صفحة الكاتب : نجاح بيعي

ما هذه الْغمِيزة .. يا أعضاد المّلة وأنصار الإسلام ؟!. المرجع الأعلى حاسد أم محسود ؟. ( 1 )
نجاح بيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لم أكن مُغاليا ً لو قلت بأن أخوة نبيّ الله يوسف (ع) لو كانوا عراقيين لكانوا قد محّصوا كلام أبيهم يعقوب (ع) جيدا ً (إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون) ولوجدوا لهم رادعا ًمن أنفسهم حينما أجمعوا أمرهم على قتل أخيهم , يمنعهم من تسويق حقدهم الأعمى للخلاص منه بكذبة ـ الذئب الذي أكله والدم الزائف على القميص ـ (وجاءوا على قميصه بدم كذب) . ولأدركوا بأنّ أمرهم مُفتضح ومكشوف منذ البداية عند أبيهم . والسبب هو أنّ يعقوب النبيّ سبق مكر أولاده , وكان قد ألهمهم التبرير للقتل من حيث لا يشعرون حينما سألوه أن يرسل معهم يوسف . أما لماذا عراقيون ؟. هذا لأنهم يتميزون عن غيرهم من الأقران ببراعتهم في فهم ما وراء الكلام , وبقراءتهم ما بين السطور , وبإدراكهم ما ترمي اليه الغمزة واللمزة واللفتة وما ترمي اليه وتشير حتى وُصف العراقي بالـ(حِسچه) لحذاقته ولذكائه .

