صفحة الكاتب : عبد الهادي البابي

تظلمات هتلرية..!
عبد الهادي البابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لاأحد ينكر أنه يوجد اليوم في العراق أزمة سياسية ، وأن هناك تأزم سياسي ملحوظ في كل أبعاده الخطيرة ، فالبرلمان العراقي قد عّلق جلساته ولم يعقد أي جلسة منذ تفجر الأزمة الأخيرة ،والقائمة العراقية قررت أن تنسحب من العملية السياسية ، والإنفجارات الأرهابية عادت تضرب في كل مكان من أرض العراق ، زائداً المشكلة الأساسية وهي المذكرة القضائية التي فجرت هذه الأوضاع مجتمعة بعد حالة من الهدوء الغير معهود صاحب إنسحاب القوات الأمريكية من العراق في الأيام القليلة الماضية ، والشعب العراقي لم يكن يتمنى أن يكون الوضع بهذه الحالة بعد إنسحاب القوات الأمريكية من العراق ، ماهكذا الذي كان يتمناه المواطن العراقي ، الذي راح يتسائل بمرارة وغضب بعد تدهور الأوضاع :
 هل هناك من حاول أن يثير هذه الأزمات الأخيرة ، ويقوم بتفجير الأوضاع بشكل مقصود ، وهل هناك تزامن وتوقيت قد أُعد له سلفاً لتنغيص حياة الناس بهذه الصورة المفجعة ؟؟
إن الكثيرين من أبناء الشعب العراقي يعتقدون بأن هذه الأعمال الأجرامية لم تأتي من الفراغ  ، وأن هناك دعماً دولياً وأقليمياً لها ، ولاشك في أن الأيام القادمة ستكشف عن الجهات المتورطة في هذه العلميات الأجرامية التي أستهدفت جميع أبناء الشعب العراقي ، والتي أنكشفت أهدافها ومقاصدها لدى المواطنين من أول لحظاتها ، وهوالدفع إلى الأنزلاق بالحرب الطائفية ، وإغراق البلاد في آتون الفوضى والخراب وإعادة الأوضاع إلى المربع الأول !!
وقد أعلنت جميع الجهات السياسية المشاركة بالحكومة برائتها من هذه الأفعال الأجرامية ، ومنها القائمة العراقية التي قالت بأن إنسحابها جاء بعد التهميش والأبعاد والتنصل من الشراكة الوطنية ومستحقاتها  ، وبعد سلسلة من الضغوطات التي مورست عليها ، وبعد أصدار مذكرة إلقاء القبض على أحد قياداتها ، وكذلك بسبب طلب السيد رئيس الوزراء من البرلمان حجب الثقة عن نائبه الدكتور صالح المطلك بعد  التصريحات غير المقبولة التي صدرت منه لوسائل الإعلام  ، فهل للقائمة العراقية  الحق في هذا الأنسحاب في هذا الوقت بالذات ؟؟
ولكن المواطن العراقي أيضاً قد طرح علامات أستفهام كبيرة ، لماذا هذه الأثارات الأخرى في المسألة ، فإذا كنا قد بررنا أن الهاشمي من حقه التصريح والدفاع عن نفسه ورد الأتهامات المنسوبة إليه عبر الصحافة ..ولكن مالشيء الذي يدفع الدكتور صالح المطلك - في نفس الوقت- أن يشكك بالعملية السياسية ويصف رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بأنه دكتاتور أسوء من صدام حسين ، ويظهر بهذه الطريقة الأنفعالية الغير مسبوقة ، رغم أنه يحتل منصب نائب رئيس الوزراء الذي وصفه قبل قليل بالدكتاتور !!فلماذا يبقى السيد المطلك نائباً لرئيس الوزراء ويستلم الملايين والمستحقات والأمتيازات وهو يعمل لدى دكتاتور ؟؟ لماذا يتحدث بهذه الطريقة المتشنجة ، ولماذا يراد للشارع العراقي أن يتوتر ويحترق مرة أخرى ؟؟!
أن الشعب العراقي أصبح اليوم واعياً أكثر من أي وقت مضى ، وصار يزن الأمور بموازينها الصحيحة ،ويحلل المواقف بكل شجاعة ،  وعلى السياسيين والمسؤولين أن يعوا هذه الحقيقة ، فكل من أراد أن يستغفل الشعب العراقي بعد اليوم ، أو أن يقفز على تقييمه وحكمه على تصرفات السياسيين فهو متوهم ، بل هو خائب وخائن ، ولايملك ذرة من الأحترام ، فليس كل من أدانه القضاء من المسؤولين راح يتظلم تظلمات هتلرية (1) وهو يصرخ بالبراءة قبل مواجهة القضاء ، ولايمكن لأحد أن يفرض رأيه على القضاء ، وليس لأحد سلطة على القضاء ، فالقضاء مستقل ، وهناك في الدستور مواد تفرض على الجميع الألتزام بما يصدر من القضاء ، فعليه إذا  كان السيد الهاشمي محقاً – ونحن نتمنى ذلك له - في دعواه أن يواجه القضاء بكل شرف وكرامة ، ويدافع عن نفسه ، ويدفع بالتهم الموجهة إليه بكل مهنية قانونية ، وليس له الحق أن يطلب من الجماهير أن تتقاتل من أجله ، وتأخذ له حقه من السلطات بالتخريب والتفجير وسفك الدماء في الشوارع والساحات ..!! وكفانا أن يظل فيما بيننا من المسؤولين إذا ما حاسبناه على تقصيره صرخ بأعلى صوته في وجوهنا: (أما أنا ....أو خراب العالم ) ..!!
...................................
(1) كان الزعيم النازي أدولف هتلر يذيع بياناته الصاخبة - المليئة بالمظلوميات والشكايات  - إلى الشعب الألماني عبر الأذاعات ويرسل نسخ منها إلى قادة دول العالم في ذلك الوقت وهي عبارة عن سلسلة من المظلوميات – حسب إدعائه- التي وقعت على ألمانيا من دول الجوار ، في الوقت الذي كانت جيوشه الجرارة تجتاح تلك الدول الآمنة وتفتك بسكانها وتقوم بأحتلالها دون سابق أنذار..وعلى قول المثل الشعبي (ضربني وبكى ..وسبقني وأشتكى) !


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الهادي البابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/28



كتابة تعليق لموضوع : تظلمات هتلرية..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net