمِنِينَ (ع) {أَوْضَعُ الْعِلْمِ مَا وُقِفَ عَلَى اللِّسَانِ وَأَرْفَعُهُ مَا ظَهَرَ فِي الْجَوَارِحِ وَالْأَرْكَانِِ}.
   لقد اهتمَّ القرآن الكريم كثيراً بموضُوعِ السَّماع والقِراءة والمُشاهدة حاثّاً على عدمِ التسرُّع في التَّصديق، مُعتبراً العقل هُوَ الفِلتر الوحيد الذي يجب أَن تمرَّ من خلالهِ المعلُومات قبل الرَّفض أَو التَّصديق.
   فالآيةُ الكريمةُ {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} تشرح المفهُوم بشكَلٍ عميقٍ عندما تتحدَّث عن تعطيلِ القلبِ والأُذنِ والعينِ عن أَداءِ وظائفِها الأَساسيَّة.
   أَمَّا العاقلُ فمِن صفاتهِ {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} فهو لا يصدِّق كلَّ ما يسمع أَو يقرأ، لأَنَّهُ يزِنُ الكلامَ بعقلهِ ويُفلترَهُ بوعيهِ ومعرفتهِ قَبْلَ أَن يصدِّقهُ!.
   وَمِنَ الَّلغوِ تدخُّل المرءِ بما لا يعنيهِ!.
   وإِنَّما أَصبحنا الْيَوْم نصدِّق الأَكاذيب التي تنتشرُ في وسائِل التَّواصل الإِجتماعي لأَنَّنا لم نعُد نُمرِّرها على عقولِنا قبل التَّعامل معها! حتى لقد باتت الأَكاذيب مُسلَّمات نتداولها ونتناقلها بلا وعيٍ وكأَنَّنا سُكارى حتّى أَنَّنا لا نعرف في أَحيانَ كثيرةٍ ما الذي كُتبَ في المنشُورِ الذي تسرَّعنا بنشرهِ وتوزيعهِ!.
   وصدقَ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) الذي يَقُولُ {لَيْسَتِ الرَّوِيَّةُ كَالْمُعَايَنَةِ مَعَ الْإِبْصَارِ فَقَدْ تَكْذِبُ الْعُيُونُ أَهْلَهَا وَلَا يَغُشُّ الْعَقْلُ مَنِ اسْتَنْصَحَهُ}.
   ٢٥ مايس [أَيَّار] ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/26



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (١٠)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net