صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (٢١)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ}.
   على ماذا صبرَ الإِمامُ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع)؟!.
   إِنَّ الصبرَ كلمةٌ بسيطةٌ في النُّطقِ لكنَّها عظيمةٌ في الواقعِ والميزان!.
   كلُّنا نتغزَّل بها ونذكرها على أَلسنتِنا ونتمنَّى أَن نكونَ من الصَّابرينَ ولكنَّنا نسحقها سحقاً بمجرَّد أَن نتعرَّض لأَبسطِ الظُّلمِ أَو البلاءِ أَو إِذا تجاوزَ أَحدٌ على حقٍّ من حقوقِنا مهما كان تافهاً! أَو إِذا تعرَّضنا لتُهمةٍ أَو كذبةٍ! وهي كلُّها من مواطنِ الصَّبرِ كما يصفها القرآن الكريم {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}.
   أ/ وإِنَّ أَعظم ما صبرَ عليهِ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) هو حقَّهُ وتراثهُ الذي ورثهُ عن رَسُولِ الله (ص).
   فالسُّلطة [الخلافة] التي يتعامل معها الإِمامُ بواجبٍ شرعيٍّ ومسؤُوليَّة إِلهيَّة كما في قولهِ (ع) في الخُطبةِ المعروفةِ بـ [الشَّقشقيَّة] {أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَلَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ } صبرَ عليها وتنازلَ عنها عندما شعرَ أَنَّها تتعارض مع الصَّالح العام بسببِ الظُّروف القاسية التي فرضها عددٌ محدودٌ من [الصَّحابة] على الأُمَّة! واستسلامِ الأَخيرة للإِنحراف وحالةِ الإِنقلابِ التي كانَ قد حذَّر منها القرآن الكريم بقولهِ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}.
   ولقد وصفَ الإِمامُ (ع) فلسفةُ الحالِ بقولهِ {فَمَا رَاعَنِي إِلَّا انْثِيَالُ النَّاسِ عَلَى فُلَانٍ يُبَايِعُونَهُ فَأَمْسَكْتُ يَدِي حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةَ النَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ الْإِسْلَامِ يَدْعُونَ إِلَى مَحْقِ دَيْنِ مُحَمَّدٍ (ص) فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً تَكُونُ الْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلَايَتِكُمُ الَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّامٍ قَلَائِلَ يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ كَمَا يَزُولُ السَّرَابُ أَوْ كَمَا يَتَقَشَّعُ السَّحَابُ فَنَهَضْتُ فِي تِلْكَ الْأَحْدَاثِ حَتَّى زَاحَ الْبَاطِلُ وَزَهَقَ وَاطْمَأَنَّ الدِّينُ وَتَنَهْنَهَ} على الرُّغمِ من يقينهِ وعلمِ الجميعِ بأَحقيَّتهِ في الأَمرِ {فَلَمَّا مَضَى [الرَّسول] (ع) تَنَازَعَ الْمُسْلِمُونَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ فَوَاللَّهِ مَا كَانَ يُلْقَى فِي رُوعِي وَلَا يَخْطُرُ بِبَالِي أَنَّ الْعَرَبَ تُزْعِجُ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ (ص) عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَا أَنَّهُمْ مُنَحُّوهُ عَنِّي مِنْ بَعْدِهِ} وقولهُ {لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَحَقَّ النَّاسَ بِها مِنْ غَيْرِي}.
   والآن؛ 
   مَن مِنَّا يتنازل عن [الكُرسي] إِذا تعارضَ مع الصَّالح العام ولأَيِّ سببٍ كانَ؟!.
   مَن مِنَّا يترك الموقع إِذا وقف المُجتمع أَمامَ مُفترقِ طُرُقٍ؛ السُّلطة أَو أَمنِ البَلد؟!.
   نَحْنُ لا نترك الموقعَ الذي ليسَ لنا إِلّا بالطَّردِ! فكيفَ إِذا كانَ الموقعُ لنا ومِن حصَّتِنا؟!.
   لقد رأَينا كيفَ سالت الدِّماء أَنهاراً من أَجلِ بقرةٍ يسطو عليها إِبن العشيرةِ الأُخرى! وأَنَّ السيفَ يقعُ بين الأُخوة وأَبناء العم إِذا تجاوزَ أَحدٌ على إِرثٍ تافهٍ لا يسوى قِطمير!.
   هُنا يتبيَّن مقدار الصَّبر، ومدى تحمُّلنا! طبعاً إِذا كانَ عندنا شيءٌ مِنْهُ!.
   ٥ حُزَيران ٢٠١٨
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/06



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ الخامِسَةُ (٢١)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net