ومن هذا المنطلق لم يكن عند العراقي الـ(حِسچه) أيّ ضبابيّة في الرؤيا حينما أثيرت مُجدّدا ً زوبعة إشاعة تقصير (المرجعية العليا) واتهامها باللامُبالاة في هجوم متوقع زورا ً وبهتانا ً, مع انطلاق أول شرارة للتظاهرات والإحتجاجات (المطلبية) في البصرة مطلع شهر تموز القائظ . وبالخصوص هجمة التشويه التشويش الأخيرة عليها من قبل شذاذ الآفاق وطغام موائد السحت الحرام ومُتسكعي أعتاب الأرصفة الليلية , حينما تناول خطيب جمعة كربلاء السيد (أحمد الصافي) موضوع (الحسد) وآثاره التدميرية على الإنسان . وسرت بينهم وعبر مراتع مواقع التواصل الإجتماعي كالنار في الهشيم . حتى تلقفها مَن لا يفقه بقلب ولا يُبصر بعين ولا يسمع بأذن (أولئك كالأنعام بل هُم أضل). وراحوا يجترّون الجملة الجاهزة كشعار في الشوارع المأزومة : (الدم بالشوارع والمرجعية تِحچي عالحسد) بطريقة (دونكيشوتيّة) خائبة !.  
ـ إذن ..
الحسد هو الذي استفزهم وأثارهم !. تُرى لماذا (الحسد) وفي هذا الوقت بالذات ؟.
يُجيبُ على هذا السؤال وأسئلة أخرى إن وجدت (يعقوب) هذا الزمان بكل وضوح وبساطة . وأقصد به المرجع الأعلى للطائفة (السيد السيستاني) الذي شأنه شأن ذلك النبيّ (ع) , قد ألْهم (الأمّة) وعرّفها أعدائها ومَن يكونوا هؤلاء القابعين في ظلام الحقد والضغينة , ويُريدون شرا ّ ما بعده شرّ بالعراق والعراقيين عبر رحلة كفاح مرير معهم منذ سقوط الصنم عام 2003م وللآن , من خلال مواقف عدّة وبيانات كثيرة واستفتاءات متنوعة وتصريحات متلاحقة وبرامج ناجعة ترأب الصدع ولكل ما من شأنه أن يُهدد المجتمع وكيان الدولة , وكذلك من خلال خطبة صلاة الجمعة العبادية بشقيها الأولى الإجتماعية ـ والثانية السياسية .
وإذا كان الحال هكذا فإنهم وبلا ريب مفضوحون ومكشوفون ومعروفون عند المرجع الأعلى  وعند كل مُنصفٍ لبيبٍ (حسجة) .
كنا قد بينّا سابقا ً أن خطاب المرجعية العليا عبر منبر الجمعة  يتصف بالطابع الإرشادي التكاملي . لذا فهو يُكمل ويُفسر ما قبله , وبنفس الوقت يُؤسس ويُمهد لما بعده , بشكل لا يمكن الفصل بينهما أحيانا ً. فإذا كان المتعارف بأن الخطبة الأولى موجهة للأمة جمعاء وتكون مفعمة بالحكم والمواعظ , فإن الثانية منها موجهة للسياسيين المتصدّين للحكم وتشتمل على  النصح والإرشاد لهم مع مُراعاة الأحكام والأمور الشرعية لكليهما . ولكن ومنذ امتناع المرجعية العليا عن تناول الشأن السياسي إلا عند الضرورة في( 5 شباط من عام 2016م) , صار الخطاب على العموم يشمل الأمة قاطبة (أي كل العراقيين) بكل عناوينهم ومطبقاتهم .
الملاحظ  في خطبة (الحسد) في20/7/2018م كان الخطاب تتويجا ً لما قبله من مواقف . فالمرجعية العليا حينما تنتقد التقصير المتعمد من قبل الحكومة أو عدم نضج السياسيين أو تكريسهم  للفساد وغير ذلك , كانت أيضا ً لا تتوانى عن توجيه النقد للظواهر السلبية والمدمرة أحيانا ً التي تطرأ على المجتمع (الناس)  . فالكمّ الهائل المتراكم من الظواهر السلبية والأزمات عند كليهما (الطبقة السياسية والناس )عبر سنين طويلة دفعت المرجعية العليا الى تبنّي خطاب إصلاحي تتصاعد وتيرته نحو الشدة تجاههما , كلما ازدادت الظواهر السلبية والأزمات حدة , وكلما لم تلقى آذانا ً صاغية لها , حتى ضيقت الخناق هذه المرة بشكل لا يدع هناك متنفس ولو بشكل بسيط على (المجتمع ـ الناس) في الخطبة الأولى , كذلك أيضا ً على (الحكومة ـ الطبقة السياسية) في الخطبة الثانية .
لذا ثارت الحفيظة عندهم جميعا ً واستشاط الغضب لديهم وماجت السريرة السوداء التي انطوت عليها أنفسهم . فاستنفروا طاقاتهم وجمعوا قواهم واستعان بعضهم بالبعض الآخر . وما ذلك إلا لاستشعارهم الخطر على وجودهم بالكامل هذه المرة . فتوجهت سهامهم الى المرجعية العليا والى خطابها . ومن الطبيعي منبر الجمعة ليس بخارج عن دائرة الإتهام لديهم , لأنهم وبلا أدنى شك كانوا قد قرأوا (التاريخ) ووعوا ما يحكيه عن بدايات الوعي الإجتماعي والسياسي بين الناس , وعن بث روح التمرد على فساد الحكّام والولاة , وانطلاق ثورات التغيير على جميع أشكال الإستبداد والطغيان إنما تنطلق من المنبر!.
ـ كيف ؟.
كانت المرجعيّة الدينيّة العليا قد حدّدت في خطبة (الحسد) الثانية (4) أربعة أمور كفيلة بنجاح مهمة مَن يتصدّى للخدمة العامة (الحكومية ـ كأوثق مصداق لها) في حدّها الأدنى , ليتسنى للمتصدّي تقديم الخدمات العامّة للمجتمع والأمور الأربعة هي :
ـ الأول : الخادم الذي يسعى للخدمة لابدّ أن يكون عالما ً بما يُريد أن يخدم!.
ـ الثاني : الخادم الذي يسعى للخدمة لابُدّ أن يستعين بأدوات جيّدة تُعينه على الخدمة!.
ـ الثالث : الخادم الذي يسعى للخدمة لابدّ أن يضع عامل الزمن وعامل الوقت أمامه!.
ـ الرابع : وهو الأهمّ .. الخادم الذي يسعى للخدمة لابدّ أن يحصل على (الثقة) بينه وبين مَن يُريد أن يخدمه!.
وهي بلا شك ضربة قاصمة قاهرة شملت (المجتمع ـ الناس والسياسيين المتصدّين) على حدّ سواء . بل شملت كل من ادّعى ويدّعي الخدمة العامة زيفا ً خلال السنين العجاف (الخمسة عشر) الماضية والموسومة بالخيبة والخذلان. وجاءت الضربة القاصمة في جوّ ملتهب بالتظاهرات والإحتجاجات الشعبية (التي خرجت عن طابعها السلمي الى العنف والعنف المتبادل مع القوات الأمنية) المنادية بتوفير أبسط متطلبات الحياة والعيش الكريم بما يحفظ كرامة الإنسان العراقي . هذا إذا كنا قد غضيّنا النظر عن كون الخطاب جاء كردة فعل مباشر على مّن رفع عقيرته مؤخرا ً بالإعتراف بالتقصير طالبا ً الإعتذار من الشعب ! 
ـ
ـ يتبع ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/26



كتابة تعليق لموضوع : ما هذه الْغمِيزة .. يا أعضاد المّلة وأنصار الإسلام ؟!. المرجع الأعلى حاسد أم محسود ؟. ( 1 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net