صفحة الكاتب : معتز علي

التقارب القطري الإيطالي ودوره في إحياء قضية ريجيني .. هل ينجح الحصار المضاد؟
معتز علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد نجاح التغطية الإعلامية للجزيرة في قضية خاشقجي .. هل عودة قضية ريجيني للأضواء مجددا مجرد صدفة؟

لماذا عادت إيطاليا فتح قضية ريجيني من جديد بعد مرور ما يقرب من ثلاث سنوات علي مقتله في ظروف غامضة، خصوصًا أنها أعادت السفير الإيطالي لمصر في صيف عام 2017، (بعد أن سحبته في وقت سابق)، وذلك بعد تقديم الجانب المصري لتنازلات للحكومة الإيطالية في ملفات الغاز، بما يشبه الرشوة السياسية، بالرغم من تباين المصالح في الملف الليبي.

الجديد في الأمر أن الانتخابات الإيطالية أوائل العام الحالي أسفرت عن تشكيل حكومة إيطالية يمينية في منتصف العام الحالي، والتي قامت بفتح قضية ريجيني من جديد، وكأن شيئًا لم يحدث، وأسرعت بمراسلة الجانب المصري الذي وعد بانتهاء التحقيق قبل نهاية عام 2018 وهو ما لم يحدث طبعًا، مما أدى إلي تصاعد وتيرة الأحداث بسرعة كبيرة من الجانب الإيطالي متمثلًا في رئيس البرلمان ووزير الخارجية الذي استدعي السفير المصري في روما لتوبيخه علي تعطل التحقيقات في القضية ومماطلة الجانب المصري.


الحكومة الإيطالية تصعد وحقيقة الدور القطري
التحركات الفجائية الإيطالية بدت وكأنها تستثمر قضية خاشقجي وما تركته من تأثير عالمي لمدة كبيرة في الإعلام العالمي، ويعتقد البعض أن الحكومة الجديدة ربما تريد نصيبها من المكاسب السياسية، خصوصًا في الملف الليبي، أو حصتها من عقود الأسلحة التي يمن بها الجانب المصري على ألمانيا وفرنسا، بتمويل سعودي إماراتي طبعًا.

إلا أن المدقق في الأمر يلاحظ تقارب قطري إيطالي في العديد من الملفات، فبعد حصار قطر في يونيو (حزيران) عام 2017، سارعت الخارجية القطرية لدراسة مصالح دول الحصار الأربع وكيفية إدارة حصار مضاد ضد مصالح تلك الدول، وكان الملف الليبي ضمن تلك الملفات.

حيث تعتمد الإستراتيجية الإماراتية والمصرية في ليبيا علي دعم جيش حفتر في بني غازي ضد حكومة الوفاق المعترف بها دوليا بسبب دعم الإخوان لتلك الحكومة، حيث يصر بن زايد على تصفية كل الحكومات العربية التي تحوي عناصر من الإخوان المسلمين، لما تراه بعض ممالك الخليج من أن وصول الإخوان للسلطة في عدة دول عربية قد يساعد في نشر موجة الربيع العربي لتلك الممالك الخليجية.

دعم فرنسي للإمارات ومصر
إستطاعت الإمارات ومصر في إقناع فرنسا بدعم جيش حفتر ضد حكومة الوفاق مقابل استحواذها على عقود استكشاف الغاز في الساحل الليبي الغني بالموارد النفطية، حيث يعتبر الاحتياطي الليبي أكبر احتياطي في أفريقيا.

فلقد شهدت السنوات القليلة السابقة طلب السيسي وبن زايد الدعم الفرنسي لحفتر في مواجهة الدعم الإيطالي لحكومة غرب ليبيا والمعترف بها دوليًا، حيث قام الجانب المصري بعقد صفقات شراء طائرات وقطع بحرية وقمر صناعي فرنسا بمليارات الدولارات، مقابل غض الطرف عن تقديم الدعم العسكري لحفتر، الذي نجح بضم أجزاء كبيرة من شرق وجنوب ليبيا، إلا أنه لا يزال بعيد عن غرب ليبيا حيث الكثافة السكانية الكبيرة.

وعلى النقيض كان الاستياء الإيطالي واضح بسبب رغبة الجانب الإيطالي في استمرار استحواذ شركة إيني علي مصادر الطاقة الليبية التي تستأثر بها منذ عام 1956، كما تعتمد إيطاليا علي الغاز الليبي اعتماد كبير، حيث يمد خط غاز التيار الأخضر إيطاليا بحوالي 15% لـ20% من إجمالي إستهلاك إيطاليا من الغاز، فضلًا عن رغبتها في استمرار اكتشافات الغاز في السواحل الليبية الغربية، خصوصًا في الحقول البحرية شمال طرابلس ومصراته.

