هل الشيخ القرضاوي من وعاظ الجماهير ام من وعاظ السلاطين ؟
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وعاظ السلاطين طبقة من الفقهاء ورجال الدين يوظفون الدين لخدمة السلطان ،  بناء على حاجات السلطة لتحقيق اهداف واغراض الحاكم المتسلط على الناس المظلومين هؤلاء الوعاظ ينتجون فتاوى دينية حسب الحاجة والطلب،هذه الطبقة من الوعاظ هي التي تتصدر الاعلام،وتتكلم باسم الدين ، وكانها  راعية  له ، او تمتلك  تفويضا  الهيا  بالحديث نيابة عن الله تعالى، هؤلاء تستقبلهم قصور السلاطين،وتغدق عليهم الاموال  وتخلق لهم هالة  من القداسة  الزائفة ،  يمتد تأريخ طبقة وعاظ السلاطين الى العصر الاموي، ويعتبر معاوية ابن ابي سفيان المؤسس لهذه الطبقة من الفقهاء ورجال الدين وبدأت هذه الطبقة  بالنمو مع استمرار النهج الاموي  في الحكم الى عصرنا  الراهن ومن جملة الباحثين الذين تناولوا هذه الطبقة بالبحث والدراسة والتحليل الدكتور علي الوردي رحمه الله تعالى وافرد لهم كتابا اسماه ( وعاظ السلاطين ) ، والحكام العرب اليوم ( واستثني العراق ولبنان ) خير من يمثل النهج الاموي في الحكم ، اذ يوظفون الدين لخدمة السلطة،ولخدمة الحاكم الظالم ، وبسبب سوء ادارة هؤلاء الحكام لبلدانهم  واتباعهم سياسة الظلم والتسلط  والقهر ضد الشعوب ،  تولدت ازمات  كثيرة في هذه البلدان ومنوعة، ازمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وانسانية الى غير ذلك من هذه الازمات، وفي خضم هذه الازمات الكبيرة التي يعاني منها جميع البلدان العربية  طل علينا الربيع العربي في دول المحور الامريكي غير السلفية ، اما ما يحدث من حراك شعبي في البلدان الخليجية السلفية،والتي هي ايضا ضمن المحور الامريكي  فمسموح لحكومات هذه البلدان ذات الخط السلفي الوراثي في التحرك ، لقمع أي  حراك شعبي وبمختلف انواع القوة،وهذا ما يحصل في السعودية  وما حصل في البحرين ،حتى لو تطلب  الامر استخدام  القوة المفرطة  ،  ففي البحرين لم تكتف  الدول السلفية الممثلة  بمجلس التعاون الخليجي بالقوات البحرينية  التي  قامت باستخدام  العنف  والقوة ضد المتظاهرين السلميين ، بل استعانت  بقوات درع الجزيرة في الهجوم بالاسلحة الثقيلة على شعب البحرين المسالم  ، في خضم هذه  الاحداث  الكبيرة المتلاحقة ، طل علينا الشيخ القرضاوى بعدد من الفتاوى ، لودققنا فيها لا يكمن  تصنيفها الّا ان نضعها في خانة فتاوى وعاظ السلاطين ، مثلا تدخله في ثورة شعب البحرين ،  حيث  يقول  ان الشعوب العربية تشهد ثورات ، لكن البحرين لا تشهد ثورة ، انما حركة  طائفية  لان القائمين بها من الشيعة ، طيب ياشيخ  ، الشعوب  العربية  في  تونس  ومصر واليمن هي سنية ، بل قل غالبية سنية ، فلماذا لا تكون طائفية  ،  ولو اشترك المسيحيون  في مصر بالثورة باعتبارهم جزء من الشعب  المصري ،  فهل ستكون  حركتهم  صليبية هل الاسلام الذي تعرفه ياشيخ القرضاوي يقول لك،يجوز الظلم على الانسان الشيعي والمسيحي او أي طائفة اخرى ولا يجوز على السني مثلا، ان هذا الفكر الذي تتحدث بلسانه هو الفكر الوهابي الجامد، الذي يصنف الناس الى صنفين،مسلم من يؤمن بفكر محمد عبد الوهاب،الذي افتتحت قطر هذه الايام اكبر جامع لها في قطر وسمته باسمه  واعتبر امير قطر هذه الخطوة تكريما لاحد علماء الاسلام المجددين ، اما  من  يجتهد ويختلف مع محمد بن عبد الوهاب، فهو مرتد ان  كان من السنة ، او كافر ان كان من الشيعة،طبعا  كلام القرضاوي  هذا طائفي بامتياز،ويصنف القرضاوي ضمن الدوائر الامريكية والغربيه بانه اسلامي معتدل، أي يحملونه على المنهج   الاسلامي القطري السعودي الذي يعدونه فكرا معتدلا ، وبالفعل فقد احتضنت  قطر القرضاوي  ومنحته الجنسية القطرية ، وكذلك احتضنته بقية دول الخليج السلفية، واصبحت فتاواه تناسب وتلبي حاجات السلاطين ، وتؤكد شرعية حكمهم ، واصبح الشيخ  القرضاوي  حاملا لشارة وعاظ السلاطين من الدرجة الاولى، هؤلاء  الوعاظ الذين  تكونوا  في التأريخ العربي الاسلامي منذ تأسيس الدولة الاموية ، واستمروا في التكاثر والنمو حتى يومنا هذا، وافرد لهم الدكتورعلي الوردي المختص في علم  الاجتماع  كتابا خاصا يتحدث عنهم اسماه ( وعاظ السلاطين ) .
