العتبة العلوية تقيم مهرجانها السنوي بمناسبة ولادة الامام علي ( ع )

أقامت الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة مهرجانها السنوي احتفاءً بالولادة العطرة لسيد الأوصياء وإمام المتقين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام )، وذلك في احتفالية متميزة أقيمت في رحاب الصحن الحيدري الشريف، بحضور الأمين العام للعتبة العلوية المقدسة المهندس يوسف الشيخ راضي ونائبه رضوان صاحب رضا وأعضاء مجلس إدارة العتبة المقدسة، ومسؤولي وممثلي العتبات المقدسة والمزارات الشريفة، مع حضور رسمي وعلمائي ومجتمعي واسع.

استهلت فعاليات المهرجان بقراءة آي من الذكر الحكيم تلاها على أسماع الحاضرين السيد هاني الموسوي ، المنتسب في دار القرآن الكريم .

ثم كانت كلمة الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة ألقاها رضوان صاحب رضا ، قال فيها  :

سادتي الأكارم سلام من الله ورحمته وبركاته عليكم .

نرحب بكم ونبارك لكم في هذه الليلة المباركة محفوفة بأجمل التهاني وأصدق الأماني والتي نرفعها الى مقام ولي الله الأعظم روحي وأرواح العالمي لمقدمه الفداء الإمام الحجة بن الحسن المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف)، والى مراجعنا وعلمائنا الأعلام والى كافة الشعوب الإسلامية، بذكرى مناسبة مولد النور المبين وإمام المتقين الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم ومنارة الهدى وإمام الأولياء أمير المؤمنين علي ( عليه السلام) ، داعين المولى القدير أن يعيدها عليكم باليمن والأمان والخير والوئام في كل سنة وفي كل عام ببركة الصلاة على محمد وآل محمد .

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام): يا علي  ما عرف الله إلا أنا وأنت ، وما عرفني إلا الله وأنت ، وما عرفك إلا الله وأنا .

ماذا عساي أن أقول في ذكرى ولادة إمام الكلام والفصاحة وإمام الشجاعة والحكمة وإمام الإنصاف والعدالة ، فمهما نقول فالحديث قاصر ، واللسان عاجز، لأنه البحر الزاخر والموجه الهادر ، والعلم الدافق والعطاء الغزير والعظمة التي هي امتداد طبيعي لعظمة سيد الخلق ، لذا إن الكلام عنه صلوات الله عليه يُعد أمراً صعباً ومشكلاً في نفس الوقت ، فمن يا ترى يدعي بأنه إن أراد الكلام عنه ( عليه السلام ) يمكنه الاحاطة بجوانب حياته وسلوكه وعلمه وجهاده واجتهاده .

هذه الشخصية العظيمة التي جمعت فيها الاضداد حتى قيل فيه ( سلام الله عليه ) :

جمعت في صفتك الأضداد    فلهذا عزت لك الأنداد

زاهد حاكم حليم شجاع        ناسك فاتك فقير جواد

شيّم ما جمعت في بشر قط    ولا حاز مثلهن العباد

فلهذا فهو عملاق العقل والقلب والضمير الذي اخترق بعبقريته حدود كل زمان ومكان ، لذا وصف بأنه (عظيم العظماء نسخة مفردة لم يَر الشرق ولا الغرب صورة طبق الأصل لا قديماً ولا حديثاً).

فشخصيته سلام الله عليه  وفكره وسيرته ومسيرته تشكل عنواناً محورياً للتقارب وانطلاقة وحدوية مطلقة مارسها الإمام ( عليه السلام) بإشراق روحيّ وعدالة اجتماعية وكمالية انسانية .

فلو مررنا على شئ من شذرات حياته (صلوات الله وسلامه عليه ) نجد أن الله سبحانه وتعالى قد خلقه في هذه الدنيا بأشرف بيتٍ وهي الكعبة المشرفة ، فهو الوحيد من جميع عباد الله منذُ أن بنى ابراهيم الخليل (عليه السلام)  البيت العتيق إلى يومنا هذا لم يولد أحد في هذا البيت ، لذا فهي منقبة لم نسمع بمثلها لنبي ولا لرسول ، فنرى إن الولادة ربانية والتدبير رحماني الذي اختص به الباري عزوجل أمير المؤمنين ماهو الا سرٌ إلهي متعلق به دون غيره وعندما نأتي إلى أهم محطة من محطات حياته الشريفة ألا وهي ، خلافته فنجد إنها لم تكن تعني له شيئاً أمام عزة نفسه وكرامته ومبادئه ولهذا عندما دخل عليه ابن عباس وهو يخصفُ نعله فقال عليه السلام له : ما قيمة هذا النعل ، فقال لا قيمه لها : فقال عليه السلام : والله : لهي أحب إليّ من إمرتكم إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً).

لذا أعطى لنا المثل الأعلى للحاكم العادل المنصف الذي تهمه أمته وشعبه ورضا الله ورسوله والتعلق بكتابه ، فلم يكن يستغل مكانته وقرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لتحقيق مآربه الشخصية وغاياته الخاصة، إذ رسم (عليه السلام) لنا الطريق والمنهج الذي يجب أن يسلكه القائد الفذ والحاكم العدل.

