صفحة الكاتب : فاروق الجنابي

الانسحاب الامريكي بين وعد بلفور ووعد كمون
فاروق الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الايدلوجيات الاستعمارية مهما اختلفت في طرائق التعبير وادوات السلوك ومهما تعددت اشكالها واهدافها وغاياتها لكنها تلتقي في مشترك المصالح التي تسعى لاجلها من خلال احتلالها للدول التي تمتلك من الثروات الطبيعية ما يسيل له اللعاب او التي تتمتع بالموقع الستراتيجي الذي يتناغم واطماعها التوسعية لبسط نفوذها واستعباد الشعوب التي تقع تحت سيطرتها ومصادرة استحقاقها في الحياة الحرة الكريمة وحق  التعايش السلمي والمجتمعي ونهب ثرواتها الطبيعية ،فالاحتلال الامريكي سبق مشروعه الاحتلالي بهالة اعلامية دعائية اطّره بشعارات انسانية تقضي بمساعدة وانقاذ الشعب العراقي من بطش النظام السابق حتى اعتقد العراقيون ان بصائص الامل قد لاحت في الافق ،ولكن بعد ان وطأة اقدام الغزاة النتنة ارض الرافدين فقد اصبح الشعب العراقي فريسة المشروع الاحتلالي ووقع في فخ ديمقراطية العولمة الاقصائية ،ديمقراطية الاحزمة الناسفة ،ديمقراطية المحاصصة الطائفية وتقسيم العراق ،ديمقراطية الفساد المالي والاداري ،مثلما اتضح ان العراق الموحد وقع في فخ التحرير واصبح فاقدا لمقومات الدولة الحديثة التي تستطيع الدفاع عن مصالحها القومية ،او حتى فرض هيبتها الرسمية  داخل حدودها الاقليمية ،لان الاحتلال غرس بدعة التوافقات على هرم القرار العراقي تماشيا مع مصالحه الستراتيجية ،ومنتهجا سياسة فرق تسد التي تحاكي العواطف من خلال اثارة النعرات العرقية والطائفية ونشر ثقافة التمايز الطبقي التي تشرذم الشعوب وتفتت تماسكه المجتمعي وتحطم ذاته الانسانية ،مثلما انتهج سياسة الترغيب والترهيب لثلة من اشباه السياسيون الانتفاعيون الذين القت بهم الاقدار من برك السياسة الاسنة الى سلّم السلطة ، يقابله عدم جدية هؤلاء الساسة للنهوض بالمستوى المهني والاخلاقي  للمسؤولية الملقاة على عاتقهم خصوصا في القضايا المصيرية ،وقد اتضح ذلك جليا في الاتفاقية الامنية التي تقضي بمغادرة القوات المحتلة الاراضي العراقية في موعد اقصاه نهاية العام الحالي ولكن ماتتناقله منتجعات السياسة العراقية من تصريحات متناقضة لاتدل على قرب الانسحاب الامريكي بل تتعدى ذلك الى التهوين من فرضية البقاء الامريكي باستحداث بدعة حاجة الجيش العراقي الى بقاء العديد من القوات المحتلة للتدريب العسكري وبناء منظومته العسكرية لان العراق وفقا لهذه الفرضية تحيطه جمة مخاطر اقليمية ودولية لايستطيع مواجهتها في الوقت الحاضر ،وما يمكن ان يستدل عليه بان انسحاب القوات الغازية ذر الرماد في العيون وتظليلا للرأي العام العالمي والوطني وستنتقل ادارتهم للملف العراقي من منظومة الجهد العسكري الى منظومة الجهد المخابراتي و يتضح ذلك ببناء اكبر سفارة لهم في العالم تجاوزت مساحتها ال (4000 م 2 ) يديرها في العلن اكثر من (15000) عنصر بصفة موظف مدني وفي الخفاء ينقلب هؤلاء الى مصادر للتجسس وترقيع للقرارات المصيرية التي يحاولون من خلالها تعطيل بناء دولة المؤسسات وبما يتناسب ومصالحهم الاستعمارية فضلا عن بناء قواعدعسكرية  في العديد من المدن الرئيسية العراقية ،وما يدعم فرضيتنا ماصرح به الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر من تعاضم المطالبة الامريكية داخل البيت الابيض بضرورة استمرار السيطرة الامريكية على المنطقة ومد النفوذ الامريكي وان الهدف الحقيقي للغزوا هو بناء قواعد امريكية دائمة للسيطرة على منطقة الخليج التي تتمتع بموقع ستراتيجي تستطيع من خلاله السيطرة على الاقتصاد العالمي ،وما يحزن النفس ان الكثير من ساسة العراق في العلن يؤيدون  الانسحاب واذا اختلو الى شياطينهم في السر كانوا من اشد المدافعين عن مشروع البقاء لان مصيرهم مرتبط بوجود الاحتلال ،ولم نجد سوى قليل من الوطنيين الاحرار واصحاب المواقف الشجاعة من صحفيي العراق وتعاضدهم بيانت التنظيم الدينوقراطي الذين تطوف صرخاتهم في فضاء العراق مستصرخت الضمير الانساني لانقاذ العراق من محنته التي يحاول الغزاة جرالبلاد الى حظيظ الاحتراب الطائفي والعودة بنا الى متاهة وعد بلفور التقسيمي المشؤوم الذي لايمكن ان تقاس عواقبه بمديات منظورة ،والتصدي لثقافة العولمة الهجينة التي يحاول الاستعمار غرسها بين لبنات المجتمع العراقي ،واليوم يستدلنا التاريخ على تطابق نظرية الانسحاب الامريكي والمثل العراقي الشهير(اواعدك بالوعد واسكيك ياكمون) فرحم الله الحاج كمون واطال الله في عمر (الحاج حسون المسلماني)الذي يمتلك خزائن من تلك الامثال والتي ستكون ملاذنا ونتخذ منها مناعة لعلها تقينا من فايروسات قانون ادارة الدولة البريمري وتحل محل المحكمة الاتحادية التي لايعترف بها حتى من اوصلته الى سدة الحكم والله من وراء القصد 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فاروق الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/31



كتابة تعليق لموضوع : الانسحاب الامريكي بين وعد بلفور ووعد كمون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net