صفحة الكاتب : فراس زوين

البيئة الاستثمارية بين الواقع والطموح
فراس زوين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

دأبت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام ٢٠٠٣ على محاولات متعددة للنهوض بالواقع الخدمي والبنى التحتية واخذت اشكالا متعددة ابتداء من استخدام الإمكانيات  الوطنية المتاحة مرورا باللجوء الى سياسة البناء بالآجل وصولا الى الدعوة لجلب الاستثمارات العالمية لكن الأمور في اغلب الأحيان كانت تنتهي بشكل غير مرضي وغير ملبي للطموح ولعدة أسباب يتعلق قسم منها بالتناحر السياسي بين الأحزاب العراقية المختلفة وعدم وجود نظرة موضوعية ذات بعد حقيقي للواقع الاقتصادي والمالي ،، وتذبذب الاستقرار الأمني الذي انتهى به الحال  الى سيطرة عصابات داعش على مساحات شاسعة من العراق .

وبعد الانتصارات المتتالية للقوات الأمنية بمختلف اصنافها والذي تكلل بتطهير كامل الأرض العراقية أصبحت الحاجة ملحة لإعادة اعمار مادمر من جهة والبدء بعملية بناء شاملة لبقية المناطق التي شهدت استقرار امني نسبيا في الفترات السابقة .

وفي خطم هذه الحاجة تحركت الحكومة العراقية والمتمثلة برئيس الوزراء حيدر العبادي بمحاولة جادة لجلب الاستثمار الأجنبي وتنشيط القطاع الخاص لدفع عجلة التنمية والبدء بعملية البناء والاعمار . 

لكن النتائج كانت دون المستوى ،، 

ويحق لكل قارئ ومتابع ان يسأل عن السبب ،، فالعراق بطاقته النفطية العملاقة كثاني بلد في منظمة أوبك المصدرة للنفط وبواقع 3.8   مليون برميل يوميا ومرشح للزيادة ليصل الى اكثر من 6 مليون برميل خلال فترة وجيزة وبمخزون نفطي هائل يقدر نحو 152 مليار برميل يضعه ضمن اكبر الاحتياطات النفطية على المستوى العالمي لكنه قد لايجد سبيل لجلب الشركات العالمية للاستثمار في بلد يحتاج كل شيء فيه اما للبناء او لإعادة البناء ولكن يبقى الواقع يعكس عزوف هذه الشركات من جهة وضعف الاستثمار المحلي من جهة أخرى واسبب ليس في طبيعة الاستثمار بحد ذاته بقدر ماهو متعلق بالبيئة الاستثمارية الطاردة لرؤوس الأموال فبالرغم من رغبة الحكومة العراقية والمتمثلة  في دفع عجلة البناء وخلق أجواء جاذبة للشركات العالمية وفي ضوء الكساد العالمي وتراجع مستويات الانفاق العالمي بقيت البيئة العراقية طاردة للاستثمار وغير جاذبة له ولعل الأسباب تتلخص بطبيعة البيئة العراقية التي يمكن ايجازها بمايلي 

1.  عدم الاستقرار السياسي والأمني ،، فبالرغم من الانتصارات المتتالية للقوات الأمنية العراقية لاتزال الأمور غير مستقرة وتمثل عائق امام رأس المال الأجنبي او المحلي 

2.  الفساد المالي والإداري ،، تعد واحدة من اهم الأسباب المعرقلة للاستثمار الأجنبي والطاردة للمحلي لأنه يخلق جوا من عدم الثقة بالنظام السياسي ومدى كفاءة انظمته الرقابية والقضائية

3.  ضعف التشريعات القانونية الداعمة والمحفزة للاستثمار والتي تمثل رسائل مطمئنه للمستثمرين بوجود بيئة قانونيه وتشريعيه تعمل على حماية وتعزيز الأموال 

4.  ضعف القطاع الخاص وعدم قدرته على الاضطلاع بمسؤوليته وتحريك عجلة البناء وتشغيل الايدي العاملة وبما يخلق بيئة اقتصاديه وتنموية سليمه 

5. تردي واقع البنى التحتية مثل الطرق والجسور والمطارات ووسائل النقل والمنظومة الكهربائية التي تضررت بسبب الحروب المتعاقبة مما اثره سلبا على بقيه المشاريع المتوسطة والصغيرة والتي تمثل القطاع الأكبر بالنسبة لتشغيل الايدي العاملة والحد من مستويات البطالة 

6. عدم وجود نظام مالي ومصرفي متكامل يضمن سهولة تدفق الأموال وسلاسة التعاملات الماليه والتجارية والذي يعد عائق امام الاستثمار الأجنبي 

7. السياسات التجارية والمتمثلة بسياسات الاستيراد والتصدير وتبني مفهوم الباب المفتوح امام البضاعة الأجنبية الجيدة والرديئة على حد سواء وما يترتب عليه من أضعاف الصناعة الوطنية وبالتالي اضعاف القطاع الخاص وبشكل يجعله غير قادر على القيام بدوره التنموي . 

 باحث اقتصادي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فراس زوين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/28



كتابة تعليق لموضوع : البيئة الاستثمارية بين الواقع والطموح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net