صفحة الكاتب : نادية مداني

جنون في قمة العقل
نادية مداني

أن تكتب معناه أن تضيع ... أن تنسحب معناه انحراف...            
عندما تحضن الكلمة تشعر بدفء ورعشة بصوت خافت يدعوك في سرية لتتمرد فتسبح ضد التيار تقاوم بقوة داخلية تدفعك للانطلاق..             .
تكبر في ذهنك علامة الاستفهام وتصبح بحجم  الكرة الأرضية, لما أكتب فالأرض كروية الشكل والسماء زرقاء والبشر أجناس...ينتشر الصمت في هواء المدرج الثقافي انتشار هذه الأسئلة الجدلية التي تدور في ذهني بسرعة وميض سحري، يملك لغة الحوار الذاتي ، ليجعل مني كائن هلامي أو مضغة عصفورية في رحم يغرد خارج السرب ، تجتاحني الأسئلة كفيض رؤى، تجعلني أقف وقفة المتردد التائه الذي يرسم طريقا للأمل بيد واليد الأخرى تملك ممحاة الكآبة وفي سكرة التفكير الفلسفي، يخترق أعماق سمعي صوت خلفي،لماذا جاؤوا اليوم ، نعم لماذا جاؤوا اليوم ، هل  هؤلاء يحسنون إغراء الكلمات واستدراجها...؟ هل يحلبون الكلمات من ضرع لا يسمن ولا يغني من جوع؟                                                                
لماذا جاؤوا هل هم  صيادوا  الكلمات أم تراهم ضاقوا مر الكلمات...لماذا جاء الشعراء لوطني، لمدينتي لمسقط رأسي ، لمنبع دموعي ، ليسمع  قصيدة كتبت من أجلهم... هل كانوا يدركون أنهم سيكونون سجناء الورق ، عبيد الحزن المكبوت ، ضحايا الموهبة وأنهم سيكونون تحت سلطة الكلمات، أليست كلمة شاعر معناها مسؤولية وأن مجموع كل الكلمات معناها القدر  فليس على     الكلمات سلطة على القدر                                                                                                                                                
هل نكتب لنكون ، أم نكتب لنهرب من واقعنا أم نكتب  لننتقم بطريقة     ماسوشية  من أقدارنا....
لماذا نكتب؟ هل لإرضاء رغبة جنونية وإلى أين نريد أن نصل, للشهرة؟ للمال؟ ليحس غيرنا بوجودنا...؟
اخترت الكلمات السهلة لأترجم أحزان غيري, لأن أغلب الحضور جمهور عادي لا يفهم إلا الكلمات  العادية  المباشرة... لما الغموض فانا لا أحب أن  أجعل الكلمات كالنساء ، من تجعل من الغموض لعبتها لتجعل من عاشقها سجين الكلمات اخترت أن أكون سجينة الورق ، ليكون  غيري سجين حريتي...لم أفقه شيئا في كلمات الشعراء  ، كانوا يحترفون  دس  الألغاز  في الأبيات ليجعلوا قارئيها مدمني الكلمات... ليصنعوا مجدهم من انفجار القوافي  على أرضية الخيال...لا يعلمون أنهم سقطوا في فخ الكلمات...وأن العزف على الحرف يحتاج لآلاف من النغمات....ليتركوا في ذهني صورة زخرفية معقدة النقوش كثيرة الألوان، حتى يخيل لك أنك في دعوة إجبارية لفك رموزها
عكس تلك الصورة الباهتة التي قرر فيها الأبيض الاعتزال، ليترك للأسود فرصة الظهور والتعبير بأكثر كلاسيكية ......
فعندما تتربع الكتب  وهي متلاصقة دار الثقافة في معرض متواضع،ويتربع التاريخ في جلسة تقليدية، زعم الأسود أنه السيد فيها، تاركا للأبيض بعض الفراغات لكي لا يمل القارئ لجاذبيتها الغامضة....حيث كان ترتيبها وتصنيفها بأنامل رجل في الستين ، راح يملي ثقافته العشوائية التاريخية على  الزوار، لم يكن يملك شهادة جامعية ، لكن التاريخ كان يظهر في ملامحه العريقة ، ببساطته كسائق سيارة لا تعطيه هيئة مثقف ، فهو يظهر للعيان  عامل بسيط لأن هندامه لا يوحي بالثراء، كان يلبس كتبه أناقته...وكان حريصا أن لا يلمسها أحد فبدت كعرائس مهرجان صنفت للفرجة فقط...لكن مجموعة من الطلاب الثانوية تجرؤوا وأخذوا كتابا ليس بفضول المطالعة ، كانوا  مضطرين لكتابة بحث بمناسبة أول نوفمبر ، قلق العم وغضب  وكان  أحد أولاده أخذ منه عنوة ...اقترحت عليه من باب  أن يستفيد القارئ من كتبه أن  يعرضها للكراء...فرفض بشدة وقال :سأورثها لأولادي ...وانهاستضيع وربما سيمزق أحدهم بعض الأوراق، فعذرته لعلمي التام انه يوجد بعض  من البشر لا يحترمون عذرية الكتاب...   
شكرت العم على معلوماته التاريخية وعلى بساطته في عرضها وثمنت مبادرته والتي كان هدفها خلق الحماس عند أحد الزوار ، ربما ليكون خلفا له ، تمنيت من أعماق  قلبي أن  تصل  رسالة العم وان  يكون جنوني في قمة العقل
 
وأن تسكن كلماتي صفحات كتب،ويسكن صدى أوجاعها شغف قلوب قارئيها لا ذاكرتهم المعلبة....وان تلملم أوراقي دموعهم، وتطلق سراح أحزانهم المسجونة بين طيات الجنون المغلف وتصحو عيون الحيارى، لترى بعيون العقل أسرار الحكمة التي روضها الجنون حين وصل إلى ذروة غليانه، فذابت عبراتها كلماتا،كسيف قاطع يفصل بين لغة العقل ولغة الوهم المستبد......
انتهت حفلة أول  نوفمبر واندلعت الحرائق بداخلي، تعلن عن ثورة فكرية،قد  تدوم أكثر من سبع سنين ونصف، لأني أعلنتها حربا حتى أغتال ليحيا الشعر...لأنها كانت من البداية مؤامرة حرب أولئك بوهم هؤلاء ...لاغتيال مصطلح.   


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نادية مداني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/07



كتابة تعليق لموضوع : جنون في قمة العقل
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net