إدلب أولوية للأسد ... والمعارضة تعوّل على الضامن التركي

عاد أمس الجدل حول مصير محافظة إدلب (شمال سورية) الخاضعة لاتفاق «وقف التصعيد»، إلى واجهة الأحداث في سورية، إذ اعتبر رئيس النظام السوري بشار الأسد أن «تحرير إدلب يمثل أولوية بالنسبة إلى الجيش السوري»، ما قابلته المعارضة السورية بالتعويل على الضامن التركي لمنع مواجهة مرتقبة من جهة، والاستنفار العسكري من جهة أخرى.


وقال الأسد، في مقابلة مع وسائل إعلام روسية، رداً على سؤال حول أولية القوات الحكومية: «منذ بداية الحرب، حينما سيطر الإرهابيون على بعض المناطق في سورية، أكدنا بوضوح أن واجبنا يكمن في تحرير كل شبر من الأرض السورية»، مضيفاً: «الآن هدفنا هو إدلب، لكن ليست إدلب وحدها، وهناك بالطبع أراضٍ في شرق سورية تسيطر عليها جماعات متنوعة. من بينها تنظيم داعش، الذي بقيت لديه بؤر صغيرة، وكذلك جبهة النصرة وتشكيلات متطرفة أخرى». وأكد: «لهذا السبب سنتقدم إلى كل هذه المناطق، والعسكريون سيحددون الأولويات، وإدلب واحدة منها».

في المقابل سارعت فصائل إدلب المسلحة إلى إعلان «تشكيل عسكري جديد يضم فصائل من الجيش السوري الحر وكتائب إسلامية»، مشيرة إلى أن من أهدافه «التجهيز للمعركة المرتقبة مع النظام من خلال الإعداد العسكري والتدشيم»، داعية المقاتلين والعناصر في المنطقة إلى الانضمام له. وتوعدت كل من يروج لـ «المصالحات» مع النظام السوري.

من جانبه أكد القيادي في «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) أبو الفتح الفرغلي أن «هناك فروق عدة تتميز بها منطقة الشمال عن بقية المناطق»، مستبعداً أن يجري في إدلب سيناريو حمص وحلب والغوطة الشرقية لدمشق ودرعا. ولفت إلى أن «أغلب المسلحين الذين كانوا في المناطق الأخرى وصلوا في النهاية إلى قناعة، أن الحل هو حل سياسي ليس عسكرياً. أما في الشمال السوري فالغالبية مع استمرار القتال وليس حل سياسي». وزاد: «المناطق التي سُلّمت لم يحدث فيها تطوير للسلاح بسبب فقدان إرادة القتال والوهن الذي أصابهم، أما في منطقة الشمال فقد حدث تطوير كبير جداً في السلاح يفوق الخيال».

بدوره، استبعد رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري هجوماً لقوات النظام على إدلب، معتبراً أن المعركة فيها «لن تكون سهلة». وقال الحريري «لا شك لدي أن لدى النظام وإيران رغبة قوية بفتح معركة عسكرية في إدلب، لكن أعتقد أن هذا الأمر لن يكون متاحاً لهما». وأضاف في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»: «نتبع كل الإجراءات لحماية إدلب والمدنيين فيها بالتعاون مع تركيا كدولة ضامنة (..) من أجل تجنيب إدلب هذا المصير العسكري»، مشيراً إلى «نقاشات» تجريها تركيا مع «روسيا كونها اللاعب الأكبر في الملف السوري». وتحدث عن عوامل عدة تحول من دون شن هجوم عسكري على المحافظة، بينها أن «المعركة لن تكون سهلة، مع وجود عشرات آلاف المسلحين من أهالي المنطقة أو الذين تم تهجيرهم من مناطق فرضت عليها التسويات».

