صفحة الكاتب : حامد شهاب

وداعا للفلسفة.. وداعا للفكر!!
حامد شهاب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كان الفلاسفة ، منذ أقدم العصور ، يعدون من أرقى الناس ، بل هم صفوة المجتمع وخلاصة عصارته الناضجة الأصيلة ، وهم من تهتدي اليهم البشرية ، حتى في أوج تصارعهم الفلسفي والفكري والقيمي !!

كان فلاسفة القرون التي مضت ، منارات علم ومعرفة شاملة لكل العلوم، وهم منظرو الأمم وتاج فكرها ، وهم من يؤسسون لنظريات الحكم والدولة وكل شؤون الدنيا وعلومها ، وبهم تتفاخر الأمم والدول ، كونهم أعلامها الشامخة ، وربما تفوق أهميتهم سلاطين الدنيا، إن لم يكن الكثيرون منهم في مراتب تتفوق على مراتب السلاطين!!

وقد إنتعشت مختلف الحضارات الإنسانية قبل الإسلام وخلاله وما بعده ، وحتى الى عقود خلت، مكانة الفلاسفة ، وهم من أسهموا في تطوير أفكار البشرية ورقيها، وهم من وضعوا لها قوانينها ، وأصول الحكم، وكيف يكون شكل المادة وعلاقتها بالروح، ووضعوا خريطة طريق للعلاقة بين الفكر والمادة ، وكيف تكون الأسبقية ، حتى ليخيل الى الأجيال التي مضت أن عهدا من التنوير والثورة الفكرية قد أنارت طريقهم ورفعت من شأنهم ، عندما تبنوا أفكارها ورؤاها وتتلمذوا عليها ، حتى أصبحت خريطة طريق للكثيرين منهم، وكانت تعد من وجهة نظرهم كنز الكنوز، وكل يدافع عن وجهة نظره التي يؤمن بها أو ينتمي الى مدرستها ، وكل له قواعده وأصوله التي يختلف فيها عن الآخر، ويضع الدلائل والشواهد التي تثبت النظرية التي يؤمن بها ، كل حسب قناعاته وما يعتقد أنه هو الأصح ، وحسب مقتضيات التطور البشري والإنساني ، على مدى عصور التاريخ!!

وحتى حين تعرض (البعض) منهم لظلم السلاطين والحاقدين من نظرائهم، ووشاية البعض بهم ، وأحرق البعض منهم ظلما وعدوانا، أو أحرقت كتبهم، فأن كل هذا لم يمنع تطور الفلسفة ، إن لم يكن قد سار بها الى آفاقها الرحبة ، قدما الى الأمام !!

أما في أعوامنا الحالية، فقد إختفى وهج الفلسفة ، ولم تعد هناك من نظريات فلسفية نهتدي اليها او تهتدي اليها الأجيال، وبقيت تلك الأجيال تعيش حالة جدب فكري، وجهل فاضح بأبسط أمور الحياة، وطغت الأمور المادية على كل تفكير ، وتعرضت أخلاقيات الأمم ونظريات افكار قادتها الى تراث من الماضي لم يجد من يقلب صفحاته، واصبح العزوف عن الفلسفة حالة تعبر عن تدهور الأمم والشعوب وغلبة الإمبراطوريات الحاكمة وفق مبدأ السيطرة الشاملة ، التي لم تترك للآخرين الا الفتات والقهر والاذلال وإنعدام المكانة!!

إنه عصر وداع الفلسفة ، وتلاشي الأفكار وتحطم القيم وإنهيار النظريات والنظم السياسية والمثل العليا ، يوم تخلت الأجيال عنها لصالح طغيان التفكير المادي، حتى أصبحت الفلسفة للأسف الشديد وكأنها من ذكريات الماضي ، وهجرتها الاجيال الحالية الى غير رجعة!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حامد شهاب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/16



كتابة تعليق لموضوع : وداعا للفلسفة.. وداعا للفكر!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net