القرضاوي اليوم شيخ وعاظ السلاطين وممثلهم الاعلى ، وفتواه حسب طلب الحكومة القطرية، وفتواه بالسماح للقوات الدولية بالتدخل في ليبيا مخزية وتجلب العاراذ كيف يعطي  فتوى تجيز للقوات  الدولية  الاجنبية التي هي  في عرف  السلفيين  ( كافرة )  بالهجوم على الشعب الليبي المسلم ، وتقوم  بتدمير الاقتصاد الليبي  ،  وتحطيم  البنى التحتية للبلاد  وقتلت الكثير من الابرياء، بحجة الانتصار للشعب الليبي  ضد  القذافي من يتحمل امام الله مسؤولية الدماء البريئة التي سفكت من قبل امريكا وحلفاؤها .
اجرت صحيفة الفايننشل تايمس الامركية مقابلة مع الشيخ القرضاوي تقول  الصحيفة ان اهمية المقابلة مع القرضاوي ، قطري الجنسية ، مصري الاصل ، هي بروزدوره في الثورات العربية  التي  قادت  الى  صعود  الاسلاميين في  عدد من  دول  الربيع العربي ،  وتشير الصحيفة ان اجازته للتدخل العسكري في ليبيا ساعدت على  تشجيع الموقف العربي وقتها كذلك دعوته ضد سوريا التي جاءت ايضا تلبية لرغبة الحكومة   القطرية المشبوهة بالتورط في علاقات مشينة مع الكيان الصهيوني، ساعدت الموقف   العربي تجاه نظام الاسد في سوريا ، وتنقل الصحيفة موقفه ،(اذا لم يتمكن العرب من وقف  المجازر  بحق المدنيين  يكون من حق السوريين طلب التدخل الدولي ) ،وهذا الكلام او الفتوى حسب ما يسميها اتباعه ، اجازة بالتدخل الاجنبي في  سوريا ، وهذه الفتوى تشبه فتواه السابقة  باجازة التدخل الاجنبي الخارجي العسكري في ليبيا ، نحن لسنا بصدد الدفاع عن نظام الاسد،بل نحن مع الشعب السوري لتحقيق  جميع  مطالبه  المشروعة ، كذلك نحن مع  جميع  الشعوب العربية للحصول على  حريتها  وحقوقها المشروعة ، وفي رفض الحكام المستبدين الذين يريدون التشبث بالكرسي باي وسيلة كانت وتحت أي عنوان  ،  لكننا  لسنا  مع  السماح للتدخلات الخارجية في اي بلد من البلدان،لان التدخل الخارجي تدمير للشعوب وليس للحكام،وهذه تجربة مرّ بها الشعب العراقي، وذاق فيها الويلات فالحصار الذي فرض على العراق لم يفرض على صدام المقبور بل فرض على الشعب العراقي،وكذلك الهجوم العسكري دمرالاقتصاد والبنى التحتية للعراق ، عليه نحن ضد التدخل الخارجي في أي بلد من  البلدان  ، لانه  دمار للشعب ،كذلك نحن  لسنا مع السلفيين الذين يتحينون الفرص،للانقضاض على السلطة في البلدان العربية ، وفي سوريا ايضا ، لان مجئ حكومة سلفية بديلة لحكومة الاسد، هو كالخيار بين السئ والاسوأ ، فالسئ بالنسبة للشعب السوري هو نظام الاسد،  لكن الاسوأ هو وقوع سوريا بيد السلفيين لانهم سيحرقون الاخضر واليابس وسيتصالحون مع الكيان الصهيوني ، على غرار اشباههم في السعودية وقطر ، وبقية بلدان  مجلس التعاون الخليجي الذي اخذ بالامتداد حتى وصل الى الاردن والمغرب  ،  اما تصريح القرضاوي وهو يتكلم عن المجازر بحق المدنيين في سوريا ،نقول للشيخ القرضاوي  ان المجازر بحق المدنين مدانة من أي جهة او طرف جاءت، نسألك ايها الشيخ  لماذا تجيز اذن المجازر بحق المدنيين في البحرين  ؟  ولا تجيزها في سوريا! ثم ان شهود العيان في سوريا ممن دخلوها لغرض السياحة ، اكدوا ان  كثيرا  من  المجازر  بحق  المدنيين  ترتكب  من السلفيين الذين  ينتمي الشيخ اليهم   ويسميهم الاسلاميين ، وفي الوقت نفسه  تُحّمل الحكومة السورية  قتلهم ، متغاضيا عن الفبركات الاعلامية  التي تقوم بها قناتي الجزيرة القطرية ،والعربية  السعودية فالشيخ القرضاوي وانصاره من  السلفيين  يقومون  بدور الخصم  والحكم ، اهكذا  يأمر الاسلام   كذب  وتزوير وحقد طائفي على المسلمين الاخرين ،وتصالح  مع  الكيان الصهيوني  صحيح لوقال المثل العربي (رمتني بدائها وانسلت) .
هذه هي فتاوى الشيخ القرضاوي ضد الشعب السوري وهذه فتاواه ضد الشعب الليبي  يجيز للاجنبي غير المسلم بقتل المسلمين المسالمين الابرياء ، اكراما لعيون  سلاطين الخليج ، وهذه فتاواه ضد شعب البحرين اذ اجاز  لحكام الخليج  باستخدام  القوة  لقتل المدنيين من ابناء شعب  البحرين لان  هؤلاء ليسوا اصحاب ثورة ، لماذا ؟ لانهم من الشيعة ، هذه هي فتاوى وعاظ السلاطين ، فتاوى حسب الطلب ، رحمك الله  الدكتور الوردي اذ خصصت جزءا من مجهودك ودراساتك عن هذه الطبقة التي تحتل مساحة واسعة في تأريخنا العربي الاسلامي ، خاصة هذه الايام .
 
           علي جابر الفتلاوي
           A_fatlawy@yahoo.com

الموضوع السابق عزة الأحرار وذل العبيد

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat