صفحة الكاتب : عبد الزهره المير طه

لماذا اختلفت الاقوال في تأريخ شهادة الصديقة الزهراء (ع) ؟
عبد الزهره المير طه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن من أسباب تعدد مواسم احياء ذكرى وفاة مولاتنا فاطمة الزهراء (ع) هو تعدد الروايات الكثيرة التي ذكرها المسلمون شيعةً وسُنة، وقد حصر الزنجاني الخوئيني في موسوعته الكبرى عن فاطمة الزهراء (ع) الأقوال التي ذكرت شهادتها في احد وعشرون قولاً وذكرهم عن قرابة (600) ( ج15،ص33). والذي اشتهر بين شيعة أهل البيت (عليهم السلام) هي ثلاثة أقوال : ١) القول الأول: الثامن من ربيع الآخر، أي أنها (سلام الله عليها) استشهدت بعد رحيل أبيها بـ (٤٠) يوماً، وقد ورد هذا القول في (54) مصدراً، ومنها ما نقله المسعودي في كتابه ( مروج الذهب ). ٢) القول الثاني: الثالث عشر من جمادى الأولى، أي أنها استشهدت بعد رحيل النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) بـ (٧٥) يوماً، وقد ورد هذا القول في (108) مصدراً، وهذا ما رواه الشيخ الكليني (قدس سره) في كتابه ( الكافـي )، والشيخ المفيد (قدس سره) في كتابه ( الإختصاص )، وابن شهر آشوب في كتابه ( المناقب )، عن الإمام الصادق (عليه السلام): ” أنها عاشت بعد أبيها 75 يوماً “. ٣) القول الثالث: يوم الثالث من جمادى الآخرة، أي أنها (ع) استشهدت بعد رحيل أبيها (ص) بـ (٩٥) يوماً، وهذا القول ورد في (72) مصدراً. وهذه الأقوال الثلاثة من الروايات هي الأقرب للواقع من أصل (21) قولاً. وقد يقال لماذا هذا الإختلاف في تحديد اليوم ؟ يرى الباحثون صعوبة تحديد التاريخ يأتي من الروايات المختلفة والمتعددة في توقيت شهادتها ( ع )، وإلى اختلاف نسخ الروايات، لاسباب كثيره منها : 1- التواريخ كلها كانت من المسموعات في تلك الأزمنة ولم تكن تدون أولاً بأول ، إلا نادرا ومن الطبيعي أن هذه المسموعات تتعرض للنسيان مع مرور الأزمنة. 2- أن التدوين جاء متأخر في التاريخ الإسلامي، وشهادة مولاتنا فاطمة (ع) في صدر الإسلام الأول أي قبل ظهور التدوين في القرن الثاني. 3- أن منشأ الإختلاف بسبب الأحداث التي رافقت رحيل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وما جرى من أحداث كبيرة وخطيرة، فكانت المدة مبهمة في مرضها حتى شهادتها، وربما هناك تعتيم إعلامي من قبل السلطات . 4- الإختلاف في التواريخ غير محصور في شهادة السيدة الزهراء عليها السلام ، بل نجد ان تاريخ ميلاد او شهادة معظم اهل بيت العصمة صلوات الله عليهم فيها إختلاف بالأيام ولكن عادة يقوم اتباع اهل البيت بإحياء المناسبات وفقاً للمشهور 5- كان هناك صعوبة على القاعدة الشعبية من التواصل مع اهل البيت عليهم السلام نتيجة العزلة التي فرضتها السلطات الظالمة على الأئمة عليهم السلام. فلم يكن من السهل تدوين الحديث او نقله نتيجة عامل التقية الذي كان في اعلى الدرجات في ذلك العصر وبسبب ذلك نجد الإختلاف في التواريخ بشكل عام وحتى في بعض الروايات المتعلقة بالجانب الفقهي. وهذا لا يعني ان التضارب واقع في كلام اهل البيت عليهم السلام بل الإختلاف من الرواة والنسخ. 6- كثرة الأقوال في شهادة الصديقة الكبرى عليها السلام مع وحدة السبب دليل على مظلوميتها بوجه المشككين, فلو كانت المسألة غير ثابتة لما ذكرت بهذا العدد الكبير وعلى لسان كبار الطائفة ونحن وإن كنا نقتصر في ايامنا الحالية على إحياء ثلاثة مناسبات في ذكرى الشهادة . 7 بالرغم من إختلاف تواريخ شهادة بعض الأئمة عليهم السلام إلا انه عادة يقام العزاء وفقاً للرواية المشهورة والمجبورة. اما في شهادة الزهراء سلام الله عليها فإن الإحياء يكون في ثلاثة ايام على مدار شهرين تقريباً وهذا من بعض اسرار الحوراء الإنسية عليها السلام إذ يجتمع محبوها ليعقدوا الآلاف من مجالس العزاء والمآتم على مدى شهرين ويطعمون الطعام في يوم شهادتها بكل سخاء ، ويرقى الخطباء المنابر ، ويتحدثون عن السيدة الزهراء (عليها السلام) وعن جوانب حياتها الزاخرة بالفضائل ، والمناقب ، والمواقف المشرِّفة ، ويختمون كلامهم بذكر بعض مصائبها وآلامها التي جرت عليها بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله). وقد يقال لماذا يذكر ابنائها المعصومون صلوات الله عليهم التاريخ الصحيح والمضبوط لشهادتها وانتقالها الى الرفيق الاعلى ؟ فهناك رأيان : أولهما: أن الأئمة (عليهم السلام) يعرفون قطعاً تاريخ وفاتها ولكن حدث الاختلاف في التاريخ من قبل الرواة وبالتالي يجب أن نخضع هذه الروايات إلى قواعد علم الحديث. ثانيهما: إن الأئمة (عليهم السلام) وان كانوا يعرفون تاريخ وفاتها ولكنهم لم ينصوا عليه بالقطع وتركوا هامش الاختلاف بين الرواة على حالة لغاية أخرى مساوقة لخفاء قبرها حتى يبقى ذكرها يتكرر في السنة عدة مرات ، وقد اختلفت الروايات في موضع قبرها : ١) منهم من روى أنها دفنت في البقيع، قيل بالقرب من دار عقيل بن أبي طالب، وقيل مع ابنها الإمام الحسن(عليه السلام). ٢) ومنهم من روى أنها دفنت بين قبر النبي ومنبره، لقوله (ص): ( بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ). وقد رواه الشيخ الصدوق في كتاب (معاني الأخبار)، وقال عن الرواية: لأن قبرها – أي الزهراء – بين القبر والمنبر . ٣) ومنهم من روى أنها دفنت في بيتها، فلما زاد بنو أمية في المسجد صارت من جملة المسجد. فقد قال السيد ابن طاووس: ( الظاهر أن ضريحها المقدس (ع) في بيتها المكّمل بالآيات والمعجزات، لأنها أوصت أن تدفن ليلاً ولا يصلي عليها من كانت هاجرة لهم إلى حين الممات، وقد ذكر حديث دفنها وستره عن الصحابة، البخاري ومسلم فيما شهدا أنه من صحيح الروايات ..ألخ ) اقبال الأعمال للسيد ابن طاووس ص ١١١. السلام على الصديقة المظلومة الشهيدة، المجهولة قدرا، والمدفونة سرا، والمخفية قبرا، أُم أبيها المُمتحنة فاطمة الزهراء عليها السلام ..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الزهره المير طه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/17



كتابة تعليق لموضوع : لماذا اختلفت الاقوال في تأريخ شهادة الصديقة الزهراء (ع) ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net