صفحة الكاتب : جمعة عبد الله

العراق المشطور في رواية ( المشطور ) للكاتب ضياء جبيلي
جمعة عبد الله

هذه الرواية تتناول وتتناقش القضايا الصعبة والمصيرية للعراق ما بعد عام 2003 . مع عنوانها الفرعي ( ست طرائق غير شرعية لاجتياز الحدود نحو بغداد ) , تطرح الواقع العراقي المرير على بساط المحك , في اصعب قضية مصيرية تواجه العراق , وفي اضعف حلقاته ( كعب أخيل ) . حينما استيقظت الطائفية من عرينها القذر والعفن , واسقطت الهوية الوطنية , وتجرع العراق بعد ذلك الاهوال والويلات الكارثية والدموية المتواصلة , التي لا تنقطع . حيث اصبح العراق مشطوراً طائفياً ( شيعي / سني ) . بطرق فنتازيا . سريالية . غرائبية في عجائبها الخيالية , التي اصبحت ادوات التدمير والقتل والموت للحياة والواقع . تناولتها المتن الروائي , في اسلوبية ساخرة ولاذعة بالتهكم والانتقاد الساخر , في مفاعل الكوميديا التراجيدية , او الكوميديا السوداء , التي عصفت بالعراق , بعد هذا التاريخ المشؤوم . عام 2003 . , بأن يصبح العراق مشطوراً على نفسه , في انصاف ناقصة . لتأخذ الواقع الى هاوية الجحيم . ورواية ( المشطور ) تتحدث عن وقوع مواطن عراقي في قبضة تنظيم داعش الارهابي , ويقوم ارهابيان ( شيشاني وافغاني ) بتعذيبه بطريقة مروعة , وبعد ان عجزوا في معرفة هويته الطائفية ( سني / شيعي ) فكان يصر وبعناد كأنه اختار الموت تحدياً , بأنه عراقي . ويتهكمان عليه بسخرية وتهكم , بأن تاريخ العراق ( خراء في خراء ) , ويبصقان عليه بغضب عنيف ( كلب . أجرب . زنديق . تفووو)ص18 . ثم قام احدهما بشطره الى نصفين , في منشار كهربائي لقطع الاشجار . وحاول المشطور الى نصفين , اجتياز الحدود عبر المعابر الدول الست الجوار ( سورية . تركيا . أيران . الكويت . السعودية . الاردن ) من اجل الوصول الى بغداد , والبحث عن رواية ( الفسكونت المشطور ) للكاتب الايطالي ( إتيالو كالفينو ) . التي تتحدث عن ( ميداردو دي ترالبا ) الذي عاد من الحرب مشطوراً الى نصفين . النصف الاول يمثل الشر , والنصف الاخر يمثل الخير . ومن اجل المعرفة . كيفية ألتحامهما في جسد وكيان واحد . كما هو مذكور في الرواية . لذلك يخوض النصفان المشطوران . اللذان اختار لهم أسمين . الاول ( ميزو ) والثاني ( بوتاميا ) كالعراق اليوم المشطور , بين سني وشيعي . يخوضان مغامرات عاصفة بالغرائبية والسريالية في عجائبها , التي هي اغرب من الخيال . في المعابر الحدودية الستة , في نقاط التفتيش الحدودية , التي تدار من قبل شركات الاحزاب الحاكمة , بمباركة مزكاة من رجال الدين . التي تتعامل بالمال والرشوة , في السماح بمرور الشاحنات , التي تحمل المتفجرات والمفخفخات , والمواد الخطيرة والسامة , اي انها تحمل في جعبتها , أدوات الموت والدمار والخراب للعراق والعراقيين . تمر هذه الشاحنات بكل سهولة ويسر وعدم تفتيشها كما هو متفق عليه مسبقاً في المقايضة المالية , وهي تحمل اهوال الكوارث الدموية , وايضاً تحمل المواد الغذائية الفاسدة والمسرطنة والخطيرة , والمخدرات والحشيشة والحبوب , لكي تعجل بموت العراقيين , وايضاً حتى المواد الاعضاء التناسلية , للذكور والاناث . مواد مطاطية . بلاستيكية , بكل الانواع والحجوم , والعقاقير والمنشطات والمراهم , ومواد التصغير والتكبير الاعضاء الجنسية , وحتى التحاميل غشاء البكارة . تدخل بكل حرية دون عرقلة وتفتيش . وهي رسائل موت للعراقي المشطور ( سني / شيعي ) . هذا واقع الحال في عهد الحكم الطائفي . الذي شطب الهوية الوطنية . مما خلق اجواء التوتر والعنف , التي تصاعدت وعمقت وتيرة التمزق والتشتت والانقسام , وخلقت الحروب الدموية الطائفية , المعلنة وغير المعلنة . التي وقعت على رؤوس الجميع دون استثناء , ولكن تحمل العبء الاكبر من التدمير والخراب , هي الاقليات الدينية والعرقية , بالتهجير القسري , وفي مجازر الموت والقتل والذبح , وسبي واغتصاب النساء , حتى راجت اسواق النخاسة والرقيق , في حكايات سريالية هي اغرب من الخيال , في غرائبتها التدميرية بالفناء والابادة لهذه الاقليات العرقية والدينية , هذا واقع الحال الفعلي , الذي طغى على العراق , مما جعل المواطن يعيش حالات الخوف والرعب والفزع , والقلق على وجوده الحياتي , واصبحت هذه المظاهر حالات روتينية ويومية , يتعايش العراقي في ظلها بين فكي , الجثث المجهولة الهوية , والقاتل المجهول الهوية . مما اصبح البلد , بلاد الموت والمعاقين والمخطوفين . يتجرعون عذابات الموت والاحباط , مئات الالاف من العراقيين . ضحايا العنف الدموي الطائفي . فما حال المشطوران ( ميزو ) و ( بوتاميا ) هي نفس عذابات وحالات العراق المشطور ( سني / شيعي ) و ( الانخراط في الحياة من حولهما كأي معاقي من مئات الآلآف من معاقي هذا البلد . أما عن ’ الهوية ’ التي يبحثان عنها , فيمكن الاستدلال عليهما من الاثر الذي احدثه العنف فيهما , كما أحدثه في ملايين العراقيين , سواء من أجسادهم , أو من نفسياتهم . أليس هما النتيجة الغرائبية , السريالية , لعملية شطر فظيعة بمنشار كهربائي , قام بها الارهابيان , الشيشاني والافغاني ؟ ) ص225 . فما أهمية الهوية العراقية , التي ديست بالاقدام , فما أهمية حياة العراقي , التي أصبحت ( زبالة ) وبضاعة كاسدة ورخيصة , لا تصلح إلا لوقود الموت والحروب الطائفية المدمرة , او لغايات طائفية دموية , عبثية ومجنونة , أو لحصارات خانقة سواء في زمن الدكتاتورية , او في زمن الحكم الطائفي في شروره الجهنمية والعدوانية , والتي يؤمن في أبادة وفناء الاخر . وما يحدث في العراق اليوم , إلا نتيجة طبيعية لثمار الحكم الطائفي , والاحزاب الطائفية الحاكمة , في جعل العراق غارقاً في الازمات الخطيرة , في لعبة التناحر الدموي من قبل شركات وميليشيات الاحزاب الطائفية , لذلك فأن حالة النصفين المشطورين ( ميزو ) و ( بوتاميا ) , حالة متنافرة لا يمكن ان يلتقيان على طريق وهدف واحد , لا يمكن ان يلتحما في جسد وكيان واحد . لكل منهما مسلك وطائفة تقودهما الى التناحر والتنازع والخلاف , لا يمكن إلا ان يكون احدهما ضد الاخر , وعدو الاخر , بالتوحش والعداء في كسر عظم الاخر , لذلك فأن الانشطار , حالة قدرية لامناص منها , حالة يتأزم فيها التباعد والخصام والخناق اكثر فأكثر , حتى لو احرقوا العراق , او هدموا العراق حجراً على حجر . حتى لو كانا تحت طنان من ركام الرماد , فأنهما اصبحا مشطورين الى نصفين , لا عودة الى التلاحم في كيان وجسد واحد . طالما الهوية الوطنية تمزقت واندثرت تحت بساطيل الطائفية , وسالت بسببها انهار من الدماء , الى حد الجنون السريالي الغرائبي , لا يشفى ولا يتعافى .

( هذان النصفان عنيدان )

( أين نرميهما هذه المرة ؟ )

( في البحر , ربما علينا رميهما في البحر , وهكذا نتخلص منهما الى الابد )

( لا جدوى من ذلك , سيعودان على ظهر اول حوت , يرغب بالانتحار على السواحل العراقية )

( لماذا لا نحرقهما ؟ )

( لن ينفع )

( سيشوهان فقط )

( نعم . ويتحولان الى مسخين يروعان خلق الله , في كل مكان )

( يكفينا ما لدينا من تشوه )

( أذن , ما الحل برأيكم ؟ )

( ندعهما وشأنهما ) ص230 .

وهذا واقع الحال المزري والمأجور , في العراق المشطور ( سني /شيعي ) .

× رواية المشطور . الكاتب ضياء جبيلي

× الطبعة الاولى : عام 2017

× محفوظة لمنشورات الجمل . بغداد - بيروت

× عدد الصفحات : 240 صفحة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمعة عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/11



كتابة تعليق لموضوع : العراق المشطور في رواية ( المشطور ) للكاتب ضياء جبيلي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net