بيان صادر عن ديوان الوقف السني بشأن الاحتفالات بمولد السيد المسيح عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
"وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ، ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ"
صدق الله العظيم
تابعنا بأسف عميق التصريحات المسيئة للأخوة المسيحيين من أبناء شعبنا العراقي الكريم في عيد ميلاد السيد المسيح عليه الصلاة والسلام، وهي تصريحات خارجة عن المعقول والمقبول والمألوف والمعروف ولا تمثل ديوان الوقف السني بجميع منابره وأفكاره وتوجهاته في ترسيخ الوحدة الوطنية، التي كان للأخوة المسيحيين السبق في وجودهم التاريخي على أرض الرافدين من خلال أبائهم الكلدان والآشوريّين، بحضارتنا التي علّمت أهل الأرض كيف يُمسكون قلماً ويتنفّسون هواء الحرية، البابلية والسومرية والأكدية والآشورية، وجنائنه المعلقة، وقصر الإمارة، ومسلة حمورابي، وأسد بابل، وملحمة جلجامش، وشارع الموكب، الذي عبرت فوقه خيول نبوخذ نصر وعربات البابليين.
بل أن مثل هذه التصريحات الهوجاء غير الموزونة ولا المقفاة ولا المنضبطة تعيدنا إلى خطاب الكراهية والتحريض والفتنة ورفض الآخر، ولا تمثل التعايش المشترك بين العراقيين بجميع شرائعهم قومياتهم وأطيافهم وطوائفهم ومذاهبهم، عربهم وكردهم وتركمانهم، شعب واحد تقاسم السرّاء والضرّاء منذ أن تشكلت هوية العراقيّ من الدم المنساب من ألوان الطيف كلها، يوم شقّت الأرض في العراق نخلة، فصارت حزمة الطيف أمتن من حزم العصيّ.
لسنا مستغربين من هذه التصريحات التي تصدر عن هؤلاء الأشخاص، فمثلما هم يُحرّمون علينا الاحتفال بمولد فخر الكائنات وسيّدها نبيّنا الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم نجدهم اليوم يُحرّمون الاحتفال بعيد السيد المسيح عليه السلام.
تاريخياً لا ننسى قصة عنقود العنب الذي قدمه عدّاس النصراني إلى نبيّنا محمد حين خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف، فكان ذلك العنقود مثالاً للمحبة والتسامح والتعايش المشترك على طوال الحقب والعصور.
ثمّ أَوَ لم يهاجر المسلون الأوائل بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت واتسع الظلم في كل مكان، ينشدون الأمن لدى النجاشي المسيحيّ ملك الحبشة؟!.
إننا في هذه اللحظة نود التذكير إلى أن الدين واحد وإن تعدّدت الشرائع الإسلامية والمسيحية واليهودية والصابئية بالنص القرآني الكريم، كما نود التذكير أن هنالك العديد من المسميات والعناوين التي ظهرت ما بعد الاحتلال لجهات وأفراد تدعي تمثيلها المذهبي والديني والشرعي لأهل السنّة والجماعة ، وهي تجمعات وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني خارجة عن الإطار الرسمي لديوان الوقف السني، وأن جميع ما يصدر عنها من بيانات وتصريحات ومواقف إنما تمثلها بشكل شخصي ولسنا معنيّين بها لا من بعيد ولا من قريب.
حفظ الله العراق وجعله بلداً آمنا، فهو اللوحة الجميلة من الزجاج المعشّق بألوان قوس قزح، إذا خلعوا منها قطعة واحدة تعرّضت اللوحة كلها إلى التشويه.
كل عام والعراق والعراقيون بخير وسلام.
كل عام وإخواننا المسيحيّون بألف خير وسلام.
                                                       الشيخ الدكتور 
                                  عبد اللطيف الهميم
                                    رئيس ديوان الوقف السني
بغداد في الثاني والعشرين من ربيع الاخر 1440 
الموافق التاسع والعشرون من كانون الأول 2018

الموضوع السابق حمودي يطالب عبد المهدي بكشف اعداد القوات الامريكية وصفاتها

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat