صفحة الكاتب : علي علي

عن كوكب اليابان!
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  سجل التأريخ عن اليابان مرورها بأقسى هجوم جوي في التأريخ المعاصر، وسجل أيضا كيف تعامل اليابانيون مع الأحداث في منتصف القرن المنصرم وهم المنكوبون آنذاك. فقد سخّروا الرقم ثلاثة لخدمة بلدهم، لاسيما بعد خروجهم من الحرب العالمية الثانية عام 1945 متكبدين خسائر جسيمة، من جراء سقوط قنبلتي هيروشيما وناكازاكي النوويتين. إذ لم يقابلوا مصيبتهم بالنواح والعويل، ولم يضعوا أيديهم على خدودهم بانتظار المحتم والمقدر، ولم يستسلموا لليأس والخنوع، مع أنهم استسلموا للقوى العظمى حينها. بل وضعوا نصب أعينهم ثلاث ركائز أساسية للنهوض بردود أفعال قوية، تمكنهم من مواكبة عجلة البناء والتقدم، بل والتفوق على أقرانهم من الدول، واتخذوا من الركائز الثلاث قاعدة مثلثة، تستند عليها باقي مرافق الدولة المتحضرة، فلقد كانت رؤوس ذاك المثلث هي: (القضاء والصحة والتعليم). 

  أما الرأس الأول (القضاء)، فمادام عادلا ومنصفا للمذنب والبريء معا في آن واحد، ونائيا عن المحسوبية والمنسوبية والنظر الى المواطن والمسؤول وذوي المناصب الرفيعة نظرة القانون، بلا انحياز الى فئة او ضغوط من جهة او تواطؤ مع جانب، تحققت بذلك المساواة ولم يطمع أحد بأخذ أكثر من حقه او ييأس آخر من فقدان حقوقه، وساد بذلك العدل وعم السلام.

   وأما الرأس الثاني (الصحة)، فمن منطلق ان العقل السليم في الجسم السليم، وان الجسد المعافى يرقى بالعقل السوي الى حيث الإبداع والابتكار، فقد أولت السلطات اليابانية اهتماما جديا بجانب توفير الخدمات الصحية في أبعد مناطق البلد، وفتح مراكز طبية تعليمية وتفعيلها بشكل استثنائي وبطاقة قصوى، لإيصال الوعي الصحي الى أفراد المجتمع بجميع شرائحه، فنشأ مجتمع بجسد سوي صحي أثمر عقولا سليمة تفتقت عن اختراعات في مجالات العلوم كافة.

   وأما رأس المثلث الثالث (التعليم) فقد أولوه اهتماما كبيرا، بدءا من مراحله الأولى، حيث ينقش التعلم في ذهن الطالب وهو يافع، ليأتي أكله في المراحل المتقدمة من العمر كمهندس او عالم او باحث، أو المكانات المتقدمة في قيادة مناصب الدولة كمدير ووزير ورئيس وسفير متعلم، يصلح لقيادة مجتمع قيادة صحيحة.

  حديثي عن اليابان انتهى، وسأقارب بينها وبين عراقنا وأقول: "الجدر مايتركب إلا على تلاثة".. مثل يلجأ اليه العراقيون لإثبات أن ثلاثة أشخاص أو ثلاث خصال أو ثلاثة أشياء خير من اثنين، في حزم أمر ما وإتمامه على أتم وجه، وقد قال شاعر فيما سبق:

   ثلاثة تجلو عن القلب الحزن  

         الماء والخضراء والوجه الحسن

وللحفاظ على جسم سليم نصحنا الأطباء بإعطاء معدتنا حقها في ثلاث هي؛ الماء والهواء والغذاء. وتتعدد الثلاثيات ومناشئها وقائلوها وأهدافها وفوائدها لمن يستغلها بالشكل الأمثل لخدمته، وتدخل في تفاصيل يومياتنا بشكل يضفي عليها معنى وشأنا..  فالرقم ثلاثة إذن، يشكل رقما مميزا في حياتنا، فيه من الماضي شيء وفي الحاضر أشياء وللمستقبل أشياء أخرى.

  أقول أيضا: ماذا لو سأل ساستنا أنفسهم أين نحن من هذا المثلث؟ ومتى تدخل قاموس مسؤولينا مصطلحات مثل: (المهم والأهم)، (الأولويات والضروريات)، وينأون عن مصطلحات مثل: (المحاصصة والشراكة والحزبية والفئوية)؟ ألم يعوا ويتيقنوا أنها سبب خراب البلاد؟ أم أن الخراب لديهم هو المقصود والهدف المنشود!.

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/11



كتابة تعليق لموضوع : عن كوكب اليابان!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net