صفحة الكاتب : د . عباس عبد السَّادة شريف

أبو الفضل العباس - عليه السلام - بين الحقيقة التاريخية والمخيال السردي
د . عباس عبد السَّادة شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ سنوات في السابع من محرم الحرام يتكرر أمامي مشهد التشكيك في شخصية العباس - عليه السلام - من باحثين عدة، وتكاد كلماتهم تجمع على أن العباس ابن علي - عليه السلام- صنعه المخيال الشعبي العراقي، فأنتج السرد الخيالي العاطفي شخصية البطل الذي يضحي لأخيه، ويكفل أخته، ويحمي النسوة والأطفال، وأنه لم يقتل بسيف؛ تجسيدا خياليا للبطل الذي تقتله سهام لا نزال مباشر في قتال.
ولفت نظري أن هؤلاء الباحثين الكرام لا يميزون بين السرد التاريخي لأحداث وقعت حقيقة، وسرد الأحداث المتخيلة. 
وللتمييز بين صورتي السرد هاتين لا بدَّ من بحث علمي، نلخصه بالنقاط الآتية: 
١. السرد التاريخي الحقيقي يروي لنا أحداثا وقعت حقيقة في زمن ماضٍ، ولها شخصيات معروفة، وزمكان معلوم. وهنالك طرق للبحث العلمي في إثبات صحة تلك الروايات من عدمها. 
٢. السرد الخيالي يسطر لنا أحداثا عن شخصيات وهمية، أو حقيقية لكن تنسب لها أفعال غير ثابتة، قد تخالف حقيقة زمكانية ما، أو أمرا عقليا برهانيا، أو أنها لم ترد في مصدر تاريخي معتبر، ولا تنهض أمام الدليل العلمي في مجال إثبات الحدث التاريخي، فيرجح أنها وهم من خيال سارد ما.
ولو عدنا إلى شخصية سيدنا العباس - عليه السلام - وما يروى عنه من مواقف بطولية يوم عاشوراء سطر بها أجلى صور الوفاء والشجاعة وسمو الذات، ونتساءل: 
كيف رجَّح الباحثون الأعزاء مخيالية هذه الشخصية؟
لكي نثبت أنَّ حدثا ما مخيال سردي، لا بدَّ من خطوات علميَّة تتمثل بـ: 
١. مناقشة صحة الرواية التاريخية من حيث سندها (مع ملاحظة القواعد العامة لعلم الدراية)، والبحث في مخالفتها لحقيقة زمانية، أو مكانية، أو احتوائها مضمونا لا يقبله العقل القطعي البرهاني (لا المزاج العقلي الشخصي). 
أو أن نثبت عدم وجود هكذا رواية في المصادر المعتبرة
٢. الإتيان بشواهد تقابلها تثبت غير المزعوم. 

فهلا بيَّن لنا الباحثون الكرام أين الخلل العلمي في روايات شخصية العباس - عليه السلام - ولا سيما أن أهم ما يشككون به مروي عن المعصومين - عليهم السلام - .
ولا أدري هل تقتصر خصال الوفاء للأخوة، والحمية على النساء وصيانة حرمهن على العراقي فقط؟؟!
ولو كان الأمر كذلك فلماذا نرى تفاعلا مع هذه الشخصية وخصالها من غير العراقيين، إذا كان الأمر خاصا بهم. 
أما أمر القتل بالسهام فهو مما يضحك الثكلى، فكأن إخوتنا الباحثين الكرام غير مطلعين على أن العباس - عليه السلام - قطعت يداه بضربتي سيف. 
أفلا يكون هذا التشكيك ذاته هو مخيال منهم؛ لأنه مجرد تخيل شخصي لا يستند لدليل علمي، بل نصف دليل؟
ونتساءل مجددا ما الغريب غير المعقول في شخص تربى في حجر بيت النبوة أن يكون بهذه الخصال السامية؟ لكي نشكك به، وننسبه للمخيال الشعبي؟!
قد يكون للحديث تتمة نحلل بها البحث من منطلقهم نفسه. 
ومن الله وأبي الفضل التوفيق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . عباس عبد السَّادة شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/09/19



كتابة تعليق لموضوع : أبو الفضل العباس - عليه السلام - بين الحقيقة التاريخية والمخيال السردي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net