صفحة الكاتب : د . صاحب جواد الحكيم

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر كانون الأول
د . صاحب جواد الحكيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و هو الإعلان الأهم في تاريخ البشرية جمعاء ، للأسباب التي نذكرها فيما بعد ، في العاشر من ديسمبر كانون الأول عام 1948 بعد أن أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ، و يتألف من ديباجة ، و 30 مادة .

إتفقت على مبادئه جميع الشعوب و المنظمات و الحكومات و الهيئات الدولية و الإقليمية و الوطنية ، و من هنا تأتي أهميته البالغة.
ينص الإعلان العالمي على أن الناس يولدون أحرارا ً، و متساوين في الحقوق ، ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق و الحريات دون تمييز من أي نوع بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي أو الأصل الوطني أو الإجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.... ، و ينص على حق الحياة و الحرية و الأمن
وعدم الإسترقاق والإستعباد ، يحرم التعذيب و المعاملة القاسية و اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة ، و الجميع سواسية أمام القانون
و نص على أن لا يجوز إعتقال أي إنسان تعسفا ، كما لا يجوز التدخل في حياة الإنسان الخاصة ، وضمن له حرية التنقل و مغادرة البلد و العودة إليه
و حرية اللجوء للتخلص من الإضطهاد ، و التمتع بجنسية ما و لا يجوز حرمان أي شخص من جنسيته ، له حق الزواج و تكوين الأسرة ، و حق التملك و عدم تجريد أحد من ملكه تعسفا ً ، له حرية الرأي و التعبير 
و حرية الفكر و الوجدان و الدين ، و الإشتراك بالإجتماعات العامة و الإنتماء للجمعيات ، كذلك المشاركة في إدارة الشؤون العامة للبلد ، و حق الإنسان في الضمان الإجتماعي ، و حق العمل ، و الراحة و أوقات الفراغ 
ضمان صحته و رفاهيته و أسرته ، حق التعليم المجاني ، و المشاركة الحرة في المجتمع الثقافي و الإستمتاع بالفنون .... ، و كذلك النظام الإجتماعي و الدولي ....
ثم صدر العهدان الدوليان: العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية ، و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية بعد 18 عاما لتطبيق مباديء الإعلان...
قد يقول القاريء أن في الإسلام حقوقا ً شرعها قبل هذا الإعلان ، وهذا صحيح ، ولكن البشرية لم تتفق على مباديء الإسلام كلها كما اتفقت على الاعلان العالمي أولا ، و ثانيا أن المسلمين أنفسهم و المثقفين منهم لم يعملوا بجد و لم يطوروا تلك المفاهيم الاسلامية الانسانية و ينشروها و يجعلوها في متناول أيدي الناس بطريقة حضارية ، و لم يتبنوا إنشاء منظمات دولية لها يكون لها الثقل في المجتمع الإسلامي ، و الأهم في المجتمع الدولي ، تستطيع أن تكون منارا لتلك الحقوق...
و عند المسلمين عهــــــد الإمام علي ع إلى مالك الأشتر ، و رسالة الحقوق للإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي ع. و أعود لنفس النقطة السابقة أن المسلمين عامة و الشيعة بصورة خاصة لم يترجموا تلك الوثيقتين الى الواقع الحيوي في حياة الناس.... و بقيا في بطون الكتب لحد الآن مع الأسف الشديد ، وهذا هو حال المسلمين المتأخرين....عن ركب الحضارة المتقدم ، و لا يزالون....
أما ما لم يتضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من مباديء و حقوق فهي كثيرة أوردها باختصار في نقاط لأن مجال بحثها واسع جدا ... و من أمثلة ذلك ، لا على سبيل الحصر:
• الرحمة : صحيح أن التعذيب محرم و لكن الرحمة هي أعلى درجة من ذلك ، فقد أوصى الإسلام الإنسان ان يكون رحيما فيعطف على الصغير ، و يوقر الكبير، و يساعد أخاه بالنسب و السبب ، ويقدم له العون ، حتى بدون أن يطلبه ....
• الحنو على العجزة و المعوقين و كبار السن ...
• إحترام الشخصية الاسلامية و غير الاسلامية ، ( فإنهم صـــــــنفان إما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق الإمام علي) و ما نشاهده اليوم من القيام عند قدوم الكبير عمرا و منزلة و علما ، و تقديم مكان الجلوس و التحية ، و السؤال عن الأحوال ، والنظرة في العيون التي لها التأثير الكبير في النفوس....
• المصافحة التي وردت أحاديث كثيرة عنها...
• الهدية : في الحديث يؤكد النبي الكريم ص ( تهادوا تحابوا) أنظروا هنا الى كلمة الحب
