صفحة الكاتب : امجد إسماعيل الآغا

واشنطن ترفع الراية البيضاء في سوريا .. ماذا بعد ؟ .
امجد إسماعيل الآغا

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ضياع استراتيجي هو الذي تعاني منه واشنطن في سياستها تجاه سوريا خاصة و المنطقة عموما ، فالتطورات المستجدة على صعيد الحرب المفروضة على سوريا خاصة بعد قمة هلسنكي ، تشي بأن واشنطن لا تزال تسعى إلى إعادة خلط الأوراق السياسية و الميدانية ، و ذلك ضمن الحد الأدنى لجهة ما تملكه من أوراق ميدانية في الجغرافية السورية " داعش و الأكراد "، فالمعطيات و الوقائع التي فرضتها الدولة السورية و جيشها لم تسحب البساط من تحت واشنطن فحسب ، بل قوضت أي توجه أمريكي للعبث بمفاعيل الانتصار السوري ، لذلك تأتي محاولات واشنطن في إطار تأخير الحل السياسي في سوريا من جهة ، و منع روسيا من تحقيق أي تقدم يساهم في ترجمة الانتصار العسكري واقعاً سياسياً من جهةٍ أخرى ، و عليه يتضح أن ترامب لن يقبل بحل سوري و سيحاول منع الدولة السورية من تأخير إحكام سيطرتها على ما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرة الفصائل الإرهابية ، و في جانب أخر يحاول ترامب و رغم التسليم بأن روسيا باتت تسيطر على مفاصل الحل السياسي في سورية ، إلا أنه لا ضَير من تأخير أي حلول مستقبلية برعاية روسية لأنها ستكون تمهيداً لنفوذً روسياً يقاسم واشنطن الشراكات الاستراتيجية في المنطقة .

" واشنطن لن تتمكن من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء "

صدمات كثيرة تعرضت لها واشنطن في سوريا ، نستذكر منها تصريحات الإدارة الأمريكية السابقة و الحالية حول حتمية سقوط الدولة السورية بعد مسرحيات الربيع الأمريكي ، و التي دفعت ترامب و سلفه إلى الاعتقاد بأنهم في موقع الإملاء على الدولة السورية ، حينها كان طلبهم الوحيد و الغير قابل للتفاوض تنحي الرئيس السوري بشار الأسد ، تمهيدا لتسلم الإخوان المسلمين بيادق واشنطن في الشرق الأوسط الدولة السورية و مؤسساتها ، لكن الذكاء الاستراتيجي الذي يتميز به الرئيس الأسد و قيادته لسير المعارك السياسية و الميدانية ، جعل من واشنطن تتجرع كأس الهزيمة عبر كسر خططها و القضاء على إرهابها ، يضاف إلى ذلك دخول روسيا بقوة في تفاصيل الحرب المفروضة على سوريا ، فكانت مواقفهم تتصاعد بشكل تدريجي من دعم سياسي و دبلوماسي إلى عسكري تسليحي ، حتى جاءت اللحظة التاريخية التي لم يكن يتوقعها الأمريكي ، حيث أعلن الرئيس بوتين بأنه وبطلب من الحكومة السورية ، قرر دخول القوات الجوية الفضائية الروسية إلى سورية لتدافع إلى جانب الجيش السوري عن الدولة السورية والشعب السوري ضد الحرب الإرهابية المدعومة من قبل أميركا وحلفائها وأدواتها في المنطقة ، لتدخل الحرب على  سوريا منعطفا جديدا ، حيث تمكن الجيش السوري و حلفاؤه من قلب الموازين في الحرب التي تقودها واشنطن ، لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط حسب متطلبات مصالحها في المنطقة وتنفيذاً لاستراتيجيتها العميقة في تثبيت هيمنتها على العالم ، و بذلك كانت الصدمة الكبرى لواشنطن لجهة فشل مشروعها للشرق الأوسط .

" واشنطن ترفع الراية البيضاء في سورية "

مؤشرات عديدة تشير إلى أن واشنطن رفعت الراية البيضاء و سلمت بانتصار الدولة السورية ، من بينها تحرير الجنوب السوري بالتزامن مع انهيار كامل للتنظيمات الإرهابية هناك ، و لا يظنن أحد بأن انهيار الفصائل الارهابية جاء نتيجة رفع الغطاء الأمريكي عنها ، فهذا اعتقاد لا صحة له ، لأن الوقائع التي فرضتها الدولة السورية و الرسائل التي تلقفتها واشنطن كانت واضحة لجهة تصميم الدولة السورية القضاء على الارهاب الأمريكي و عدم التوقف حتى لو تم الاصطدام بالأمريكي مباشرة ، و عليه كان الانتصار السوري في الجنوب ، يضاف إلى ذلك من مؤشرات ، التعاون الروسي الفرنسي في إرسال مساعدات انسانية للسوريين في مناطق متعددة ، و الواضح أن الخطوة الفرنسية جاءت خارج السرب الأمريكي و قراره ، بدليل رفض واشنطن و أممها المتحدة للخطوة الفرنسية .

الاسفين الأقوى و الذي تمكنت الدولة السورية من دقه في علاقة الأكراد بواشنطن ، جاء عبر زيارة مجلس سورية الديمقراطية إلى دمشق و إجراء حوار مع الحكومة السورية ، حيث أبدت قوات سورية الديمقراطية استعدادها لإعادة مناطق سيطرتها وهي مناطق سيطرة القوات الأميركية إلى الدولة السورية ، و بغض النظر عن الخطوة الكردية سواء أخذ الموافقة من الأمريكي أو من تلقاء نفسها ، ففي الحالتين هو تسليم  بانتصار دمشق يقابله رفع للراية البيضاء من قبل واشنطن و أدواتها .

" خلاصة "

واشنطن لن تتمكن من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في سوريا ، و من المفيد أن نذكر ما صرح به الرئيس الأسد في إحدى لقاءاته التلفزيونية حين قال : " بالنسبة للأمريكي هناك مبدأ عام في أي مشكلة في العالم هناك ثمن وحيد يطلبه هو الهيمنة المطلقة ، بغض النظر عن القضية والمكان، طبعا هذاً الثمن لن يقدم من قبلنا وإلا لماذا نخوض كل هذه الحرب منذ سنوات، نخوضها مقابل استقلالية القرار السوري والوطن السوري ووحدة الأراضي السورية " .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امجد إسماعيل الآغا
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/07



كتابة تعليق لموضوع : واشنطن ترفع الراية البيضاء في سوريا .. ماذا بعد ؟ .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net