قطر وإيطاليا تدعمان حكومة الوفاق
ومن جهة أخرى ترغب الحكومات الإيطالية المتعاقبة في وقف تدفق المهاجرين من السواحل الليبية الغربية القريبة من جزيرة صقلية الإيطالية، الأمر الذي دفع إيطاليا للتنسيق مع حكومة طرابلس في ملفي الغاز والمهاجرين، حيث يبدأ خط الغاز من غرب طرابلس، كما شمل التعاون تدريب خفر السواحل الليبية وإمدامها بزوارق حديثة.

وفي نفس السياق تدعم قطر حكومة طرابلس في حربها الدائرة مع حفتر حليف السيسي وبن زايد، عن طريق دعم واستمالة طرف أوروبي قوي (إيطاليا) ليدعمها ضد الدعم الفرنسي الأمريكي لمليشيات حفتر، حيث تحاول إيطاليا حماية استثماراتها في إيطاليا في الغاز والنفط ، حيث تستثمر شركة إيني ما يقارب 8 مليارات دولار في النفط والغاز الليبي.

الأمر الذي يشكل تناغم للمصالح القطرية الإيطالية، في مقابل أطماع فرنسا وشركتها توتال في الغاز الليبي.

حصار قطر والتحول الكبير
بعد فشل حصار قطر في يونيو 2017 ، قام الجانب القطري بتسريع التقارب مع الحكومة الإيطالية، حيث شهد شهر يوليو (تموز) 2017 تعاقد دولة قطر مع إيطاليا لتوريد 7 قطع بحرية مقابل خمسة مليارات يورو، بخلاف التعاقد علي 28 طائرة هليكوبتر إيطاليا بقيمة 3 مليارات يورو في مارس 2018

كما شهدت تلك الفترة إبرام عدة عقود بين قطر وإيطاليا في المجالات العسكرية وإدارة الموانئ.

إستثمارات قطر في إيطاليا
تمر إيطاليا بأزمة مالية كبيرة منذ عدة سنوات، حيث يصل الدين الحكومي لمستويات قياسية بلغت 133%، حيث تعتبر إيطاليا رابع أكبر دولة في العالم من حيث الديون، وفي ظل تلك التعثرات أتت صفقة الأسلحة الأيطالية لقطر ذات الـ8 مليار يورو، بالإضافة للاستثمارات القطرية في الاقتصاد الإيطالي لتشكل طوق نجاه لذلك الإقتصاد المتعثر.

حيث كشفت بعض الصحف عن استحواذ الدوحة علي حي بورتا نوفا للأعمال والذي يقدر بـ2 مليار يورور في أواخر عام 2015، كما إستحوزت قطر علي 49% من شركة طيران إيطاليا في سبتمبر (أيلول) 2017، في إطار التقارب مع إيطاليا ودعمها اقتصاديا كشريك إستراتيجي في الملف الليبي.

بالإضافة لمشاركة قطر لشركة إيني في حقل غاز ظهر مؤخرًا، حيث ساهمت قطر بنسبة 20% في شركة روسنفط والتي إشترت نسبه 30% من حقل ظهر.

قواعد عسكرية إيطالية في شمال ليبيا وتحذير لفرنسا
وفيما يعد تطور للحرب في ليبيا أكدت وزارة الداخلية التابعة للحكومة الليبية المؤقتة وجود قواعد عسكرية إيطالية في شمال غربي ليبيا، مضيفة أن روما تسعى للأمر نفسه في مدينة غات، جنوب البلاد.

وبحسب مراقبين فإن قطر تماس نوعًا من الضغوط علي حكومة الوفاق للموافقة علي إنشاء قاعدة عسكرية في جنوب البلاد لمنع تدفق المهاجرين إلي ليبيا، وهو ما أعلن عنه مؤخرا في يونيو الماضي.

وفي نفس السياق ذكرت صحيفة الجورنال الإيطالية اوائل يوليو 2018، أن وزيرة الدفاع الإيطالية، إليزابيتا ترينتا، حذرت نظيرتها الفرنسية، فلورنس بارلي، على هامش الاجتماع الوزاري بمقر الناتو في بروكسل من التوسع في ليبيا قائلة: لنكن واضحين.. القيادة في ليبيا لنا، وأفادت بأن العملية العسكرية المقبلة ستكون أيضاً لحماية الآبار التي تستثمرها مؤسسة الطاقة الإيطالية إيني والعاملين لديها في ليبيا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


معتز علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/12/20



كتابة تعليق لموضوع : التقارب القطري الإيطالي ودوره في إحياء قضية ريجيني .. هل ينجح الحصار المضاد؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net