صفحة الكاتب : د . اسعد كاظم شبيب

البرلمان العراقي جدل ما بعد الانتخابات
د . اسعد كاظم شبيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يقف عدد من أعضاء مجلس النواب في العراق هذه الأيام في جلسات الاستثنائية حجر عثرة إمام نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 12 أيار من هذا العام بدعاوى أبطال عمليات التزوير التي رافقت سير العملية الانتخابية في حالة فريدة من نوعها لم تشهدها الانتخابات البرلمانية والمحلية السابقة رغم الخروقات والاتهامات بالتلاعب في أصوات الناخبين وعمليات التزوير الممنهجة، وبعيدا عن شرعية وإلزامية القرارات التي يتخذها المجلس النيابي هناك استفهامات عديدة تثار عن هدف تحمس أعضاء مجلس النواب الذين ينتمون الى كتل سياسية مختلفة من أبطال نتائج الانتخابات النيابية. هل لخسارة أعضاء مجلس النواب دور في هذا، ام إن حالات التزوير التي رافقت العملية الانتخابية تستدعي إصدار التعليمات مرة والمواد القانونية مرة أخرى لإبطال جزئ او كلي لنتائج الانتخابات، ومن الملاحظ ان الانتخابات النيابية الأخيرة اختلفت فنيا وسياسيا وتشابهت من حيث القواعد القانونية الإجرائية(قانون الانتخاب/سانت ليغو) فمن الناحية الفنية أخذت المفوضية بمجلس مفوضيها الجدد ما بدأه مجلسها السابق بالنظام الاليكتروني البايومتري في تسريع نتائج الانتخابات بالتعاقد مع شركة من كوريا الجنوبية، ولهذه الخطوة سمتان:
الأولى: السمة الايجابية
الانتقال من التصويت والفرز اليدوي التقليدي الى اعتماد النظام الالكتروني الجزئي في عملية تسريع النتائج يعد تقدم للعملية الانتخابية وفق المعايير الدولية، ايجابيات التصويت تتمثل بدقة النتائج، وضمان صوت الناخب، وسرعة إعلان النتائج، ومعرفة كل كيان سياسي عدد منتخبيه، وأصوات مرشحيه مباشرة بعد انتهاء عملية التصويت في الساعة السادسة مساءا، حيث ان نظام الـ pecos يخرج عدت تقارير مطبوعة تحمل بيانات كاملة عن عدد المصوتين، وأصوات كل كيان سياسي وأصوات المرشحين في كل محطة انتخابية، ويكون تقرير النتائج لكل محطة انتخابية في عهدة ممثلي الكيانات والأحزاب السياسية وهو بمثابة وثيقة يعرف كل كيان سياسي حجمه الانتخابي وما حصل عليه من مجموع الأصوات الانتخابية من عموم المراكز الانتخابية ضمن الدائرة الانتخابية(محافظة) على اعتبار العراق يتكون من دوائر انتخابية متعددة كل محافظة بمثابة دائرة انتخابية.
الثانية: السمة السلبية
من الناحية الفنية رافقت عملية التصويت تعقيدات بعمل جهاز عدة التحقق ومشاكل عديدة منها: البطئ، وعدم أظهار بصمة الناخب المحدث بايومتريا، وفقدان اسم الناخب في السجل الالكتروني أثناء إدخال بطاقته الالكترونية، وبالرغم من هذه المشاكل فان السمة الايجابية من الناحية الفنية أثمرت نتائجها من الناحية الالكترونية على مستوى التصويت العام في المراكز الانتخابية بتحقيق نسبة عالية من الشفافية في ضمان صوت الناخب فضلا عن سرعة إعلان النتائج.
أذن أين مساحة الخروقات والتزوير في العملية الانتخابية؟ من المعروف ان المفوضية لم تطبق النظام الالكتروني في التصويت الخارج وهو ما جعل عملها عرضة للاتهامات بالتلاعب والتزوير بأصوات الناخبين لصالح هذا المرشح او ذاك في الكتلة أ او ب او ج، وهذا ما دار فعلا في عدد من المراكز الانتخابية في الخارج مما اثر سلبيا على مرشحي الدوائر في الداخل وكان السبب الرئيسي الذي أخر إعلان النتائج النهائية عن موعدها المحدد من قبل المفوضية، بعد ان صعدت كفة المرشح أ على حساب المرشح ب الذي يفوقه بالآلاف الأصوات على المستوى المحلي في داخل العراق، كما ان هناك ضغوطات مارستها كتلة سياسية وربما كتل لصالح صعود مرشح لها في كل دائرة انتخابية(محافظة) بقوة التهديد والسلاح، اما مسالة شراء الأصوات فهي تقع خارج عمل المفوضية وقد لا تتحمل هي مسؤولة ذلك كما صرح رياض البدارن مدير الدائرة الانتخابية في المفوضية.
