صفحة الكاتب : علي علي

فوز على حطام السقوط
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   تتصدر نشرات أخبارنا عادة، أنباء عن فوز شريحة أو فئة من العراقيين في إحدى الجوائز العالمية، كذلك نسمع بين حين وآخر تفوق مؤسسة تابعة للدولة العراقية على مثيلات لها، في استطلاع او استبيان او دراسة عالمية، لعل أقربها تفوق مؤسسة العراق العسكرية، والمتمثلة بالجيش العراقي على نظرائها من باقي الدول.

 وهذا قطعا لم يأتِ من فراغ أو محض مصادفة، ففوز العراق والعراقيين ليس بجديد عليهم سواء داخل العراق أم خارجه!. ولو أعددنا قائمة الصدارات التي تبوأها العراق بين الأمم لجفت أقلامنا عن تعدادها. وليس ببعيد عنا فوز بغداد كعاصمة للثقافة، إذ لم يكن غريبا فوزها من بين العواصم العربية في الثقافة، ولِمَ لا وهي حاضرة الدنيا التي تغنى بها الشعراء منذ القدم، وكتب عنها السواح والزوار والقاصدون اليها من فيافي الأرض؛ مشرقها ومغربها. وصدارتها ليست في الثقافة فحسب، فمن تصفح تاريخها كشف تصدرها باقي مرافئ الحياة من علوم وفنون، ولعلمائها قصب السبق في ابتكارات واختراعات وجدت صداها في دول الغرب فتلقفوها لتكون نهجا انتهجوه ودروسا للأجيال، فكانت أساس صناعات حديثة وتكنولوجيا متطورة ناطحوا بها السحاب.

  ولكن غصة تبقى عالقة على منصات أفراحنا، أراها تأكل من جرف سعادتنا، فمدينة مثل بغداد لاقت الويلات تلو الويلات من تدخلات حكام من خارج حدودها، ناهيك عن ضعف إدارة وقلة حنكة وسوء تدبير، من حكام بداخلها توالوا على حكمها فعاثوا فيها فسادا وخلفوا دمارا وخرابا. ولعل تكرار تدهورها له مرارة تلذع ذائقة كل عراقي شريف، إذ يذكرنا التاريخ بعبارة (سقوط بغداد) أكثر من مرة في تأريخها، حيث سقطت في يوم الأحد 4 صفر 656 هجرية الموافق 10 فبراير 1258 ميلادية علي يد هولاكو. وفي عام 1831 سقطت بأيدي الجيش العثماني بعد مايقارب 82 عاما من سيطرة المماليك لها. وفي يوم الأحد 11 مارس 1917, سقطت بعد سلسلة من الانتصارات في يد الجيش البريطاني خلال القتال مع الاتراك العثمانيين في الحرب العالمية الأولى. وأخيرا وليته يكون الآخر، كان سقوطها يوم الأربعاء 9 أبريل 2003 بعد أن تمكنت القوات الأمريكية من التقدم فيها. وإنه لمن المؤلم حقا بعد أن كان الشاعر علي الجارم يقول فيها:

بغداد يابلد الرشيد    

ومنارة المجد التليد
يابسمة لما تزل
زهراء في ثغر الخلود
باتت يقول فيها شاعر آخر:
بــغدادُ يـا بــغدادُ يــا بلـد الـرشيد
ذبحوك يا أخـتـاه مـن حبل الوريد
جـعلوكِ يــا أخـتـاه أرخـص سـلعة
باعوكِ يا بـغدادُ فـي سوق العبيد
زهــدوا بـدجـلةَ والـفرات وعـرضهم
باعوك فـي الحاناتِ بالثمن الزهيد
وعـــدوا بـتـحـرير الــعـراق وأهـلــه
وعدوك يا بغـداد بـالعيش الرغيد
ويـــــلٌ لـبـغــــداد العراق وأهـلهـا
فهولاكو في بغداد يولد من جديد

أوليس حريا ببغداد أن تثأر لماضيها ومجدها وتنهض من جديد؟

أما آن لها أن تزهو بحلة جديدة وتستبدل عبارة السقوط المريرة، بعبارات تفعم بالحيوية والتقدم والتحضر والازدهار، وهي أهل لذلك؟.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/16



كتابة تعليق لموضوع : فوز على حطام السقوط
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net