صفحة الكاتب : قاسم محمد الياسري

العراقيون والنفس وأبو حيان التوحيدي 
قاسم محمد الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

من اراء علماء النفس والاجتماع والمفكرين والفلاسفة ودراساتهم لشعور الانسان بالاغتراب في عالم متناقض .. الجميع يؤيدون مقولة ابو حيان التوحيدي .. اغرب الغرباء من صار غريبا في وطنه ... شعور يعاني منه العراقيون اليوم بفضل احزاب العراق المشتركه في الحكم .. فاليوم هذه الاحزاب مغربة للانسان العراقي فقد حولت ابناء الوطن الى كائنات عاجزة .. وابناء الوطن مغلوب على امرهم مستلبة حقوقهم وثرواتهم المادية والمعنوية ومهددين في صميم حياتهم وكياناتهم وفي سياق ثقافي هجين ان الغربة في الوطن كما يقول عبدالكريم بن هوزان القشيري ..أصابت الدين في جميع بلاد المسلمين في هذا الزمان ..فزال الورع واشتد الطمع وارتحلت عن القلوب حرمة الشريعة فاصبحت اللامبالاة بالدين اوثق ذريعة فرفظوا التمييز بين الحلال والحرام وادينوا بترك الاحترام وفقدان الاحتشام والاستخفاف بالعبادات والاستهانة بالصوم والصلاة ويجرون في ميادين الغفلات .. والانسان في عراقنا الحبيب اليوم يعاني من اغتراب حاد لازدواج المعايير وعدم وضوح الرؤية في حياته العملية والمهنية والتربوية وفي كل جوانب بناء شخصيته ونسيجه الفكري والثقافي .. ومن هذه الآراء نبدأ ها برأي كارل ماركس .. حيث يقول عن الغربة أوالاغتراب انها صفة ملازمة وحالة عامة في المجتمعات الراسمالية التي حولت العامل الى كا ئن عاجز وسلعه بعد ان اكتسبت منتجاته قوه مستقله عنه بل معاديه له وقال .. ان العامل في ظل النظام الراسمالي يهبط الى مستوى السلعة ويصبح أكثر السلع تعاسة وسلعة رخيصة بقدر ما ينتج من سلع ..وبتزايد قيمة الاشياء تتدنى قيمة الانسان نفسه ...انتهى راي كارل ماركس .اليس هذ مايحدث في عراق اليوم في ظل هيمنة الاحزاب ونهب المال العام ... فالانسان الحديث على الرغم من التقدم الرائع الذي انجزه في عالم المعرفه والابداع الا ان الانسان في عراقنا يعاني من اضطراب الغربه في وطنه حيث يعيش حاليا نمط ثقافي ساهمت في افقاره وتدجينه وتهميشه جميع مؤسسات الدولة السياسية والدينية وبما ان العراق بعد الاحتلال سارعت احزابه الاسلاميه استحداث مؤسسات دينيه وغير دينيه مرتبطه بالدوله ومؤسساتها العامه هي التي تسببت بالفساد الاخلاقي والمالي والتربوي والديني وهدرالمال العام وانشأت باب للسرقات والحرمان لابناء المجتمع..ومن هنا نعرج على قول علماء النفس ان الانسان الحديث يفقد علاقته مع الاخرين شيئا فشيئا حتى يشعر وكانه لا شيئ وسط ركام هائل من الاحداث والتناقضات اليومية الجديدة والمستحدثه.. وومن هنا فان الحلم الذي بشرت به الراسمالية اللبرالية صار كابوسا في الحقيقة .. فنشات عند الانسان الحديث ما يسميه علماء النفس .. متلازمة الشعور بالاغتراب .. فنحن اليوم في عراقنا الحبيب نقبع تحت نيران الاغتراب نتيجة توحش الاحزاب التي جاء بها المحتل وهي تتحكم في مصائرنا وتمارس الاستبداديه والترهب للمواطن ولا تقيم له وزنا وهو يعيش في ظل حالة اغتراب ديني في وطنه نتيجة التجريف الشامل والسيولة المطلقه لكل القيم الدينيه والروحيه في الوطن الحبيب فالعراقيون اليوم يعيشون في واقع هو للغربه اقرب منه للوطن داخل وطنهم والغربه في الوطن كثير مايرددها المفكرون والفلاسفه حين يعرضون بتحليلاتهم وتفسيراتهم لظواهر ومشكلات عديده منها .. الايمان والالحاد والحريه والاستعباد او الفجوه بين الاجيال او الاستعمار والتحرر ...وغيرها ..واستنادا الى ماتوصل اليه عالم الاجتماع .. (ملفين سيمان) الامريكي الى تحديد خمسة مفاهيم لاغتراب الانسان في داخل وطنه ومجتمعه أطلق عليها تسميات هي ..العجز .وفقدان المعايير .والاغتراب عن الذات . وغياب المعنى .. واللا انتماء.. اما الباحث الامريكي (انتوني ديفيز) اجرى بحثا ميدانيا في جامعة هارفارد الامريكيه توصل من خلاله الى مفهوم الاغتراب في الوطن يصاحبه خمسة اثار متشابكه وهي ..القلق .وعدم الثقه .والاستياء .والتركيز على الذات . والتشائم .. من هنا تبين ان المفاهيم تعرف بنقيضاتها .. ففي مفهوم الانتماء كما يعرفه (هوميروس انجلش) الامريكي انه اتجاه يستشعر الفرد من خلال توحده بالجماعه ويكون جزءاً مقبولا منها ويستحوذ على مكانه متميزه في الوسط الاجتماعي لوطنه الذي يعيش فيه مقابل ذالك فالاغتراب هو انسلاخ عن المجتمع نتيجة الاخفاق في التكيف مع الاوضاع السائده في وطنه فينعكس على نفسية الانسان نتيجة لهذا الاخفاق او الانسلاخ المصاحب للاحباط .. اذا هو العجز المصاحب للاغتراب الذي جعل الانسان في وطنه لا يستطيع ان يقرر مصيره نتيجة عدم تاثيره في مجرى الاحداث الحياتيه والعامه فسببت له العجز عن تحقيق ذاته واصبح في حاله من الاستسلام والخنوع ... من هنا ياخذنا الحديث عن اللوحه التي رسمها الفيلسوف الوجودي (سورين كير كجارد) والتي تعبر عن تجربة اغتراب الانسان الحديث وما يصاحبها من احاسيس الغربه والعبث والقلق والعجز واللا انتماء فقال .. أغرز إصبعي في الوجود لاكتشف ان الوجود لا رائحه له .. أين أنا ؟ من أنا ؟ كيف وصلت الى هنا ؟
ماهو الشيئ الذي يسمونه العالم؟ من هو اللذي ضللني وتركني ؟ كيف بدات اهتم بالمغامره الكبرى التي يسمونها الواقع ... وفي دراسه بحثيه لاحد اساتذة علم النفس المسلمين على طلابه في الجامعه قام بقياس معيارين اساسيين هما التدين والشعور بالاغتراب وكانت نتيجة الدراسه تفيد بان الشعور بالاغتراب مرتبــــــط ارتباطا سلبيا بالتدين بمعنى ان الشعور بالاغتراب يقترن بحياة فارغه من الجانب الديني والروحي وهو داخل وطنه ومجتمعه .. وهنا نختم قولنا كان الله في عنكم ايها العراقيون ...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


قاسم محمد الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/09/21



كتابة تعليق لموضوع : العراقيون والنفس وأبو حيان التوحيدي 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net