صفحة الكاتب : عبدالاله الشبيبي

سوء الظن بالمؤمن حرام… 
عبدالاله الشبيبي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قال تعالى: ﴿لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مِن ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً إِن تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوء فَإِن اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً﴾.
إن الآية تبيّن أنّ الله لا يحبّ التجاهر بالكلام البذيء، ولا يرضى بما يصدر من كلام عن عيوب الناس وفضائح أعمالهم، فتقول الآية: ﴿لاَّ يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ﴾.
إِن عدم الرضا من نشر فضائح أعمال الناس، نابع من حقيقة أنّ الله هو ستار العيوب، فلا يجب أن يقوم عباده بكشف سيئات الآخرين من أمثالهم أو الإِساءة إِلى سمعتهم، وممّا لا يخفى على أحد هو أنّ لكل إِنسان نقاط ضعف خفية، ولو انكشفت هذه العيوب لساد المجتمع جو من سوء الظن بين أفراده، فيصعب عندئذ قيام التعاون بين هؤلاء الأفراد، لذلك منع الإِسلام وحرّم التحدث عن نقائص أو فضائح أعمال الآخرين دون وجود هدف سليم، لتبقى الأواصر الاجتماعية قوية مستحكمة، ورعاية للجوانب الإِنسانية الأُخرى في هذا المجال.
وتجدر الإِشارة إِلى أنّ كلمة سوء تشمل كل أنواع القبح والفضيحة، والمقصود من عبارة الجهر... من القول هو كل حالة من الكشف والفضح اللفظي، سواء كان بصورة شكوى، أو على شكل حكاية أو لعن أو ذم أو غيبة. المصدر: تفسير الأمثل.
إعلم انه كما يحرم على الإنسان سوء القول في المؤمن وان يحدث غيره بلسانه بمساوئ الغير، كذلك يحرم عليه سوء الظن وان يحدث بنفسه بذلك.
والمراد من سوء الظن المحرم عقد القلب وحكمه عليه بالسوء من غير يقين به، وأما الخواطر وحديث النفس فهو معفو عنه كما ان الشك أيضا معفو عنه، قال الله تعالى ﴿إجتَنِبوا كَثيراً مِنَ الظَنِّ إنَّ بَعْضَ الظَنَّ إثم﴾ فليس لك ان تعتقد في غيرك سوءا إلا إذا إنكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل، وما لم تعلمه ثم وقع في قلبك فالشيطان يلقيه إليك فينبغي ان تكذبه فانه افسق الفساق وقد قال تعالى ﴿يا أيُّها الذينَ آمَنُوا إنْ جاءَكُم فاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَنوا أنْ تُصِيبوا قَوماً بِجَهالَةٍ﴾ فلا يجوز تصديق إبليس.
وقد قال النبي (ص): ان الله تعالى حرم من المسلم دمه وماله وان يظن به ظن السوء. وقال أمير المؤمنين عليه السلام: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوء وأنت تجد لها في الخير محملا.
فعن رسول الله (ص): إن في المؤمن ثلاث خصال ليس منها خصلة إلا وله منها مخرج: الظن والطيرة والحسد، فمن سلم من الظن سلم من الغيبة ومن سلم من الغيبة سلم من الزور ومن سلم من الزور سلم من البهتان.
وعن أبي الحسن الثالث (عليه السلام) قال: إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام أن تظن بأحد سوء حتى تعلم ذلك منه، وإذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل فليس لأحد أن يظن بأحد خيراً حتى يبدو ذلك منه. 
وعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام) في كلام له: ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً.
قد يكون سوء الظن تارةً بالنفس، وقد يكون سوء الظن بالآخرين، كما قد يكون بالله، وبهذا التقسيم وعلى منواله يكون حسن الظن أيضاً.
أمّا سوء الظن بالنفس إذا لم يبلغ درجة الإفراط فهو سلّم إلى التكامل ويدفع الإنسان إلى التدقيق في أعماله والإخلاص فيها، ويكون حاجزاً عن العجب والغرور منه عند قيامه بالأعمال الصالحة.
وإذا كان سوء الظن بالناس فهو ممنوع إلاّ أن يغلب الفساد في المجتمع حيث لا ينبغي هناك حسن الظن.
أمّا سوء الظن بالله أي سوء الظن بوعده أو رحمته وكرمه الذي لا حدَّ له فهو قبيح ومذموم، وقد يدلّ على ضعف الإيمان وربّما دلّ على عدم الإيمان!
وعليه يستطيع الإنسان أن يبعد عن نفسه سوء الظن بالتفكير في المسائل المختلفة، بأن يفكر في طرق الحمل على الصحة، وأن يجسّد في ذهنه الاحتمالات الصحيحة الموجودة في ذلك العمل، وهكذا يتغلّب تدريجاً على سوء الظنّ!.
وفي الحقيقة إنّ سوء الظن باعث على التجسّس، والتجسس باعث على كشف الأسرار وما خفي من أمور الناس، والإسلام لا يبيح أبداً كشف أسرار الناس!. المصدر: تفسير الامثل.
إنّ سوء الظن لا أنّه يؤثر على الطرف المقابل ويسقط حيثيّته فحسب، بل هو بلاء عظيم على صاحبه لأنّه يكون سبباً لإبعاده عن التعاون مع الناس ويخلق له عالماً من الوحشة والغربة والانزواء كما ورد في حديث عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنّه قال: من لم يحسن ظنّه استوحش من كلّ أحد.
وقد قال صاحب الميزان: المراد بالظن المأمور بالاجتناب عنه ظن السوء فإن ظن الخير مندوب إليه كما يستفاد من قوله تعالى: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾. 
والمراد بالاجتناب عن الظن الاجتناب عن ترتيب الأثر عليه كان يظن بأخيه المؤمن سوء فيرميه به ويذكره لغيره ويرتب عليه سائر آثاره، وأما نفس الظن بما هو نوع من الإدراك النفساني فهو أمر يفاجئ النفس لا عن اختيار فلا يتعلق به النهي اللهم إلا إذا كان بعض مقدماته اختياريا.
وعلى هذا فكون بعض الظن إثما من حيث كون ما يترتب عليه من الأثر إثما كإهانة المظنون به وقذفه وغير ذلك من الآثار السيئة المحرمة، والمراد بكثير من الظن ـ وقد جيء به نكرة ليدل على كثرته في نفسه لا بالقياس إلى سائر أفراد الظن ـ هو بعض الظن الذي هو إثم فهو كثير في نفسه وبعض من مطلق الظن، ولو أريد بكثير من الظن أعم من ذلك كأن يراد ما يعلم أن فيه إثما وما لا يعلم منه ذلك كان الأمر بالاجتناب عنه أمراً احتياطياً توقياً من الوقوع في الإثم.
وعليه نورد بعض المسائل ذات صلة بالموضوع ومنها: 
أولاً: ما حكم سوء الظن وتتبع العثرات ونشرها بين الناس؟
الجواب: هو حرام قطعاً فإنه من الغيبة المحرمة.
ثانياً: ما حكم التجسس على سلوك الآخرين في علاقاتهم‏ الشخصية؟
الجواب: مقتضى القاعدة الحرمة.
ثالثاً: إذا زلّت قدم المسلم فسقط في معصية رآه فيها مسلم آخر، ثم تاب العاصي واستقام، فهل يجوز للثاني تسقيطه وتعييره بذلك.
الجواب: كلا أبداً. المصدر: مسائل وردود، ج‏3، ص66.
واليكم مجموعة من درر الحكم في ما يخص سوء الظن ومنها:
- الظن ارتياب.
- الريبة توجب الظنة.
- الرجل السوء لا يظن بأحد خيراً لأنه لا يراه إلا بوصف نفسه.
- إياك أن تسيء الظن فإن سوء الظن يفسد العبادة ويعظم الوزر.
- آفة الدين سوء الظن.
- إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء الظن رجل برجل لم يظهر منه خزيه فقد ظلم واعتدى.
- سوء الظن يفسد الأمور ويبعث على الشرور.
- سوء الظن بالمحسن شر الإثم وأقبح الظلم.
- سوء الظن بمن لا يخون من اللؤم.
- سوء الظن يردي مصاحبه وينجي مجانبة.
- شر الناس من لا يثق بأحد لسوء ظنه ولا يثق به أحد لسوء فعله.
- من ساء ظنه ساء وهمه.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبدالاله الشبيبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/03



كتابة تعليق لموضوع : سوء الظن بالمؤمن حرام… 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net