صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الدول المتكاملة والمتناقصة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الدول أما أن تتكامل وتتكافل أو أنها تتناقص وتتعاضل , وحتى في الجراثيم هناك سلوكيات تكاملية وتناقصية , فمثلا هناك العديد من أنواع الجراثيم التي تعيش داخل أبداننا في تواؤم وتكافل وتبادل منفعة , وما أن نهاجم أي صنف منها بالمضادات الحيوية فأن الأنواع الأخرى تتنامى وتتشرس وتتحذر من العدوان فتصيبنا بأضرار , لغياب عنصر التوازن والتآلف الذي كان قائما وحارسا لأي سلوك منحرف أو مضطرب.
وهذا قانون بقاء يتحكم بالعديد من الموجودات الأرضية وربما الكونية قاطبة , وبعض البشر يدركه والكثير منهم يجهله ولا يعرف آليات التعامل به والحفاظ على قوته وبقائه.
وفي عالمنا العربي نعيش أمية تكاملية وغيبوبة تكافلية فادحة النتائج والتداعيات , فالدول العربية برغم ما فيها من عناصر ومرتكزات التكامل والتكافل فأنها تتخذ سبل التناقص والإضعاف البقائي الفتاك , فلو نظرنا إلى ثروة النفط وكيف تم توظيفها لتبين لنا بوضوح دامغ مناهج التناقص والهوان والخسران , التي تسلكها دول العرب وتمعن في شراستها العدوانية على بعضها , وتأبى التكامل والتفاعل الإيجابي وتبادل المنفعة والإعتصام بالمصالح المشتركة والهدف النافع للجميع.
فالتكامل العربي ممنوع ومن المحرمات السلوكية , ولا يمكنه أن يتحقق مهما توهم العرب وكتبوا وفكروا , لأن فيه تأثير خطير على مصالح وتطلعات عاصفة في المنطقة العربية منذ نهاية النصف الأول من القرن العشرين , وسيُجنى أوكلها في العقود القليلة القادمة , بعد أن تُقرأ الفاتحة على أمة العرب.
فعندما تتساءل لماذا لا يتكامل العرب , يكون الجواب لأن العرب محكومون بغير العرب , محكومون بمن يبدون كعرب وما هم في دخيلتهم وأنفسهم ورؤاهم بعرب , وإنما هم من أمم أخرى وأصحاب أجندات غير عربية , ووجودهم مرهون بالتنفيذ , وإن حاد الواحد منهم عن جادة الأمر بتحقيق المصالح والأهداف فأنه سيُلقى في سعير الذل والهوان وبأسرع ما يتصور , مهما توهم بأنه قوي وصاحب قدرة على التعبير عن مشروع عربي أصيل.
ولهذا فأن العدوانية قائمة ما بين الحاكم والعربي المحكوم , لتعزيز إنتماء الحاكم إلى مَن يمده بوسائل البقاء في الحكم , ويأسّده على الشعب المُبتلى به والمُستعبد بكرسية , وبأدواته القمعية الشرسة التي تمعن بإستلاب وجوده ومصادرة حقوقه , والقوى المدعية بحقوق الإنسان تغض ألف طرف وطرف عنه , لأنه عاملها الأمين , ويدها التي تنفذ الأوامر بأقسى وأبرع ما يكون عليه التنفيذ.
ولن تتحقق المصالحة بين أنظمة الحكم والشعب , لأن في ذلك تعارض مع المصالح وإعتداء سافر على الثوابت والمتطلبات اللازمة لتأمين الأهداف , وتطوير المشاريع وإستلاب الثروات والقدرات , وتعميم الجهل والأمية والإنحرافات السلوكية القاضية بتصارع الأخوان وتناقص الأعوان.
ولهذا تجد الأنظمة العربية تهرع إلى غيرها وتستعين بها على أخيها العربي , كما حصل في العراق واليمن وليبيا وسوريا , ودول أخرى تريد أن يكون لها دور وشأن في تقرير المصير العربي وبناء الحاضر الأفضل والمستقبل الأجمل.
وتلك حقائق مرعبة على الأجيال أن تدركها لكي تلد من بينها مَن فيه قدرات التنوير والتطوير والتحرر من أصفادها الثقيلة المتراكمة.
والمشكلة المعضلة أن العرب فيهم من الإستعدادات السلبية ما لا يتوفر عند غيرهم من أمم الأرض التي تدين بمصالحها الوطنية !!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/01



كتابة تعليق لموضوع : الدول المتكاملة والمتناقصة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net