وتنفيذاً لاتفاق «خفض التصعيد»، نشرت تركيا عشرات نقاط المراقبة خلال الأشهر الأخيرة في إدلب، ما يجعل وفق الحريري «من الصعب على النظام وإيران وروسيا القيام بأي عملية إلا إذا انسحبت القوات التركية. وإذا لم تنسحب سينبئ ذلك عن حرب إقليمية وربما عالمية». ورأى أن «خيار التهجير» لن يكون ممكناً «إلا إذا أرادت روسيا أن تهجرهم خارج سورية وهذا مستحيل، ومن شأنه أن يضع المسلحين أمام معادلة واحدة هي القتال حتى النهاية».

وأضاف: «سيؤدي ذلك إلى حرب استنزاف طويلة الأمد، ليس من السهل لأي طرف أن يحسمها، وقد تؤدي إلى كوارث على المستوى المدني، وبالتالي ستعيق الوصول إلى حل السياسي». وخلص إلى القول «لذلك أعتقد أن معركة إدلب لها حسابات أخرى مختلفة».

دمشق تتوعد «الخوذ البيض»

وعلى صعيد آخر، أعتبر الأسد خلال المقابلة مع الإعلام الروسي أن وجود القوات الروسية في سورية «أمر ضروري من وجهتي نظر التوازن السياسي في العالم ومكافحة الإرهاب». وقال: «إن وجود القوات الروسية مهم بالنسبة إلى المعادلة في منطقتنا حتى أن يتغير التوازن السياسي في العالم، وهذا قد لا يحدث على الإطلاق، نحن لا نعرف ذلك، لهذا السبب هذا الأمر مهم بل ضروري». وزاد: «روسيا ليست دولة صغيرة، إنها قوى عظمى، لهذا السبب تتحمل واجباً إزاء كل العالم كما تتحمل مسؤولية عنه».

من جهة أخرى، خيّر الأسد عناصر الدفاع المدني السوري، المعروف بـ «الخوذ البيض»، بين المصالحة أو التصفية، ووصفها بـ «الغطاء للإرهابيين من جبهة النصرة»، مضيفاً أن «الحكومة تعمل حالياً على المصالحة معهم. بعضهم بقوا في سورية كمدنيين وألقوا أسلحتهم، فيما توجه أغلبهم إلى إدلب حيث يمكنهم العيش مع إخوتهم الإرهابيين». وشدد أن «مصير الخوذ البيض هو نفسه الذي يواجهه كل إرهابي... لديهم خياران، إلقاء الأسلحة والاستفادة من العفو، وإما تصفيتهم على غرار الإرهابيين الآخرين».

عودة اللاجئين

وفيما دعا الأسد كل اللاجئين السوريين الذين غادروا البلاد بسبب الحرب، لا سيما هؤلاء الذين كانت لديهم استثمارات في سورية، للعودة إلى وطنهم. وأشار إلى أن نصف العام الماضي شهد عودة آلاف لاجئ سوري فقط، لافتاً إلى أن «العراقيل الأساسية أمام عودتهم تتمثل بتدمير البنية التحتية ومنازلهم».

وأكد أنه مع ذلك هناك أمور ضرورية لا بد من حلها لكي يواصل اللاجئون حياتهم في سوريا في شكل طبيعي.

لكن رئيس هيئة التفاوض اعتبر أن إعادة اللاجئين السوريين، «خطوة مبكرة وخاطئة قبل إنجاز الحل السياسي الكامل»، محذراً من ارتكاب النظام وأجهزته الأمنية إلى جانب الميليشيات الإرهابية الإيرانية جرائم واسعة بحقهم كرد فعل انتقامي من الثوار. وقال الحريري في سلسلة تغريدات على موقع «تويتر» إن «سورية لا يتوفر فيها الأمن والأمان، ولا البيئة المناسبة لعودة ملايين اللاجئين». وأكد أن «عودة اللاجئين والمهجرين أمر حيوي وهام وإستراتيجي ويصب في مصلحة سورية وشعبها. لكن من الخطأ الذهاب إلى هذه الخطوة المبكرة من دون حل سياسي شامل».
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/07/28



كتابة تعليق لموضوع : إدلب أولوية للأسد ... والمعارضة تعوّل على الضامن التركي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net