الذي هو أساس كل علاقة حسنة و صداقة و قربى
الحب هو النبتة التي إن زرعت في أرض الإنسانية نمت ، فأثمرت :
الورد ، و العطاء ، و الخير ، الجمال ، و الرقة ، و العذوبة ، و الرومانسية ، و العطر ، فبالحب تتراجع الحروب ، و التشنج ، و الإرهاب ، و الظلم ، و التعدي ..
• الجيرة الحسنة أوصى النبي ص بالجار حتى ظن أنه سيورثه ـ فتقوى بذلك علاقات الساكنين في الشارع ، و تتآلف الشوارع ، و تتصادق المدن ، و تتعاون المقاطعات و الأنحاء ، لتؤلف المجتمع المتصالح المتساوي المتحاب...
• الزواج : صحيح أن المادة 16 من من الإعلان نصت على أن للرجل و المرأة حق التزوج و تأسيس أسرة ، و هما متساويان في الحقوق لدى التزوج و خلال قيام الزوجية و لدى إنحلاله... 
و لكن لم ينص الإعلان ( و لا التوصية التي أصدرتها الجمعية العامة 
للأمم المتحدة في قرارها 2018 في الأول من نوفمبر تشرين الثاني 1965) على مفهوم " حسن التبعل" ، و إظهار الود من الرجل و المرأة
و الرضا ، و حسن السيرة ، و المعاملة الراقية ، و الإهداء ، و المشاركة الوجدانية ، و الحنو ، و الإلتحام الروحي ، و إبداء المودة ، و التقارب الحسي ، و مراعاة الحاجة الجنسية .... ، و غيرها من حقوق الزوجين لبعضهما ... لبناء الأسرة و إنشاء جيل قادم مستقيم...
• و حقوق الطفل حيث نص المبدأ الثالث من حقوق الطفل الصادر عام 1974 على ( ان يكون له إسم وجنسية)
و لكن الإسلام أوصى ان يكون له إسم محبب و هو من حق الولد على الوالد عنوانا للإرتقاء ، و الحب ، و المساواة مع الأطفال الآخرين
و الكبار فيما بعد ، و للأسماء في الإسلام معان ليست موجودة في كثير من الشعوب ، و هناك أسماء عند الأمم لا معان لها بينما في الأسلام تمثل الأسماء معاني جميلة : محمد، باقر، علي ، صاحب منتظر..... صادق جعفر... تعطي معاني الإخلاص و المودة...
• الحقوق الإقتصادية : لم يحرم الإعلان إحتكار الشركات العملاقة للبضائع و السلع و لا زيادة الأسعار التي هي من حقوق المواطنين و خاصة الفقراء منهم و هم الأكثرية في كل بلد...
• و في رسالة الحقـــــــــــــــــــــــــــــــــوق للإمام زين العابدين علي بن الحسين ع التي تتضمن (50) بندا حقوق كثيرة أوردها الإمام
• منها : حق البصر ، و السمع ، و اليد ، و حق المجتمع ، و الإخوان
• و الجيران ، حق المعلم ، حق الأم ، حق الأخ ، حق الصاحب و الصديق ، حق الإنسان أي إنسان أن تلين له جانبك و تفتح له سمعك
• حق أهل الذمة : و قد قال الرسول الكريم محمد ص 
من ظلم معاهدا كنت خصمه .... فاتق فيهم ، أي أن الرسول سوف يكون مع المعاهد ضد المسلم !!
• حق الخصم أن تكون مع خصمك ضد نفسك ، إن كان إدعاؤه صحيحا ....
• وحتى الموتى : فإن لهم حقوقا في الإسلام ، فحق الميت كحق الحي : يجب إحترامه إلى درجة أن يرفع عند التشييع الى مستوى الرأس أو أعلى ، و ان يذكر بالخير ( أذكروا محاسن موتاكم)
و يترحم عليه ، و عدم دفنه بالمزابل أو الطريق العام ، و أن ينقل إلى مثواه الأخير بكل أدب و احترام ، و ان يُخلد إسمهُ ، و ان لا يُزال قبره ، و لا يدمر، و يحافظ على بنائه ، و ضرورة تجديده ، و يستحب زيارته
و اكثر من ذلك يستحب ان يشارك الحاضرون في دفنه ....
و مواساة عائلته و السلام عليهم ، وإظهار الحزن عليه مشاركة لهم
* و هناك حقوق كثيرة لا مجال لذكرها في هذه المحاضرة ....
الخلاصة و التوصية
على المسلمين عامة و الشيعة خاصة أن يهتموا بموضوع حقوق الإنسان فهو العنوان الرائج المستحب بين الشعوب للدفاع عن المضطهدين و المعذبين ـ إذا أرادوا الإلتحاق بالركب العالمي- و ان ينشروا مباديء حقوق الإنسان التي جاء بها الإسلام ، والإمام علي ، والإمام زين العابدين
، فربما سوف يتعرضون للمساءلة و العقاب لتقصيرهم الفضيع في هذا الجانب ، و ربما يطول بقاؤهم متخلفين عن ركب الحضارة الإنسانية السائرة نحو الرقي ... 
د.صاحب الحكيم لندن ، مقرر حقوق الإنسان في العراق ، عضو مجلس حقوق الإنسان الأمم المتحدة جنيف كانون الأول ديسمبر 2018


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صاحب جواد الحكيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/12



كتابة تعليق لموضوع : الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر كانون الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net