فاعتبر أن الإمام والقائد ومن يعيش بين أبناء أمته يشاركها آلامها وآمالها وأفراحها وأحزانها ، لا أن يعيش في برجه العاجي ملكاً بين الملوك ، أو سلطاناً بين السلاطين ليتطلع من أعلى ولا يعرف ماذا يجري في الأدنى ، وكان يقول (سلام الله عليه) ( أأقنع من نفسي بأن يقال هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش ، فما خُلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها )

 فما أعظمك يا أمير المؤمنين .. فكان ( سلام الله عليه ) يؤسس على أن تكون الرعية عند الوالي سواء ، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والإيمان والدفاع عن الحق والدين الحنيف.

وكان أخيراً وليس آخراً يدعو إلى التواصل والتباذل ويحذر من التنازع والتنافر ويحث على المعروف وينهى عن المنكر ، فما أحوجنا اليوم من أن نرجع إليه وإلى مبادئه وسيرته العطرة ونهجه النيّر لنستمد منه كل هذا ألق إلهي والفيض الرباني الذي يفتح لنا الطريق إلى بيئة ملؤها العدل والانصاف والحياة الهانئة الكريمة .

سلام عليك يا مولاي يا أمير المؤمنين يوم ولدت في بيت الله ويوم استشهدت في محراب الله ويوم تبعث حيا.

وفي الختام نسأل الله العلي العظيم بحق صاحب الذكرى أن يوفقنا وإياكم لخدمته ودوام زيارته في الدنيا ونيل شفاعته  ورؤيته في الآخرة ،إنه نعم السميع ونعم المجيب .

وآخر ما ندعو ( أن الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة على محمد وآله الميامين ) .

ثم كان الدور لفرقة إنشاد العتبة المقدسة في نخبة عطرة من المواشيح والأناشيد الولائية في حب أمير المؤمنين ( عليه السلام).

ثم جاء الدور لأصحاب الكلمة والشعر ،  في قصائد ولائية متميزة، كانت القصيدة الأولى للدكتور عبد الهادي الحكيم ثم الشاعر الدكتور عادل البصيصي ، تلاه الشاعر السيد العلوي الغريفي من البحرين ، وبعده الشاعر عقيل اللواتي من عمان ، ثم مهدي جناح الكاظمي من العاصمة بغداد.

وتضمن الحفل الإعلان عن الفائز في مسابقة ( نشيد العتبة العلوية) وهو المنتسب سجاد الفحام ، من فرقة إنشاد العتبة  المقدسة .

واختتمت فعاليات المهرجان بتقديم الدروع والهدايا التقديرية للشعراء والمشاركين في المهرجان  العلوي . 

من جهة أخرى أقامت شُعبة إحياء التراث الفكري بقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العلوية المقدسة ندوة فكرية حول الجهود الفكرية من تأليفات وأبحاث سماحة العلامة الراحل الشيخ باقر شريف القرشي، في شخصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وذلك احتفاء بمولده ( عليه السلام ) بحضور نائب الأمين العام رضوان صاحب ونجل العلامة سماحة الشيخ مهدي القرشي وذوي الفقيد وعدد من فضلاء الحوزة العلمية وأستاذتها وذلك على قاعة عمار بن ياسر في دار ضيافة الإمام الحسن ( عليه السلام ) .

وحاضر في الندوة السيد نبأ الحمامي الذي تحدث عن دوافع ومنهج الشيخ القرشي في التأليف حول شخصية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مستهلا مقتطفات من حديث العلامة  حول بدايات التاريخ الإسلامي والوقائع التي تلت حياة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وأكد الحمامي إن منهج العلامة الراحل في الـتأليف وأسلوب الكتابة عن شخصية أمير المؤمنين (عليه السلام ) إبتنت على  الموضوعة والتجرد ، فضلا عن الموسوعية التي كان يتمتع بها العلامة والإلمام بجملة من العلوم كالتفسير والحديث والفقه والرجال  والانساب وانفتاحه على الكتب والمصادر الحديثة وما ردوده على ابن خلدون والعقاد الإ دليل ذلك .
وأوضح الحمامي " إن العلامة القرشي كان همه  الوصول الى الحقيقة بإسلوب عصري في إيصال المعلومه إلى القارئ مستفيدا من المنهج الأكاديمي في التبويب وغيره.

وفيما يتعلق بالدوافع التي دعت العلامة القرشي لدراسة شخصية أمير المؤمنين عليه السلام ينقل المحاضر عن الفقيد القرشي  احتياج الإنسانية إلى النموذج الأنساني الأفضل والمتمثل بأمير المؤمنين (عليه السلام ) ، فضلا عن عدم تصدي مؤرخي الشيعة لسيرة المعصومين بسبب التضييق عليهم . 
يذكر ان العلامة القرشي خصص 11 جزءا من موسوعته عن الأئمة المعصومين في سرد سيرة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تناول فيها عدله ومواقفه وآراءه في الحرية والتعليم التي جعلت منه رائدا وصوتا للعدالة الإنسانية في الإسلام.

وتأتي الندوة ضمن منهاج العتبة العلوية المقدسة للإحتفاء بمولد وليد الكعبة أمير المؤمنين عليه السلام في الثالث عشر من شهر رجب المرجب داخل الكعبة المشرفة .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/03/20



كتابة تعليق لموضوع : العتبة العلوية تقيم مهرجانها السنوي بمناسبة ولادة الامام علي ( ع )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net