صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح391 سورة  القمر الشريفة
حيدر الحد راوي

بسم الله الرحمن الرحيم

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{17} 
تنعطف الآية الكريمة محققة (  وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ) , صرفنا فيه انواع العبر والمواعظ , (  فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) , فهل من متعظ ومعتبر .      

كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ{18} 
تضيف الآية الكريمة (  كَذَّبَتْ عَادٌ ) , نبيهم هودا "ع" , (  فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ) , بيانا لشدة العذاب الذي نزل فيهم .     

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ{19} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً ) , ذات صوت شديد , او باردة , (  فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) , يوم مستمر الشؤم , وقيل كان ذلك في يوم اربعاء .   
( عن الباقر عليه السلام إن لله عز وجل جنودا من الريح يعذب بها من عصاه موكل بكل ريح منهن ملك مطاع فإذا أراد الله عز وجل أن يعذب قوما بعذاب أوحى الله إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح الذي يريد أن يعذبهم به فيأمرها الملك فتهيج كما يهيج الاسد المغضب ولكل ريح منهن إسم اما تسمع لقول الله عز وجل إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر .
عن الصادق عليه السلام الاربعاء يوم نحس مستمر لانه أول يوم وآخر يوم من الايام التي قال الله عز وجل سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .    

تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ{20} 
تبين الآية الكريمة حالة تلك الريح (  تَنزِعُ النَّاسَ ) , تقلعهم من الارض , روي ان عادا هرعوا الى الشعاب والحفر وتمسك بعضهم ببعض , فنزعتهم الريح نزعا , (  كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ) , كان حال قوم عاد كأصول نخل منقلع من مغارسه , يرى بعض المفسرين انهم شبهوا بالنخل لعدة اسباب منها :    
1-    لطولهم , حيث عرفوا بطول القامة . 
2-    شبهوا بأعجاز النخل لان الريح قطعت رؤوسهم وطرحت اجسامهم . 

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ{21} 
تكرار الآية الكريمة للتهويل وبيانا لخطورة ما حدث , وقيل ان الاول كان يعني العذاب الدنيوي , والتكرار للعذاب الاخروي , وهو ما اشارت اليه الآية الكريمة ( 16)  من سورة فصلت الشريفة { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ } .   

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{22} 
تكرار الآية الكريمة لمزيد من التأكيد والاعتبار . 

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ{23} 
تستمر الآية الكريمة مضيفة (  كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ ) , كما كذب قومي نوح وعاد كذلك كذب قوم ثمود بنبيهم صالح "ع" , وكذبوا ايضا بكل الانذارات .     

فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ{24}
تستمر الآية الكريمة تروي على لسانهم (  فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا ) , من جنسنا , (  وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ ) , تعددت زعامات الاسر بينهم , فلكل اسرة زعيم , يطيعه افراد تلك الاسرى , بينما لا يطيعون رئيس اسرة اخر , فكان من شأن اتباع النبي صالح "ع" ان تتوحد الزعامة او الطاعة وتنحصر فيه علي كثرتهم , (  إِنَّا إِذاً ) , اذا اتبعناه , (  لَّفِي ضَلَالٍ ) , خروج عن الصواب , (  وَسُعُرٍ ) , وجنون .    
يلاحظ انهم عكسوا على صالح "ع" ما رتبوه عليه من تركه لما هم عليه بالضلال والجنون . 

أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ{25}
يستمر كلامهم في الآية الكريمة (  أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا ) , أألقي الوحي عليه وفينا من هو احق منه به , (  بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ ) , بل هو كذاب حمله بطر , حمله بطر لطلب الاستعلاء علينا .  

سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ{26}
تضمنت الآية الكريمة رد الباري جل وعلا على قولهم ذاك (  سَيَعْلَمُونَ غَداً ) , حين نزول العذاب عليهم , و (  غَداً ) بيانا لقرب نزوله فيهم , (  مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ ) , عند نزول العذاب عليهم , سواء كان المقصود به عذاب الدنيا او عذاب الاخرة على اختلاف الآراء , من هو الكذاب هو او هم , ومن حمله اشره الى طلب الاستعلاء والتكبر هو ام هم ؟ ! .   

إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ{27}
تضيف الآية الكريمة (  إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ ) , باعثوها ومخرجوها من الصخرة , (  فِتْنَةً لَّهُمْ ) , اختبارا لهم , (  فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ ) , النص المبارك يخاطب النبي صالح "ع" (  فَارْتَقِبْهُمْ ) ما يصنعون , (  وَاصْطَبِرْ ) , على أذاهم .   

وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ{28}
يستمر الخطاب للنبي صالح "ع" في الآية الكريمة (  وَنَبِّئْهُمْ ) , وخبرهم , (  أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ) , مقسوم بينهم وبين الناقة , يوم لها ويوم لهم , (  كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ ) , يحضره صاحبه في يومه , بينما يحظر ويمنع من ليس يومه .     

فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ{29} 
تضيف الآية الكريمة (  فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ ) , لم يحتملوا ذلك طويلا , سرعان ما ملوه , فنادوا صاحبهم قدار بن سالف "احيمر ثمود" , (  فَتَعَاطَى ) , فجرد السيف وبادر لقتلها , (  فَعَقَرَ ) , فعقرها موافقا طلب القوم منه .  

فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ{30} 
كررت بيانا لهول العذاب وخطره . 

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ{31}
تستمر الآية الكريمة (  إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً ) , فكان عذابهم بالصيحة , (  فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) , وهو الحشيش الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء , او هو " الذي يجعل لغنمه حظيرة من يابس الشجر والشوك يحفظهن فيها من الذئاب والسباع وما سقط من ذلك فداسته هو الهشيم" – تفسير الجلالين للسيوطي - . 

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{32} 
تكرار الآية الكريمة لمزيد من التأكيد والاعتبار . 

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ{33} 
تستمر الآية الكريمة (  كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ) , كما كذبت تلك الاقوام السابقة , كذلك كذب قوم لوط "ع" , فكذبوا نبيهم لوط "ع" وكذبوا بكل الانذارات .    

إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ{34}
تبين الآية الكريمة (  إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً ) , ريحا ترميهم بالحجارة , (  إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ ) , باستثناء اهل بيت لوط "ع" نجيناهم وقت السحر "اخر الليل" .     

نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ{35} 
تضيف الآية الكريمة (  نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا ) , انعاما منا على آل لوط "ع" , (  كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ ) , بمثل هذا الجزاء يجزى كل من آمن بالله تعالى ورسوله , واطاع الله ورسوله وشكر نعمه .   

وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ{36} 
تضيف الآية الكريمة محققة مؤكدة (  وَلَقَدْ أَنذَرَهُم ) , لوط "ع" , (  بَطْشَتَنَا ) , اخذنا اياهم بالعذاب , (  فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ) , فكذبوا بالإنذار وجادلوا فيه باطلا .    

وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ{37} 
تؤكد الآية الكريمة محققة (  وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ ) , عندما راود القوم لوط "ع" طلبا ان يخلي بينهم وبين ضيوفه , فقد جرت عاداتهم ان يفجروا بكل من يمر في قريتهم , لكن هذه المرة كان ضيوف لوط "ع" من الملائكة , (  فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ ) , فأعميت عيونهم وسويت بسائر الوجه , في رواية ان جبريل "ع" صفق بجناحيه او اهوى او اشار بإصبعه نحوهم "على اختلاف منطوق الروايات" فذهب بعيونهم او ابصارهم , وفي رواية اخرى ان جبريل "ع" أخذ كفا من بطحاء فضرب بها وجوههم وقال شاهت الوجوه فعمي أهل المدينة كلهم , (  فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ) , تنكيلا بهم , لكن المفسرين يختلفون في منطوق النص المبارك فننقل فيه رأيين : 
1-    بمعنى قيل لهم على لسان الملائكة "ذوقوا جزاء اعمالكم وجني جنيكم " . 
2-    او ان المقال على لسان الحال وظاهره .    

وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ{38} 
تحقق الآية الكريمة مؤكدة (  وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ ) , اما في الصباح فكانوا على موعد مع عذاب دائم يستقر فيهم ويتصل الى عذاب يوم القيامة حتى دخولهم النار .  

فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ{39} 
تضيف الآية الكريمة (  فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ) , يقال لهم "ذوقوا العذاب – عذابي – الذي انزلته بكم , بسبب كفركم وجوحدكم , وانذاري الذي انذركم به لوط – ع – " , على اختلاف ان يكون المقال بلسان الحال او بواسطة ملائكة العذاب .   

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ{40}
كررت الآية الكريمة في كل قصة من القصص اعلاه , بيانا واشعارا :
1-     بان تكذيب كل رسول يقتضي نزول العذاب على المكذب "المكذبين" . 
2-    ان استماع القصص اعلاه يوجب العظة والعبرة . 
3-    كما وان تكرارها فيه فائدة استئناف التنبيه ويستدعي اليقظة او الفواق من الغفلة والسهو , على هذا المنحى كررت عدة آيات من قبيل { فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } الرحمن13 , { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } المرسلات45 ... الخ .  
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/06/21



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح391 سورة  القمر الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net