من الناحية السياسية كانت نتائج الانتخابات بقدر ما كانت مفرحة للتحالفات ذات الصبغة الإصلاحية والتي رفعت شعار مكافحة الفساد والقضاء على المحاصصة فان نتائج الانتخابات كانت محبطة للكتل التقليدية المحافظة المتهمة بالفساد حيث تراجعت بصورة كبيرة وأسقطت عدد كبير من أعضائها النافذين مما جعل ممثلي هذه الكتل في مجلس النواب لا تريد ان تتقبل الخسارة بسهولة فصارت توظف الخروقات التي رافقت العملية الانتخابية تصويتاً ونتائجاً، فعملت إلى إيجاد تعليمات توجب بموجبها المفوضية بإعادة فرز الأصوات يدويا وأبطال تصويت الخارج وهي تعكف الآن على إصدار قانون قد يودي إلى أعادة الانتخابات من جديد اذا لم تعمل المفوضية على أعادة العد والفرز يدويا، من جانبها سارعت المفوضية بأبطال 1020محطة انتخابية من المراكز الانتخابية في الداخل والخارج، ورفض رئيس المفوضية، معن الهيتاوي، في مؤتمر صحفي ببغداد اليوم 31 آيار 2018 العد والفرز اليدوي قائلا:"ان المفوضية لن تستجيب لقرار البرلمان بإلغاء جزء من نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة وإجراء العد والفرز اليدوي لـ10 في المئة من صناديق الاقتراع، وأضاف الهيتاوي أن قرار البرلمان العراقي، الاثنين الماضي، بهذا الخصوص يخالف القوانين النافذة، وأشار الهيتاوي إلى أن المفوضية ستنتظر صدور قرار من المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في البلاد) بهذا الشأن، مطمئنا الكتل السياسية والمواطنين بأن النتائج تعبر عن إرادة الناخبين. ومما تقدم يتضح ان هناك نموذجان رئيسيان لتصحيح الخروقات في نتائج الانتخابات:
أحداهما: يشمل عمل المفوضية في هذه المدة وبكادرها الحالي من اجل معالجة الخروقات التي رافقت إعلان النتائج بان تسارع الى النظر في الطعون والشكاوى المقدمة من الكيانات، والأخذ بالموثقة والحقيقية منها ولا باس بان تعالج بعض المقترحات المقدمة من مجلس النواب بغض النظر عن الدوافع السياسية بإلغاء بعض مراكز التصويت خصوصا على مستوى انتخابات الخارج وإلغاء المحطات التي تصنف ضمن الخروقات الحمراء، كما ان أعادة العد والفرز اليدوي يحتاج إلى قرار من المحكمة الاتحادية على اعتبار ان العد والفرز الالكتروني منصوص عليه ضمن قانون الانتخاب المصوت عليه من قبل ذات الأعضاء في المجلس النيابي الحالي.
ثانيهما: فيقع على عاتق مجلس النواب الجديد لتصحيح مسار العملية السياسية ومن ضمنها العملية الانتخابية بإصدار قانون انتخابي جديد ومغاير لنظام سانت ليغو وإناطة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالقضاة، ومعالجة كل الأخطاء الفنية التي رافقت العملية الانتخابية تحضيرا لأي انتخابات قادمة ومنها انتخابات مجالس المحافظات في نهاية عام2018. إلى جانب ذلك عمل أعضاء مجلس النواب الجديد على التعديلات الدستورية اللازمة لتصحيح مسار وتهذيب العملية الديمقراطية.


 كلية العلوم السياسية/جامعة الكوفة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . اسعد كاظم شبيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/09



كتابة تعليق لموضوع : البرلمان العراقي جدل ما بعد الانتخابات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net