صفحة الكاتب : كريم عرفان

 حركة التصحيح والتجديد  والإبتكار في الأدب العربي   لجنة الذرائعية للنشر
كريم عرفان

 جاءت الذرائعية لتعيد الإعتبار للنص الأدبى وتعلى رايته وتبين أن هناك قوانين خاصة يجب أن يخضع لها النص ؛ فالنص الأدبى العربى له " كود" خاص وتقنين يعتمد عليه ..فى تجنيسه ؛ومعرفة ظاهره وباطنه ؛ وإخراج مخبوءاته بما لا يحطمه أو يصدعه .
فالذرائعية منهج وسطى يقف بجانب النص ظاهرا وباطنا ؛ فالمنهج الذرائعى لا يجمد على الظاهر فلا يرى للنص باطنا وخبيئة وفى نفس الوقت لا يلهث وراء معان لا نهائية تفضي إلى العدم. 
على العكس تماما من التفكيكية التي حملت راية التشكيك في النص الأدبى فشككت في منطقه وانتظام شكله واتساق معانيه وعطلت قوانينه 
فالذرائعية انطلقت من من منطلق واحد هو إحترام النص الادبى شكلا ومضمونا ظاهرا وباطنا و حافظت على الإطار الجمالى الذى وضع فيه النص الأدبى ..

لذلك نجد الناقد الذرائعي يؤمن " بالتحليل الذرائعي" متجاوزًا التحليل السيمانتيكي المعجمي, هذا التحليل الذرائعي -هو مصطلح هام في عالم الذرائعية- يتناول المعاني المخبوءة التي يحتويها النص , والتي قد يكون الكاتب نفسه لا يدير لها بالًا, ويكتفي الناقد الذرائعي بقدر معين من هذا التحليل تاركًا لغيره من النقاد أو المتلقين اصطياد الباقي, وهذا المصطلح هو الذى عصم الناقد الذرائعى من الوقوع فى الفخ الذى نصبه دريدا الذى نادى بالتفكيك المستمر للنص وهذا التفكيك من شأنه :-
أولا : كسر القشرة الجمالية للنص -والتي أطلق عليها دريدا السطح اللامع للنص – فالنص العربى -كما بينت الذرائعية- يهتم بالجمال الظاهرى ولا يهمله ويزينه بألوان من الجماليات اتسم بها اللسان العربى بما احتواه من بلاغة وبيان ومحسنات بديعية وافتقدته اللغات الأخرى

ثانيا : السعي وراء معانى لا نهاية لها فالتفكيكية تستمر في تفكيك النص تفكيكا مستمرا فتبدأ بتكسير السطح اللامع للنص الادبى لكى تبلغ أعماقه المعتمة التي لا يبوح بها ؛ فالنص حسبما يرى دريدا يحتوى على تناقضات وصراعات وشروخ عديدة يجعل النص قابلا لتفسيرات وتأويلات لا نهاية لها ..فدريدا قد أخذ معوله وسارع في تهديم النص الأدبى .

وما فعله دريدا لا يشى إلا بشىء واحد هو عدم استيعابه النص وإحاطته به وملأ يديه منه " فالناقد المبصر بمجريات النص الداخلية وملاحقة حلقات الأفكار المتصلة فيما بينها بالتحليل واللهاث خلف الرموز واللأفكار المتعاقبة والمكملة لبعضها فيسلك سلوك صياد اللؤلؤ كلما غاص عميقا كان صيده وفيرا و دسما "(1)
فالذرائعى يكتفى بأن يغوص في النص الأدبى الذى أمامه بقدر وعمق معين لا يتعداه ؛ فهو كالغواص المتمكن يقدر المسافات ولا يتجاوزها لئلا يغرق في بحر النص ويضيع منه النص بجماله الظاهرى ومعانيه المخبوءة نتيجة اقتحامه وجرأته الزائدة ..فلا يحصل إلا على سراب 
أما الشىء الذى التبس على دريدا وسماه بالتناقض فهو ما عرفته الذرائعية وسمته 
" الأفكار المتدرجة " -وهو مصطلح آخر هام في عالم الذرائعية – والتي لا تفضى إلى التناقض كما يظن دريدا ؛ فدريدا قد غرق في بحر النص ولم يحسن السباحة أو الغوص فالذى ظنه تناقضا هو " تلاحق نصى يسير بين مسلكين متوازيين وحبكتين :- 
الحبكة الأولى : إخبار صريح 
الحبكة الثانية : دلالية مخبوءة 
وهو مالم يعيه دريدا فقام بكسر التوازى بين الحبكتين فقاده ذلك إلى التصادم فيما بينهما فسمى ذلك تناقضا ."(2)
فدريدا استمر بتحليل الجزئيات النصية حتى قاده ذلك إلى الخروج من النص نحو صحراء العدم ولم يحصل في النهاية على شيء سوى اللاشى ء واللامعنى .

هامش :-

(1) "الذرائعية في التطبيق في تحليل النص الأدبى العربى" تأليف المنظر العراقى و العلامة الأستاذ / عبد الرزاق عودة الغالبى ؛مرفق بدراسات تطبيقية في ذرائعية النقد للأديبة والناقدة السورية الدكتورة / عبير خالد يحيى . .ص 196
(2) " الذرائعية في التطبيق " ص 197
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم عرفان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/01/22



كتابة تعليق لموضوع :  حركة التصحيح والتجديد  والإبتكار في الأدب العربي   لجنة الذرائعية للنشر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net