صفحة الكاتب : امل الياسري

نساء عاصرن الأمة وعشن أبداً/11!
امل الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تاسوعاء وداع زينبي لا تحدده آه واحدة...

 

 

حوار واسع عميق وممتد في يوم كان مقداره ألف سنة، دار في خيام بني هاشم، والمحور هو كربلاء، وما سيجري على أهل البيت من مصائب وويلات، فأخذ الأطفال يتجاذبون موضوعات كثيرة، بوجود عمهم العباس، وعمتهم الحوراء(عليهما السلام)، والوداع كان أول ما قام به أبناء وبنات البيت العلوي، مع إمامهم الحسين (عليه السلام)، فهم وحدهم يعرفون المعنى الحقيقي للصبر، ويمنحون ذكرياتهم لأرض الطف، لتكون كعبة للأحزان، ومنبراً للحرية والكرامة، وشاهداً أزلياً على نصرة الدين والعقيدة.

المتصفح لأحداث الغاضرية في التاسع من محرم الحرام، يشاهد أن مصباح الوجع قد أشعل زيته، بين وجوه اليتامى والثكالى، قبل أن يطلع النهار، ليملي عليهم شروط الحياة، في ظل غياب الناصر والمغيث، والذبيح الرابح (عليه السلام) سيكون في ذمة الخلود، فكلاب يزيد الطاغية مدربون جيداً، ولأنهم يخافون لبوة علي، وعقيلة الطالبين الحوراء زينب (عليها السلام) ساروا بهن بين البلدان، فإقتنصت أم المصائب هذه الفرصة، لتعلن نفسها وزيرة لإعلام القضية الحسينية، من خلال حشد نسوي يعبر الصحراء!

لقد علمتنا السيدة الحوراء (عليها السلام)، أن الحرب تدوس بأقدامها الهمجية كل شيء، ولا تعرف حدوداً لضحاياها، فهذه كربلاء قدمت لنا قرابين الطهر والقداسة، لإبن بنت النبي (صلواته تعالى عليهم أجمعين) ولاوجود للإنسانية فيها، فقلوب المارقين على الدين يتلذذون بمناظر الدم، لكنها خلقت من الطف ملحمة عالمية، شقت طريقها عبر الصبر والدموع، لتلقي على مسامع الضمير الإنساني، قصة إنتصار الدم على السيف، وبدا وكأن كربلاء مكان لا يعمل، إلا بوجود الحوراء عليها السلام وبقية النساء!

للنساء قلوب تكره الحرب، فمشاهد الرؤوس المقطوعة، والمحمولة على أسنة الرماح، مع مسيرة للإيثار والتضحية، يفرض حالة من الصمت والهيبة، وتاسوعاء الحسين (عليه السلام) وداع لا تحدده آه واحدة، فرغم ذلك هتفت السيدة زينب (عليها السلام): ربنا تقبل هذا القربان، وخذ حتى ترضى وهذه أول الآهات، وإنطلقت من أم كلثوم لتنادي: وامحمداه، وعلياه، وحمزتاه، وجعفراه، إنها آهات عابرة للحدود والأزمنة، فالحسين عليه السلام روح تلائم كل العصور، ووقوفك مع قضيته، تعني أنك راكب في سفينة النجاة.

بين شفاه أيتام غادر الأمان أحضانهم، وبين أمهات ثكلى قدموا فلذات أكبادهم، وذابوا عشقاً في الباريء عز وجل، وتسابقوا لنيل كرامة الشهادة، فحققوا أول إنتصار، سحب وراءه سلسلة إنتصارات كربلائية، قادتها أم المصائب زينب الكبرى (عليها السلام)، لترضخ ألة الظلم اليزيدي تحت قدميها، وتذل كبريائها، فعلمتنا كيف يبني الإنسان حياته من خلال مظلوميته وأوجاعه، وتكون الأساس الخالد لكل الأحرار، ليسحقوا الطواغيت، فالأمة التي تتبنى ثقافة الشهادة والتضحية، لن تتقهقر أبداً ونعلنها مدوية: لبيك يا حسين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امل الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/10/16



كتابة تعليق لموضوع : نساء عاصرن الأمة وعشن أبداً/11!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net